موّال حلبي يبكي الملايين ويصل ألمانيا
٢٢ أبريل ٢٠١٣لم يعرف أعضاء لجنة التحكيم، في برنامج "عرب أيدول" للمواهب الغنائية الذي يبث على شاشة قناة إم بي سي، بماذا يعلقون، بعد أن فاجأهم أداء الشاب السوري والكلمات "الصادمة"، وهي تتحدث عن سوريا وعن المأساة فيها، بجمل قليلة كونت موالا قصيرا، قال عبد الكريم حمدان إنه كتب كلماته بنفسه، وإنه يهديه لوطنه سوريا:
"حلب يا نبع من الألم ... يمشي ببلادي
ويا كثر الدم اللي انسكب ... ببلادي
أنا ببكي ومن قلب محروق ... ع بلادي
وع ولادها اللي صاروا فيها تراب"
وما أن أنهى وصلته الغنائية التي استغرقت دقائق قليلة حتى وقف جمهور الأستوديو ولجنة التحكيم يصفقون، وانهالت عبارات الإطراء للكلمات والأداء معا.
النجاح الذي حققه حمدان يمكن قياسه بعدد مشاهدات وصلته الغنائية على موقع يوتيوب، حيث وصل عدد مشاهدي الفيديو إلى أكثر من 3.5 مليون مشاهدة، بعد أسبوع تقريبا من نشر الفيديو على الموقع.
معارك "فيسبوكية"
رغم أن الموال لم يكن سياسيا تماما، بل يحمل لمسة إنسانية تتألم على وضع حلب وسوريا عموما، ورغم أن عبد الكريم حمدان أكد بأنه لا يحمل أي موقف سياسي، ولا ينتمي إلى أي حزب أو طرف، إلا أن صفحات المواقع الالكترونية، سواء فيسبوك أو يوتيوب أو غيرها، لم تخلُ من جدل محتدم بين السوريين، حيث يرغب كل طرف –سواء معارضي نظام الرئيس السوري بشار الأسد أو مناصريه –في أن يكون حمدان بصفهم، وكثيرون طالبوه بأن يحدد موقفه، هل هو مع "النظام" أم مع "الثورة"، والبعض طالبه بأن "يغني للرئيس بشار الأسد ولجيش الوطن"، بالمقابل طلب منه بعض المعارضين، بأن يدع الغناء ويذهب للمعركة "لتحرير الوطن"، وتعليقات أخرى كثيرة. في المقابل كتب عبد الكريم حمدان أن صفحته هي "صفحة فنية هادفة لإيصال رسالة سلام لكل العالم وليس لها علاقة بأي جهة سياسية سواء أكانت معارضة أو مؤيدة".
ولكن الأمور لم تقف عند هذا الحد، بل وصل الأمر بأن تلقى حمدان تهديدات، أكدها في تصريحه لموقع قناة إم بي سي على الانترنت، ولكنه رفض ذكر الجهة التي هددت، مكتفياً بالشرح أنه "بغض النظر من أيّ جهة كانت التهديدات التي تلقيتها، لا يعنيني الموضوع. التهديدات جاءت على صفحتي على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رقمي الخاص من خلال رسائل".
ومن بين تلك التهديدات الواضحة، كانت صفحة مؤيدة للنظام السوري باسم "حلب الآن"، إذ كتب المشرفون عليها: "تنويه بخصوص المشترك عبد الكريم حمدان... بعد متابعة تامة لتفاصيل الحساب الشخصي للمذكور نود أن نطلعكم على ما يلي: تم التعرف على مكان سكن عبد الكريم حمدان وتم التعرف على والده وأخيه.. وأقولها لكم جميعا .. جميعنا استمعنا إلى صوته وأحببناه على أنه سوري أوصل إحساسنا بشكل ممتاز." وتابع القائمون على الصفحة بالقول: "وفي حال تفوه (حمدان) بحرف يسيء للدولة أمام الإعلام أو رفع علما غير العلم السوري ذو النجمتين نعدكم بأن مصيره سيكون الدهس في أي مكان يتواجد فيه".
وصفحات أخرى وضعت صورة قالت إنها تعود لشقيق عبد الكريم، الذي يقاتل في صفوف الجيش السوري الحر.
فيما علق قسم آخر من المتابعين بأن الأمر برمته لا يستحق كل هذا "الضجيج"، وأن ما تحتاجه سوريا حاليا أكبر من الغناء، وما فائدة الغناء وكثير من السوريين محرومين من التيار الكهربائي ولا يستطيعون بالتالي مشاهدة ما يُغنى لهم.
اهتمام عربي وأجنبي
موال حمدان لم يؤثر في السوريين فقط، بل تعداه إلى كل العالم العربي، حيث جاءت معظم التعليقات مشجعة لحمدان، ومؤكدة أن كلماته أثرت في الناس، ونجحت في إيصال رسالة حول خطورة الوضع في سوريا. فكتب شاب لبناني تغريدة على تويتر: "كتب كلام الموال و هداه لبلاده . يا ريت شي سياسي يعرف يحكي باسم بلاده متل ما عمل عبد الكريم".
تعليقات أخرى سخرت من اهتمام العرب بالأمر، ووجهت لهم اتهامات بالتقاعس عن مساعدة الشعب السوري، فكتب مستخدم آخر: "غريب ثم غريب موال واحد من واحد حرك وجدان العالم ومئات المواويل تطلق من أمهات ثكلى وأطفال رضع لا تُسمع".
صحف عربية كثيرة ومحطات تلفزيونية وإذاعية اهتمت بالأمر وغطته من غير جانب. ولم يقتصر الاهتمام بهذا الصعود المفاجئ لأغنية عبد الكريم حمدان على العالم العربي، بل وصل حتى إلى ألمانيا، إذ كتب عنه موقع "شبيغل" الإخباري الإلكتروني، وهو أحد أهم مواقع الأخبار في ألمانيا، واضعا رابط فيديو الأغنية على موقع يوتيوب، ما جعل ألمان يكتبون تعليقاتهم في يوتيوب وجاءت مشجعة لعبد الكريم ومعجبة بصوته، ومما جاء في مقال شبيغل: "حتى وإن لم ينجح ذو الخمسة وعشرين عاما في العبور إلى الدور النهائي من المسابقة، فإن مواله الذي كتب كلماته بنفسه عن حلب سيبقى طويلا في بال كثير من العرب".