موقف الشباب الألمان من إعادة توحيد بلادهم
٩ نوفمبر ٢٠١٤ولدتُ في تلك السنة التي سقط جدار برلين فيها. وعندما تم فتح المعابر بين شطري المدينة أمام مواطني ألمانيا الديمقراطية، لم يبلغ عمري إلا ستة أشهر. وتعرفتُ على الجدار لأول مرة في حديقة صغيرة أمام بيت في مدينة ريكلينغهاوزن الواقعة في غرب ألمانيا التي ترعرعت فيها، ففي هذه الحديقة نصب أحد الأشخاص قطعة صغيرة من جدار برلين. إلا أن هذه القطعة من الجدار لم تثير لدي أي شعور، وإنما سؤالا فقط عن السبب الذي دفع المعني إلى نصب قطعة من الخرسانة في حديقته بدلا من زرع زهور جميلة هناك.
"هل لا يزال الجدار قائما"؟
عندما كنتُ في سن السادسة عشرة، انتقلت لفترة من مدرستي إلى مدرسة في البرازيل وذلك في إطار برنامج لتبادل التلاميذ بين الجانبين. وفي أول يوم من إقامتي في البرازيل سألتني تلميذة محلية: "هل لا يزال الجدار قائما وكيف الحياة في ألمانيا الشرقية"؟ وكان أثار هذا السؤال دهشتي، فما هو الجدار الذي تتحدث هذه التلميذة البرازيلية عنه وما هي صلة ألمانيا بالشرق؟ ولم أفهم التلميذة البرازيلية إلا بعد أن طرحت علي أسئلة إضافية في هذا السياق أدت إلى أن أدرك في نهاية المطاف مقصود كلامها. وبسبب افتقادي إلى معلومات حول تاريخ بلادي لم أستطع إلا أن أقول لها إن الجدار اختفى.
وبعد عدة سنوات من ذلك تعرفتُ في فترة دراستي الجامعية على طالبة ذكرت أنها تنحدر من ألمانيا الشرقية. إلا أن ذلك لم يثير لدي اهتماما يذكر، لأنني لم أفرق أبدا بين ألمانيا الشرقية والغربية، وإنما اعتبرت من البداية أن ألمانيا بلد واحد.
ليس كل شيء على ما يرام
للأسف لا يشاركني جميع الألمان في موقفي هذا. وينعكس ذلك بكل وضوح في مجموعة من التقارير التي نشرتها الآن صحيفة أسبوعية معروفة، ففي هذه التقارير يتحدث ألمان شرقيون شباب عما هو ليس على ما يرام في ألمانيا الموحدة حتى الآن وعما لا يعجبهم في سلوك الألمان الغربيين. وينطبق ذلك بشكل خاص على غطرستهم، إذ أنهم لا يبذلون جهودا تذكر من أجل التعرف على شرق البلاد ويزعمون رغم ذلك أنهم يعرفون كل شيء حوله.
وعلاوة على ذلك توضح التقارير أن الألمان الشرقيين يعتبرون أن تحقيق الوحدة تم عن "طريق ذي اتجاه واحد"، إذ لم يتبق في ألمانيا الموحدة إلا قليلا من ألمانيا الشرقية.
ويؤكد البروفسور كلاوس شرودر من الجامعة الحرة في برلين في هذا السياق: "يقول شرقيون كثيرون إن الغربيين غير مهتمين بهم وإنهم لا يهتمون بتاريخهم وحياتهم. وهذا صحيح".
عدد متزايد من الشباب يرون نجاح إعادة التوحيد
توضح نتائج استطلاع للرأي قامت به أكبر مجلة شبابية ألمانية بين ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما، أن نصف الشباب الألمان يرون في العدالة الاجتماعية أهم هدف للسياسة الألمانية. وتعتبر نسبة 14 % منهم أن شرق ألمانيا لا يزال يختلف كثيرا عن غربها. ونسبة 47 % منهم يعتبرون أن إعادة التوحيد ناجحة، بينما لا ترى إلا نسبة 4% منهم أن إعادة التوحيد فشلت كليا. وهذا دليل واضح على أن الألمان في دولتهم الموحدة في طريق التقدم.