"موقف الجامعة العربية الجديد مقلق وفيه غبن للشعب السوري"
١٣ سبتمبر ٢٠١١أعلن وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الدوري بالقاهرة اليوم (13 سبتمبر/ أيلول/ 2011) أن "الموقف الراهن في سوريا لا يزال في غاية الخطورة ولابد من إحداث تغيير فوري يؤدي إلى وقف إراقة الدماء وتجنيب المواطنين السوريين المزيد من أعمال العنف"، دون الإشارة صراحة إلى من يتحمل مسؤولية إراقة الدماء هذه. كما لم يظهر بشكل واضح مصير المبادرة العربية لحل الأزمة السورية. وتتزامن هذه التطورات مع مواصلة قوات الأمن السورية لحملاتها القمعية، إذ ارتفع عدد القتلى اليوم، وحسب ناشطين، إلى واحد وعشرين شخصا في مختلف المناطق السورية، بينما كثفت السلطات المداهمات وتوقيف الناشطين.
كما قام أربعة سفراء بينهم السفيران الأميركي والفرنسي بالتعزية بالناشط السوري غياث مطر الذي قتل خلال اعتقاله. من جهة أخرى أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مع انطلاق جولته في دول "الربيع العربي" خشيته من "حرب أهلية" في سوريا حيث. ولاستقراء خلفية هذه التطورات من وجهة نظر ناشطي الداخل أجرت دويتشه فيله الحوار التالي مع الناشط والمعارض السوري عمر إدلبي المتحدث باسم لجان التنسيق المحلية.
دويتشه فيله: كيف تنظرون إلى تحرك الجامعة العربية في الموضوع السوري، رئيس الوزراء القطري دعا اليوم من القاهرة في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للجامعة العربية إلى الحوار بين المعارضة والنظام السوري. هل ترون في ذلك تراجعا في دعم الانتفاضة السورية؟
عمر إدلبي: نحن ننظر بكثير من القلق إلى هذا الموقف المستجد اليوم من الجامعة العربية، وهي التي تمثل الموقف الرسمي للدول العربية. وهذا الموقف يبدو متراجعا عن حتى بعد مواقف الدول العربية التي وصلت لحد سحب السفراء وتوجيه رسائل شديدة اللهجة إلى القيادة السورية. ويبدو واضحا أن دعوات الجامعة لتبني الحوار مع القيادة السورية تأتي متأخرة ستة أشهر تماما. فالجامعة تدعو إلى وقف إراقة الدماء من دون تحديد المصدر ولا من يريق الدماء، وهذا فيه غبن شديد للشعب السوري الذي قدم حتى الآن عشرات الآلاف من الشهداء والمعتقلين والنازحين والمفقودين والجرحى.
لا تزال الجامعة العربية خط الدفاع الأول عن أنظمة فقدت شرعيتها تباعا في تونس ومصر وليبيا واليمن وفي سوريا اليوم، فالجامعة لم تكن في أي وقت من الأوقات مع الشعوب العربية.
هناك من ينتقد ما يسميه البعض بالتضخم في إنشاء المجالس الانتقالية المختلفة للمعارضة. كيف تنظر إلى هذه المجالس وكيف تقيمون تمثيليتها الفعلية؟
في بادئ الأمر كنا نعتقد أن الحراك الذي قامت به المعارضة، لاسيما المعارضة الخارجية هو مقياس إيجابي لصحة الجو الذي ينتج هذا الحراك. لكنه بدا منذ أكثر من شهرين ونصف أن هذه المعارضة تعاني من جملة معوقات تجعلها غير قادرة جديا على إنتاج تفاهم وتوافقات سياسية لتشكيل واجهة سياسية ذات خطاب سياسي واحد يعبر عن الشعب السوري المنتفض في الداخل.
هذه المعوقات موجودة أيضا في معارضة الداخل وأثرت سلبيا إلى حد ما على الحراك الشبابي في سوريا. للأسف، تعدد هذه المجالس والمؤتمرات في الفترة القصيرة لم يعد مؤشرا إيجابيا. نحن ننظر بقلق شديد إلى تعدد هذه المؤتمرات وتشتت جهود المعارضة. أتوقع أن يوجه الشعب السوري في الداخل خلال الأيام المقبلة رسائل قاسية جدا وحاسمة إلى الطبقة السياسية المعارضة لتتحرك بشكل جدي وتتعالى على خلافاتها الشخصية والأيديولوجية.
مع استمرار حملة القمع والمداهمات ضد المحتجين في سوريا كيف تنظر لجان التنسيق المحلية إلى هذه المرحلة من الانتفاضة السورية؟
هي مرحلة في غاية الخطورة، فأمام الثورة في سوريا تحديات في غاية الأهمية والخطورة. نحن نتحدث عن الثورة السورية بعد ستة أشهر، ثورة بقيت سلمية في وجه آلة قمع جهنمية لم تستثن لا كبيرا ولا صغيرا. اليوم وبعد كل هذا يبدو النظام ممعنا في القمع العنيف.
على ذكر القمع والعنف، ما رأيك في مقولة عسكرة الثورة السورية بين رواية النظام ودعوات بعض المحتجين؟
نعتقد في لجان التنسيق المحلية أن عسكرة الثورة وتحولها من المسار السلمي إلى المسار العنفي هو أمر في غاية الخطورة ومكلف على الصعيد البشري. نحن حريصون على كل نقطة دم سورية، فهذا قد يشكل خطرا حقيقيا وطنيا وأخلاقيا وسياسيا على المضمون التحرري للثورة.
نحن نتفهم تماما دعوات يطلقها أناس يعانون من شتى أنواع التنكيل والتعذيب والقتل، فالأمر يتعلق بحصار طال عدة مدن لشهور طويلة، وعن آلاف من المعتقلين وعن أسر فقدت أبناءها. نحن نتفهم هذه الدعوات لكننا نطلب بشكل واضح وصريح لا لبس فيه من الشعب السوري أن يكون صبورا رغم الكلفة العالية التي يدفعها وأن يكون واعيا بمخاطر العسكرة التي قد تشكل منزلقا يهدد تماسك المجتمع السوري.
هل تعتقد أن الغرب سيحاول في فترة ما التدخل عسكريا في سوريا كما فعل في ليبيا؟
لم نسمع صوتا واحدا في الداخل والخارج، إلا في ما نذر وهي أصوات معزولة، تطالب بتدخل عسكري أجنبي سواء كان إقليميا، عربيا، إسلاميا أو حتى غربيا وأمريكيا. هذه الدعوات لم نسمعها ولم يكتب لها الحضور الكبير في خطاب التشكيلات الثورية ولا عند أطياف المعارضة.
وما ذا عن مظاهرات الأسبوع الماضي التي رفعت شعار الحماية الدولية؟
الحماية الدولية شيء والتدخل العسكري شيء آخر. نحن في لجان التنسيق المحلية لنا مآخذ على "الحماية الدولية" كما طالب بها البعض. نطالب بوجود مراقبين دوليين حسب ميثاق الأمم المتحدة، أو لجان تحقيق في الجرائم المرتكبة تعاين عن كثب ما يحصل في سوريا. وأيضا سماح النظام السوري للإعلام المستقل بمراقبة ما يجري على الأرض لتكذيب رواية النظام التي تتحدث عن عصابات إجرامية. هذه مطالب معقولة.
أما الحماية الدولية بمعنى فتح الباب أمام تدخل عسكري أجنبي، فنحن بالتأكيد لسنا معها رغم تفهمنا لإطلاق مثل تلك الدعوات. نحن حريصون على إسقاط النظام بوسائلنا الوطنية دون حاجة إلى مساعدات أجنبية لاسيما أشكال التدخل العسكري.
أجرى الحوار: حسن زنيند
مراجعة: أحمد حسو