موضوع العنف ضد المرأة العربية لم يعد في طي النسيان
١٥ أبريل ٢٠٠٥تجاهلت المنظمات غير الحكومية في البلدان العربية ظاهرة العنف ضد المرأة في المجتمعات العربية حتى غاية بداية التسعينيات من القرن الماضي. وفي حين بدأت هذه المنظمات بإدراك مخاطر العنف الذي تتعرض له النساء في مجتمعاتنا والبحث عن حلول للمشكلة، كسرت كثيرات حاجز الخوف ولجأن إلى مراكز استشارة ومساندة تنتشر في كثير من البلدان العربية، كما لم يتأخرن عن الحديث جهرا عن معاناتهن وأشكال العنف التي يتعرضن لها، سواء في الأسرة أو خارجها.
أشكال متنوعة للعنف
بدأت السيدة قورة حوارها معنا بالقول إن أشكال العنف ضد المرأة متنوعة، فهي تشمل الاعتداء النفسي والإذلال وإشعارها بالدونية أو الشتم والتحقير. وفي أحيان كثيرة يتم اتهامها بالجنون أو التهديد بنزع الأطفال أو الطلاق أو تعدد الزوجات أو الحرمان. وتطرقت المسؤولة كذلك إلى أشكال العنف الاجتماعي مثل منع المرأة من زيارة أهلها وأصدقاءها وإلى الإعتداءات المباشرة مثل التحرش الجنسي أو إكراه النساء على ممارسة أفعال جنسية ضد رغبتهن. أما بالنسبة لأشكال العنف الاقتصادي فذكرت قورة إن هذا العنف يشمل المنع من العمل أو التصرف براتب الزوجة أو الأخت أو الاستيلاء على ممتلكاتها وحرمانها من الميراث. ولفتت المسؤولة النظر كذلك إلى مشكلة الختان أو تزويج الفتيات القاصرات أو ارتكاب جرائم قتل على خلفية ما يسمى "جرائم الشرف".
فروق من مجتمع إلى آخر
وعما إذا كانت هناك فروق بخصوص العنف ضد النساء بين مجتمع عربي وآخر، قالت قورة " بالطبع هناك فروق بين أشكال العنف ضد المرأة من مجتمع عربي إلى آخر. فإذا أخذنا مشكلة الختان فإننا نلاحظ أنها منتشرة بشكل أساسي في مصر والسودان وجيبوتي والصومال. لكن هذه المشكلة غير منتشرة في دول الشرق الأوسط مثل الأردن أو سوريا أو الدول المحيطة الأخرى". وخصت قورة دول الخليج العربي في حرمان المرأة من حرية التنقل، قائلة إن الفروقات بين وضع النساء في المجتمعات العربية تكاد تقتصر على هاتين المسألتين وإن المشاكل التي تعاني منها النساء في المجتمعات العربية متشابهة بشكل كبير بين مجتمع وآخر.
الجانب القانوني للمشكلة
وفي معرض حديثها عن الفرص المتوفرة للمرأة من أجل الدفاع عن نفسها ذكرت قورة أن هناك جهات حكومية وغير حكومية تقدم المساعدات القانونية وغيرها. وتناولت هذا الجانب في الأردن قائلة إنه لا بد الإشارة إلى إن الحكومة اعترفت رسميا بوجود ظاهرة العنف وخاصة العنف الأسري وإن هذا الاعتراف بحد ذاته هو إنجاز كبير ومسألة هامة وضرورية للتعامل مع هذه الإشكالية وتقديم العلاج اللازم لها". وتابعت إنه تم تأسيس مشروع حماية الأسرة وهذا المشروع يقوم بدور هام في مجال حماية الأسر وإلى مباشرة وزارة التنمية في الأردن بتأسيس ما يسمى بالملاجئ لحماية النساء. وعن المساعدات التي تقدمها مؤسسات غير حكومية مثل المؤسسة التي تشرف عليها أكدت المسؤولة على تنوعها في إطار عدة برامج. وأضافت" نقوم بعشرات الدورات التدريبية التي تهدف بشكل أساسي إلى التركيز على حقوق المرأة كحقها في العمل والتعليم والحياة وحقوقها الإنسانية المختلفة. كما نركز في جلسات حوارية ننظمها مع النساء على حقهن في السلامة والأمان. ونقدم كذلك خدمات الإرشاد المباشر لهن مثل الإرشاد القانوني والاجتماعي والنفسي، ناهيك عن قيامنا بنشر المعلومات عن العنف ضد المرأة". وعلى صعيد تبادل المعلومات عبر الشبكة الإلكترونية قالت قورة أن المعهد الذي تترأسه يشرف على موقع غني بالمعلومات والخدمات. وقد حصل في عام 2004 على الجائزة الأولى من حيث توفر المعلومات والإحصاءات وعدد الزوار الذين يطلعون ويستفيدون من خدماته. (المعلومات اللازمة عن الموقع والمعهد الذي تترأسه السيدة لينا قورة يمكنكم الحصول عليها في نهاية الموضوع.)
موقف المشرع
وعن موقف المشرع من هذه الممارسات قالت المسؤولة إنه إذا نظر المرء إلى قانون العقوبات الأردني على سبيل المثال، فإنه يعثر على بعض النصوص والقوانين الخاصة بالعنف. وأضافت أن القانون الأردني يتعرض لعقوبات ضد العنف الجسدي كالقتل والضرب بغرض التأديب وكذلك لمشكلة العنف الجنسي كالاغتصاب أو هتك العرض أو الإجهاض أو التسبب فيه وكذلك إلى الخطف والحرمان من الحرية والعنف اللفظي مثل الشتم والتحقير، ولكن إذا راجعنا هذه النصوص بتمعن فإننا لا نلاحظ أن المشرع الأردني فرق أو ميز بين الرجل والمرأة وهنا تكمن الإشكالية الأولى. وتابعت بخصوص الإشكالية الثانية بالقول إن هناك بعض أساليب العنف التي لا يعاقب عليها الرجل مثل ما يسمى بالاغتصاب في إطار الحياة الزوجية وإن هناك مخرج قانوني لهروب الرجل من الملاحقة القانونية إذا اغتصب إمرأة وهو تزويجه من المرأة المغتصبة. أما بخصوص ضروب التأديب فقد أشارت إلى القوانين تفتقر إلى نصوص واضحة تعاقب أساليب التأديب.
دور السلطات المختصة
وعن دور السلطات المختصة وعما إذا كانت هذه السلطات تقوم بواجباتها من أجل محاربة هذه الظاهرة كما يجب فقد اكتفت قورة بالقول إنه تم إجراء بعض التعديلات على قوانين ما يسمى بالقتل على خلفية الشرف أو إلغاء المادة 340 التي تنص على العذر المُحل أو بما يتعلق بتعديل وتطوير قانون الأحوال الشخصية مثل محاربة ظاهرة التزويج المبكر أو رفع مدة النفقة في حال الطلاق من سنة على ثلاث سنوات أو فيما يتعلق بحق المرأة في تطليق نفسها أو ما يسمى بالخلع.
العنف موجود في جميع الطبقات
وعما إذا كان هناك طابع طبقي للظاهرة قالت" الدراسات التي أجراها المعهد تبين أن العنف منتشر في جميع طبقات المجتمع. والدليل على ذلك أن النساء الغنيات والفقيرات يأتين إلينا، كما تأتينا المسلمات والمسيحيات أو نساء على درجة كبيرة من التعليم العالي وكذلك نساء غير متعلمات. أما عن دور الدين فعلقت بالقول " هناك تفسيرات مغلوطة يلجأ إليها بعض رجال الدين من اجل تبرير العنف وممارساته وإن الأمر يرجع إلى التفسير الخاطئ للنصوص الدينية. أما الدين ذاته فهو ينص على قيم حميدة ويشجع المساواة بين الرجل والمرأة."
كسر حاجز الخوف
وجهت المسؤولة في نهاية الحوار رسالة إلى النساء العربيات قالت فيها" من الضروري إلا تشعر المرأة العربية بالدونية، بل على العكس تماما. يجب أن تعتز بوعيها وخبراتها. كما أطلب منها عدم الصمت إزاء حقوقهاوالدفاع عن نفسها". واستطردت بالقول" يجب على المرأة أن تعي أن الرجل ليس له الحق في ضربها أو إيذائها أو ممارسة اشكال العنف ضدها. إذا يجب عليها أنة تكسر حاجز الخوف وأن تذهب للجهات القادرة على مساعدتها ونحن كمعهد يوجد لدينا مركز إرشاد ونستقبل النساء اللواتي يتعرضن للعنف. كما لدينا موقع إلكتروني يتلقى مشاكلهن." وأكدت قورة على أن أهم شيء يقوم به المعهد هو محاولة إيجاد سبل تحافظ على وحدة ووئام الأسرة. وأشارت إلى أن المعهد لا يتدخل في إتخاذ القرارات وإنما يقتصر عمله على تقديم المشورة فقط ومساندة المرأة إذا اضطرت للجوء إلى المحكمة.
أجرى المقابلة ناصر جبارة