موسيقى "الهيب هوب" في خدمة التحولات السياسية
١١ ديسمبر ٢٠١٣شهدت السنوات الأخيرة في المجتمعات الشرقية انتشار العديد من الأشكال التعبيرية الثقافية والفنية وسط الشباب، مثل الرقص والغناء والرسم على الجدران، وهي ظواهر تعبيرية برزت منذ انطلاقة أحداث الربيع العربي، حيث لفتت أنظار الباحثين، بسبب مكانة تلك الأشكال التعبيرية في التأثير على الشباب وتعبئتهم.
قبيل انطلاق الثورة التونسية بدأت مسيرة مغني الراب التونسي حماده بن عمر، والذي اشتهر بأغنية "الجنرال"، وهي الأغنية التي قادته للسجن. وهي عبارة عن رسالة موجهة إلى الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي بعنوان: "ريس البلاد"، حيث عبر فيها عن غضب الشعب التونسي على دكتاتورية حاكمه وعلى التضامن مع المظاهرات التي انطلقت في سيدي بوزيد، من خلفية إقدام الشاب محمد البوعزيزي على إشعال النيران في جسده للتعبير على احتجاجه. ومن هناك انتقلت ظاهرة الراب الثوري إلى باقي المدن التونسية، ثم إلى باقي البلدان الأخرى.
الثورية من خلال "الراب" و"الهيب هوب"
لا تقتصرظاهرة الراب الثوري على الشباب العربي والمسلم في بلدانهم الأصلية بل تعرف أيضاً حضورا كبيراً في المهجر. في هذا الصدد يقول البروفسور ألبريخت فوس المتخصص في قضايا الإسلام في أوروبا بجامعة ماربورغ: " يوجدفي ألمانيا وفرنسا العديد من الفرق الموسيقية التي تؤدي أساليب موسيقية يمكن وصفها بالثورية مثل "الراي"و"الهيب هوب"والهدف منها هومواجهة بعض الخطابات السياسية أو المجتمعية." ومن جانبها ترى كارين فان نيوفيرك، الباحثة الألمانية بجامعة غيسن، أن أهمية الفن والموسيقى الشعبيين تتجلى في:"كونهما يشكلان مدخلا لمعرفة التحولات الاجتماعية ومعرفة التيارات الليبرالية والثورية في المجتمعات العربية والإسلامية
الرقص والموسيقى في أجواء الحرب
تلجأ بعض الحركات الإسلامية في العالم العربي إلى الموسيقى والرقص كوسيلة لتعبئة الجماهير وتقوية صفوفها الداخلية، مثلا في إيران أولدى حزب الله اللبناني، كما يرى الباحث اللبناني جوزيف الأغا من جامعة هايكازيان في حديث مع DW/عربية ويقول:" الثورة الإيرانية بالنسبة لخاتمي ليست ثورة سياسية أو دينية فحسب، بل ثقافية أيضاً. لذلك فإن الموسيقى الشعبية والرقص الجماعي والمسرحيات تشكل وسائل بهدف تعبئة الإيرانيين في مقاومة الغرب". ويضيف الآغا إن "حزب الله اللبناني استلهم تلك الفكرة من إيران ووظفها في تعزيز خطابة السياسي".
وعند الحديث عن سوريا مثلا تتناقل وسائل الإعلام المرئية صوراً للمقاتلين في صفوف الجيش السوري الحر وهم يرقصون في شوارع المدن التي سيطروا عليها أو يؤدون أغاني شعبية رافعين البنادق وشارات النصر، رغم أجواء الحرب ومشاهد الخراب السائدة. فسواء تعلق الأمر بحزب الله اللبناني أو بالجيش السور الحر فإن وظيفة الرقص والغناء الشعبي تهدف إلى "إعطاء الإنطباع بأنهم غير خائفين وأنهم مسيطرون على الوضع أوللعمل على تشجيع الثقة بالنفس وعلى مواصلة القتال والصمود، وأيضا بهدف الترفيه قليلاً عن النفس"، كما يوضح الباحث يحي تشجان من جامعة هايكازيان في حديث مع موقعنا.
الثورة والفن الشعبي في مصر
في مصر يرتبط الفن الشعبي والرقص بعامة الشعب بالدرجة الأولى، حيث يعتمد في ذلك على تقنيات بسيطة وعلى اللغة العامية، إذ أصبح ذلك جزءاً من النشاط السياسي في العديد من الدول. واعتبر الباحث المصري وليد الحمامسي في لقائه مع DW/عربية عن خصائص الفن الشعبي المصري في ظل التحولات السياسية الراهنة قائلاً: "إن الثقافة الشعبية قريبة من الشعب بينما الثقافة العالمية التي تعبر عن النخبوية تحتقره، لهذا السبب لجأ الشباب المصري إلى الفن الشعبي كمرآة لعكس الواقع المعاش والدعوة إلى قيم الحرية والعدالة والكرامة".