مهرجان الرور الألماني يحتفي بحكواتية الشرق
٩ سبتمبر ٢٠١٠منذ مطلع شهر سبتمبر / أيلول وحتى منتصف أكتوبر/ تشرين الأول يقدم مهرجان الحكواتية في مدينة غلسنكيرشين الألمانية نحو مائة فعالية ثقافية تتمحور كلها حول فن الحكاية الشعبية التي تعتبر "ألف ليلة وليلة" من أبرز تجلياتها. وتتنوع فعاليات المهرجان ما بين الأفلام مسرح العرائس إلى جانب العروض الموسيقية والراقصة. ويقدم البرنامج فعاليات متنوعة بلغات عديدة ومن ثقافات مختلفة، مثل الحكايات العربية والتركية واليهودية والشرق أوروبية.
ويقرأ الفنانون الضيوف الحكايات التي تم اختيارها من شرق العالم وغربه باللغة الأصلية أولا، قبل أن يقرؤوها باللغة الألمانية. ويشارك في تلك الفعاليات أكثر من مائتي فنان وكاتب وحكواتي، من بينهم الكاتب المشهور رفيق شامي، والكاتب اللبناني الأصل يوسف نعوم بحكاويه عن المقاهي التي نشرها بعنوان "روائع من بغداد إلى برلين"، وكذلك القاص والروائي الفلسطيني الأصل سليم الأفنيش.
حياة تشبه الحكايات
سليم الأفنيش، مثله مثل نعوم وشامي، لا يقرأ من أعماله عندما يلتقي الجمهور الألماني، بل يحكيها بأسلوبه المشوق الذي يخلب لب الحاضرين. دويتشه فيله سألت الأفنيش عما سيقدمه لجمهور مهرجان الحكواتية، فقال: "سأحكي بشكل عام عن حياة البدو وتراثهم كمقدمة بسيطة تُعرّف الجمهور بالخلفية التي تجري فيها أعمالي، ثم أتطرق إلى عملين، وهما "تاجر البخور" و"نار البراءة"، أي إلى أول أعمالي وآخرها. وينظر الأفنيش إلى الحكاية الشفاهية باعتبارها أصل الأدب، وخاصة في الأدب القبلي الذي نشأ الأفنيش على تراثه.
ولعل حياة الأفنيش نفسها تشبه الحكايات الشعبية. فقد ولد في صحراء النقب ابناً لشيخ عشيرة كبيرة، ثم قضى طفولته وصباه راعياً للغنم، ولم يدخل المدرسة ليتعلم القراءة والكتابة إلا بعد أن بلغ الرابعة عشرة من عمره. وعندما حصل على الثانوية العامة كان قد بلغ الثالثة والعشرين. بعد ذلك دفعه ظمأه إلى العلم إلى السفر إلى انكلترا، وكان هدفه أن يدرس الحقوق لأن عائلته، يقول الأفنيش، كانت تخوض نزاعاً قضائياً مع قبيلة أخرى.
غير أنه وجد نفسه يدرس علوم الإثنولوجيا والاجتماع والنفس، ثم قرر الانتقال إلى مدينة هايدلبرغ الألمانية، وفي هذه المدينة الجامعية الجميلة ما زال يعيش. بعد أن استقر الأفنيش في ألمانيا تحول إلى الكتابة بلغة غوته، رغم ذلك بقيت لغة الضاد نبعاً مهماً ينهل منه، مثلما يقول في حديثه لدويتشه فيله: "وجودي في ألمانيا حتم علي أن أكتب باللغة الألمانية، ولكن تبقى اللغة العربية بالنسبة لي هي اللغة الأم، والصور البلاغية التي أستخدمها هي صور شرقية، وكذلك الأسلوب وخلفية حكاياتي."
جسر بين الناس والثقافات
وتحت عنوان "الحكاية الشعبية جسراً بين الناس والثقافات" يُقام في الفترة من التاسع والعشرين من سبتمبر /أيلول حتى الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول مؤتمراً دولياً عن فن الحكاية الشعبية، وسيلقى محاضرة الاختتام الكاتب الألماني السوري الأصل رفيق شامي. وتُُعتبر أعمال شامي من أكثر الكتب مبيعاً في ألمانيا، كما ترجمت رواياته إلى ما يزيد عن عشرين لغة.
وحصل شامي على جوائز دولية عديدة عن أعماله التي يمزج فيها سحر الشرق وألف ليلة وليلة بالواقع الألماني. ومن أشهر أعماله "حكايات من معلولا" و"حكواتي الليل"، وكذلك رواية "كف مليئة بالنجوم" التي تغلب عليها السيرة الذاتية، وفيها يحكي عن صبي خباز يريد أن يصبح صحافياً فيواجه مشاكل عديدة بسبب رفضه التأقلم مع المجتمع الشرقي الذي يفرض عليه عادات وتقاليد بالية، كما يكتشف صعوبة العمل صحافياً سياسياً في بلد تنعدم فيه حرية التعبير عن الرأي. وقد اختارت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الواسعة الانتشار هذه الرواية في السلسلة التي نشرتها لأدب الشبيبة.
سمير جريس
مراجعة: طارق أنكاي