مهرجان الربيع - موسيقى عالمية ومناقشة المستقبل العربي
١١ مايو ٢٠١٢"الثورة، المستقبل، التغيير"هذه الكلمات الثلاث شكلت المواضيع الأساسية لمهرجان الربيع هذا العام في مصر. حيث خصص محور كامل تحت عنوان "سمر مع الثورة" وهى سلسلة من أمسيات "الحكي" استضافها المركز المصري للثقافة والفنون "مكان" وشارك فيها تسعة أفراد من مصر وليبيا وتونس واليمن والبحرين وسوريا، بمرجعياتهم الثقافية والسياسية وتخصصاتهم المختلفة، ليقصوا على الجمهور حكاياتهم عن الثورة.
بداية من نادر السيد، حارس المرمى المصري الشهير والمتقاعد حاليا والذي يعد واحداً من أبرز المحتجين في ميدان التحرير وشارع مصطفى محمود في 3 فبراير / شباط 2012 حيث روى السيد ذكرياته عن أحداث الثورة المصرية منذ بدايتها. ونبيل تمام الجراح من البحرين روى ذكرياته عن الأحداث في البحرين وتطورها الدرامى، أما الكاتبة والباحثة اليمنية المختصة في مجال الفلكلور، فروت مشاهداتها وذكرياتها عن الثورة في اليمن.
مناقشة المستقبل
امتدت جلسات السمر على مدار عدة أيام بمشاركة عدة ضيوف منهم إبراهيم العقورى، المصور الليبي، والناشطة السورية يارا نصير، والمصورة السورية غيفارا نمر.
وفي محاولة للبحث عن تصورات للمستقبل خصوصاً في دول الربيع العربي التى تمر بحالة تفاعل سياسي، استضافت قاعة "ايوارات" بالجامعة الأمريكية ضمن فعاليات المهرجان ندوة "مانفيستو المستقبل" التى أدارتها د. نيفين مسعد، أستاذ العلوم السياسة بجامعة القاهرة. الندوة التى شارك فيه عدد من النشطاء الشباب العرب بدأتها مسعد بطرح سؤال على المشاركين وهو "ماذا ستفعل لو سنحت لك الفرصة للوصول إلى السلطة في بلادك؟"
تركزت إجابات المشاركين على كيفية مساهمة السلطة في توسيع المشاركة الجماهيرية في الشأن العام واحترام الحريات، وشارك فيها المدون التونسي عزيز عمامى، الذي تعرض للايقاف من قبل قوات الأمن المصرية لدى دخوله القاهرة، كما شارك من مصر المدون علاء عبد الفتاح ومن ليبيا المحامى فتحى تربل.
لكن الجزء الأبرز من المهرجان لم يكن مخصصا للندوات وأمسيات "الحكي" حيث كانت الموسيقى وكما في كل عام هى النشاط الأبرز في مهرجان الربيع، ببرنامج متنوع من الحفلات الموسيقية التى تضمنت مختلف أنواع وألوان الموسيقى لفرق عالمية.
الموسيقى من الأوركسترا إلى النبضات الالكترونية
غلب على الفرق الموسيقية المشاركة التنوع والمزج بين الثقافات الموسيقية المختلفة مثلما فعلت فرقة "حاجز 303" الذي يضم موسيقيين من فلسطين وتونس وفرنسا. وقدموا مشروعهم الموسيقي الذي يعتمد على المزج بين الموسيقى الالكترونية الحديثة وعدد من الحوارات والأحاديث التى سجلها الموسيقيون مع مواطنين عرب من مختلف الدول العربية. وقدموا تجربة موسيقية مزجوا فيها بين أصوات الشارع العربي والإيقاعات الالكترونية التى تكسب هذه الأصوات أبعاداً غير عادية. كما شهدت فعاليات المهرجان حفلاً موسيقياً لأوركسترا "نساء طاوسى" للطرب من زنجبار، وأمسية موسيقية بعنوان "وجه المحبوب" أحيتها مجموعة فنانين من طاجكستان.
وتختتم فعاليات المهرجان يوم الاثنين 14 مايو / أيار بحفلة موسيقية لفرقة عجم من إيران والمملكة المتحدة. وهى فرقة موسيقية تشكلت عام 2010 من مجموعة "سيمورغ"، وهي تجربة ثقافية فريدة، تقدم موسيقى قبلية وشعائرية يمتزج فيها الرقص والحركة التي يتم دمجها في العروض الحية في محاولة لتعريف الجيل الجديد من الشباب بروح موسيقى إيران المحلية الملحمية، فهم يستخدمون طرقاً عديدة لتعريف الإيرانيين بالثقافات المحلية التي يتم إهمالها عادة في أي تمثيل للثقافة الإيرانية، كما أنها محاولة لبناء قاعدة جماهيرية عالمية تهوى سماع الموسيقى الإيرانية.
توسع الفعاليات إلى خارج القاهرة
الرقص المعاصر كان حاضراً أيضاً ضمن فعاليات المهرجان، وأبرز العروض التى لاقت اهتماما كان العرض الألمانى "بعد الآن" لفرقة دوركى بارك والذي أقيم بمسرح الفلكى في الجامعة الأمريكية وهو من إخراج مصمم الرقصات الشهير كونستانزا ماكراس.
محمد ممدوح أحد رواد المهرجان يري أن هذا التنوع في الفرق رغم أنه يمثل فرصة للجمهور المصري للتعرف على أنواع موسيقية مختلفة من مناطق بعيدة، إلا أن هناك سلبيات أيضاً، إذ يقول ممدوح: إن "معظم الفرق المشاركة لا تكون معروفة حتى للمتخصصين في المجال الموسيقي، بالتالى يؤثر هذا على نسبة الجمهور واهتمامه بالحضور. أضف إلى ذلك تضاؤل نسبة الفرق الموسيقية المصرية المشاركة في الدورة الحالية".
لكن ممدوح يري أن المهرجان يتميز بالتوسع الجغرافي هذا العام. حيث أتى المهرجان متماشياً مع سياسية مؤسسة المورد الثقافية منذ قيام الثورة في التوسع جغرافياً في الأنشطة الثقافية والفنية، في محاولة للتغلب على المركزية الثقافية للقاهرة التى جرت العادة أن تكون المركز الوحيد في مصر للنشاط الثقافي والفنى، لذا لم تقتصر أماكن الحفلات كما جرت العادة على مسرح الجنينة في القاهرة بل أقيمت العديد من الفعاليات في مركز الإبداع وسينا ريو بالإسكندرية، كما استضاف مركز الجيزويت بمحافظة المنيا (جنوب القاهرة) بعض فعاليات المهرجان وكذلك قاعة النيل بجامعة أسيوط.
القاهرة/ أحمد ناجي
مراجعة: عارف جابو