مهاجرون يتحدثون عن معاناتهم في جيب مليلية الإسباني
٤ يونيو ٢٠٢٢ترددت مؤخرا عدة إخباريات عن ارتفاع بمعدلات العنف ضد المهاجرين في مركز "سيتي" في جيب مليلية الإسباني شمال المغرب. المعلومات الواردة تحدثت عن قيام عناصر حرس المركز بضرب وإهانة المهاجرين هناك، غالبا لأسباب لا تستحق تلك المعاملة. مهاجرون في المركز تواصلوا مع مهاجر نيوز، حيث رووا عدد من تلك الأحداث، آخرها وقع قبل خمسة أيام، كان ضحيته مهاجر سوداني تعرض لضرب مبرح استدعى استنكارا من قبل المقيمين في المركز، الذين نظموا وقفات احتجاجية سلمية ضد تلك الممارسات.
"تعرض للضرب المبرح بسبب الطعام"
رفيق، مهاجر سوداني متواجد في مركز "سيتي" منذ مطلع آذار/مارس الماضي، تحدث لمهاجر نيوز عن ظروف "العنف الممنهج" حسب تعبيره، الذي يتعرض له المهاجرون هناك.
الشاب السوداني روى ما تعرض له زميله قبل خمسة أيام من ضرب مبرح على يد رجال الأمن المتواجدين في المركز، أثناء توجهه لهم لسؤالهم عن الطعام. "مهند مريض بداء السكري، ولديه ورقة طبية تخوله تجاوز الطابور للحصول على طعامه بسرعة. توجه مهند لرجال الأمن وأبرز الورقة، أحدهم دفعه وطلب منه الوقوف بالصف. ولما أصر مهند على طلبه، ساقه بعنف إلى غرفة الحرس".
ويكمل رفيق "على الطريق ضرب الحارس مهند على عينه، لم يكن أمام صديقي سوى أن يصرخ مطالبا بمعرفة سبب ضربه. في تلك اللحظة خرج أربعة رجال أمن آخرين من الغرفة وأوسعوا مهند ضربا ثم اقتادوه إلى داخل الغرفة وأغلقوا الباب".
وفقا لرفيق، أصيب مهند برضوض عدة في جسده، فضلا عن تورم ونزيف حول عينه اليسرى.
وأضاف "لم نكن في المركز حينها. عند عودتنا مساء عرفنا بما حصل. خرجنا من المركز ووقفنا أمام المدخل، اعتصمنا سلميا للمطالبة بوقف تلك التصرفات معنا. لم يخرج أحد لملاقاتنا".
يأسف رفيق للطريقة التي تعاملت بها الصحافة المحلية مع الحادث، "اتهمونا بأننا عنيفين وأننا ضربنا الحرس. هذا كله افتراء، ما حصل مغاير تماما للواقع".
وعاد المهاجرون للاعتصام أمس الثلاثاء 31 أيار/مايو أمام المركز، تزامنا مع زيارة مسؤولين رسميين. المهاجرون رفعوا صورا لمهند ولافتات تطالب بوقف العنف بحقهم. "أعمال العنف دائمة هنا"، يقول رفيق، "ففي نفس اليوم الذي تم الاعتداء فيه على مهند، ضرب الحراس مهاجرا آخرا من بوركينا فاسو. الحراس طلبوا منه التوقف عن الاستماع للموسيقى عبر هاتفه، ولما رفض أوسعوه ضربا".
وأورد "وقبل أسبوع، ضُرب سوداني آخر لنفس الأسباب التي ضُرب من أجلها مهند. كل ما نطالب به هو وقف هذه الممارسات غير العادلة بحقنا".
مهاجرون يفكرون بالانتحار
وكانت "مجموعة العمل المجتمعي" (GAC) قد أصدرت تقريرا في أيار/مايو الماضي بالتعاون مع "مركز رعاية ضحايا سوء المعاملة والتعذيب" (SIRA) بعنوان "مأزق الحدود" (The Limbo of the Border)، خلصا فيه إلى أن 11,3% من المقيمين في مركز "سيتي" يفكرون بالانتحار، منهم 37,7% حاولوا ذلك بالفعل.
ومن ضمن الحالات التي اعتمد التقرير تحليلها لاستنتاج الخلاصات، 61,7% أفادوا عن تعرضهم للتعذيب إما قبيل عبورهم الحدود أو خلال تلك العملية، وهو السبب الرئيسي الذي دفعهم للبحث عن اللجوء في إسبانيا.
انعدام الخصوصية ومعدلات عنف مرتفعة
المهاجرون الذين وردت حالاتهم في التقرير، تعرضوا أيضا "لظروف عنيفة"، سواء داخل مركز الاستقبال أو قبيل الوصول له. فقد أكد أكثر من 50% ممن تمت مقابلتهم تعرضهم لعنف الشرطة تحديدا في المغرب وفي إسبانيا (مليلية) على السواء.
إضافة إلى ترسبات رحلة العبور، أشار الأشخاص إلى أن الظروف المعيشية داخل "سيتي" بعيدة عن المثالية. فالازدحام هناك يسلبهم خصوصياتهم ويشعرهم بأنهم "جزء من محتويات المكان الأخرى، كالكراسي والطاولات"، بمعنى آخر ينزع عنهم صفاتهم الإنسانية. فضلا عن ذلك، يرافقهم شعور دائم بانعدام الأمان، إضافة إلى ارتفاع معدلات السرقة نتيجة عدم وجود أماكن مخصصة لهم لتخزين مقتنياتهم. هؤلاء أشاروا أيضا إلى العنف الذي يندلع أحيانا بين المهاجرين أنفسهم، إذ سرعان ما تتطور مشاجرة صغيرة إلى أعمال عنيفة شاملة، دون أن تتدخل الإدارة أو رجال الأمن المسؤولين عن حماية المركز.
ونقلا عن المهاجرين الذين تمت مقابلتهم، أشار التقرير إلى نقص شديد في الحماية، فـ25.9% "لم يتلقوا أي مساعدة من أمن المركز أو من الشرطة عندما احتاجوا إليها".
وأرفقت شهادة أحد المهاجرين الذي أعطى أمثلة حية على انعدام الأمن داخل المركز، "إذا ذهبت للاستحمام وتركت حذاءك في الخارج، سيُسرق. يأخذون أي شيء... الكثير من الأولاد هنا أعطتهم الراهبات بعض اللوازم، كالملابس وحقائب الظهر والقرطاسية...، لم يستخدموها بل طلبوا من الراهبات الاحتفاظ بها لديهن ليأخذوها معهم يوم خروجهم".
الرعاية الصحية "شبه معدومة"
المهاجرون تحدثوا عن ممارسات تمس كرامتهم، كاضطرارهم للانتظار بالطابور في كل مرة يريدون إنجاز شيء ما، كالحصول على الطعام أو مقابلة الإدارة أو الحصول على الرعاية الصحية.
فضلا عن ذلك، اعتبر 52.8% ممن وردت شهاداتهم في التقرير، أن الرعاية الصحية في المركز "غير كافية أو معدومة"، إضافة إلى عدم قدرتهم على الوصول للمعلومات الطبية الخاصة بحالاتهم. أحد المهاجرين قال لمعدي التقرير إن أحد الشبان عاد من الكشف الصحي ومعه ظرف مختوم. عندما فتحه كان بداخله ورقة كتب فيها أنه مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية، دون أي شرح إضافي أو إرشادات حول الرعاية وكيفية التصرف مع هذا المرض.
مهاجر نيوز 2022