منح دراسية للسورين لتكوين جيل قيادي
٥ مارس ٢٠١٨على مدى سبع سنوات، عانى اللاجئ السوري لؤي حاجي من صدمة نفسية عنيفة، غير أنه الآن يبدو متفائلاً ونظرته للمستقبل إيجابية. لؤي حاجي شاب كردي من شمال شرقي سوريا، يعمل في مركز لتعليم اللغات في السليمانية، شمال العراق، حيث يدرس اللغة الإنكليزية ويقوم بتدريب المدرسين الآخرين.
هرب الشاب البالغ من العمر (31 عاماً) كملايين الأشخاص، الذين فروا من سوريا منذ اندلاع النزاع هناك، وكحاله، انتهى بهم المطاف في بلدان مجاورة في العراق، ولبنان، والأردن، وتركيا، ومصر. العديد من الشبان كانوا قد تركوا دراستهم عند مغادرتهم لسوريا. في عام 2013، كان حاجي قد أنهى نصف الطريق تقريباً في دراسة الماجستير في دمشق عندما تعرضت الجامعة نفسها للقصف، فقرر حاجي مغادرة البلاد إذ "أصبحت الأمور في فوضى كبيرة".
أحمد سيدا البالغ من العمر ( 24عاما) كان قد أتم سنة دراسية في مجال الحقوق في دمشق، عندما غادر سوريا مع عائلته ليصلوا ويمكثوا في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق.
غير أن لؤي حاجي، وأحمد سيدا قررا أنهما لن يسمحا للحرب في سوريا بتدمير مستقبلهم. وهم الآن من ضمن 400 من الشباب المسجلين في دورات الدراسات العليا الجامعية من خلال برنامج المنح الدراسية للاتحاد الأوروبي.
ماذا يقدم مشروع (HOPES)؟
(HOPES) هي اختصار لجملة (Higher and Further Education Opportunities and Perspectives for Syrians) وتعني فرص وآفاق للدراسات العليا وإكمال التعليم للسوريين، وهو مشروع يموله الصندوق الاستئماني "مدد" وتبلغ قيمته مليار يورو، وتديره هيئة التبادل الأكاديمي الألمانية (DAAD)، جنباً إلى جنب مع نظرائهم الأوروبيين المجلس الثقافي البريطاني، وكامبوس فرانس ونوفيك.
انطلق المشروع في نيسان/ أبريل 2016، ويستمر حتى تشرين الثاني/ نوفمبر2019 على الأقل. ويتلقى الطلاب الأموال اللازمة لتغطية تكاليف التسجيل، والدراسة في الجامعة، فضلاً عن تكاليف المعيشة والطعام والسفر. قال أحمد سيدا، طالب حقوق، إنه يتلقى حوالي 150 دولاراً شهرياً، وهو ليس مبلغاً كبيرا بالنسبة لأربيل، التي تعتبر مدينة مكلفة نسبياً، وعلى شقيقته أن تعمل لمساعدة الأسرة.
لا تنسونا
سيتخرج الطلاب السوريون الذين التحقوا ببرنامج (HOPES) بشهادات عليا ومهارات لغوية. وسيكون لديهم آفاق أفضل بكثير لمواصلة الدراسات والوظائف سواء قرروا العودة إلى سوريا أو بقوا في الخارج.
وأوضح كارستن فالبنر، مدير مشروع (HOPES)، أنه في بعض المجتمعات المضيفة، تكون الموارد اللازمة لتدريس مقررات مثل الطب محدودة أو حتى غير موجودة. كما هو الوضع في شمال العراق، إذ عندما خفضت الحكومة المركزية التمويل، لم يعد بوسع كردستان أن تتحمل رواتب معلميها، ما أدى إلى إضرابات. إلا أن لؤي حاجي يتمنى أن ينظر مشروع (HOPES) والدول الداعمة إلى وضع اللاجئين السوريين في شمال العراق بجدية أكثر.
وقال لؤي حاجي: "يوجد في الأردن الكثير من الفرص، وفي تركيا يوجد الكثير من المنح الدراسية أيضاً، هناك الكثير من الدعم القائم، وكذلك الأمر في لبنان. لكن أعتقد أنهم قد نسوا بطريقة أو بأخرى وجود لاجئين سوريين في العراق. لا أعرف السبب".
نظرة "استغراب" للاجئين
جميع طلاب (HOPES) في منطقة كردستان العراق من الأكراد، كالسكان المحليين. غير أن كلا الطالبين الشابين، اللذين قد تحدثا إلى مهاجر نيوز قالا إنه لا تزال هناك اختلافات كبيرة، حيث يقول لؤي حاجي: "نحن أكراد، لكن في نهاية الأمر، نحن سوريون". "إذا كان بحوزتك جواز سفر سوري، يعاملونك كسوري. بيد أن الناس لطفاء جداً، إلا أنه بالنسبة للحكومة، أنت لاجئ، وستعامل كلاجئ".
على الرغم من ذلك، يريد حاجي البقاء في شمال العراق طالما أنها آمنة. وقال واصفاً الأشهر الثمانية الأخيرة منذ استفتاء الاستقلال، الذي أدى إلى نشوب قتال بين القوات الكردية والميليشيات العراقية، إنها "مرعبة للغاية". "كأن ما يحدث في سوريا كان يحدث هنا".
في لبنان والأردن، يُنظر إلى اللاجئين السوريين على أنهم دُخلاء، وأي حديث عن الاندماج محرم. ويقول معظم الطلاب إنهم يرغبون في المغادرة عند انتهاء دراستهم والعودة إلى سوريا أو إلى الغرب.
ما هو التالي؟
الهدف من مشروع (HOPES) هو أن يتمكن جميع اللاجئين السوريين المشاركين في البرنامج من المساعدة في إعادة بناء وقيادة بلادهم. الأمر الذي قد لا يحدث لفترة طويلة، كما أن بعضهم مصابون بصدمات نفسية قد لا تساعدهم على العودة، في حين أن البعض الآخر لا يملك شيئاً يعود إليه. وقال فالبينر: "لقد أروني بعض الصور على هواتفهم الذكية للقرى المدمرة تماماً، وقالوا" هل تعتقد أنني أستطيع العودة إلى هنا؟".
يأمل لؤي حاجي في يوم من الأيام بإدارة عمل يتعلق بالتعليم. وقد بدأ بالفعل بمشروع غير ربحي يقدم من خلاله الدعم للمعلمين في إقليم كردستان، إلا أن طموحه الرئيسي هو: "الحصول على مكان آمن حيث يمكنني القيام بأشياء بشكل طبيعي كالناس الطبيعيين الآخرين. كالقيام بدراستي، ووظيفتي جيداً، وأن أعرف بأنني في مأمن، وأن أتمكن من تكوين عائلة في وقت ما في المستقبل. العيش بشكل طبيعي فقط – هذه هي أقصى أمنياتي".
ماريون ماكغريغور/ ريم ضوا