منتخب ألمانيا بعد بطولة يورو 2024.. عين على المونديال القادم
١٦ يوليو ٢٠٢٤هل كان يورو 2024 ناجحا للفريق الألماني؟
بالنسبة لفريق كانت لديه طموحات للفوز بالبطولة، فإن الخسارة في ربع النهائي قد لا تبدو كنجاح. ومع ذلك، هناك شعور كبير بأن يورو 2024 كان إيجابيا للغاية للفريق الألماني.
من جانب آخر أظهرت الانتخابات الأوروبية، التي جرت قبل أيام قليلة من بدء البطولة، أن ألمانيا لا تزال دولة منقسمة في بعض النواحي. فبينما حصل حزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني الشعبوي، على معظم الأصوات في شرق ألمانيا، فاز التحالف المسيحي في غرب البلاد. ولا يمكن لفريق كرة القدم الوطني سد هذه الفجوات، لكن هذا الفريق متعدد الثقافات سعى ليكون رمزا لألمانيا أكثر وحدة. وبهذا، استيقظ شيء ما داخل قاعدة جماهيره بعد سنوات من الانفصال العاطفي.
هذا الأمر ساعد الفريق في أرض الميدان فاستعاد حيويته، ولعب كرة قدم مثيرة وجريئة وهجومية. وجلب جمال موسيالاوفلوريان فيرتس المهارة والإبداع، واحتفل أنطونيو روديغر ويوزوا كيميش بتصديهم لكرات عند خط الدفاع باحتفال يشبه تسجيل الأهداف، وأثبت المدرب يوليان ناغيلسمان أن قرار تعيينه كان صائبا، حيث كان دائما يبحث عن تغيير الأمور لصالح فريقه في أي لحظة من المباراة.
ولم يكن المدرب السابق لفريق سانت باولي فابيان هورتسلر مخطئا عندما قال في حديثه مع صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" إن ألمانيا لم تهزم فريقا كبيرا وكانت لديها مشكلات ضد سويسرا، مما يعني أن البطولة لم تكن "ممتازة" من الناحية الرياضية. ومع ذلك، وبعد ثلاث بطولات متتالية خيبت فيها ألمانيا الآمال وظهرت من دون جودة وحظ، كانت بطولة يورو 2024 خطوة في الاتجاه الصحيح. وعلى عكس القطارات في ألمانيا التي تعاني من التأخير، عودة هذا الفريق إلى النخبة كانت في الوقت المناسب.
كيف يشعر المشجعون؟
الشعور العام إيجابي للغاية. أجرت مجلة "كيكر" الرياضية الألمانية استطلاعا شارك فيه أكثر من 94000 شخص حول ما إذا كان المنتخب الوطني قد جذبهم عاطفيا. أجاب أكثر من 78000 منهم بنعم.
من الواضح أن خيبة الأمل في الخسارة أمام إسبانيا ستظل موجودة، خاصة مع شعور كثيرين بأن ألمانيا حرمت من ضربة جزاء في الوقت الإضافي، ولكن الفخر بهذا الفريق قد عاد. استبدلت خيبات الأمل في مونديال روسيا ومونديال قطر بفرحة ميونيخ وفرانكفورت ودورتموند حيث استمتع المشجعون الألمان بأداء فريقهم، وبعزف الساكسفون من أندريه شنور، والزي الاحتياطي للمنتخب بلونه الوردي، والطبيعة الودية للمشجعين الاسكتلنديين الذين انتشروا في المدن الألمانية.
كان بينغت كونكل أحد الشخصيات الرائدة في خلق تلك الأجواء في المدرجات خلال مباريات ألمانيا، ووصف المشجع البالغ من العمر 25 عاما البطولة بأنها "رحلة حلم لنا كمشجعين". قال كونكل لـDW: "كان لها سحر خاص جدا. أعتقد أن الأساس قد وُضع لننمو عليه، وأن ألمانيا متحمسة مرة أخرى لهذا المنتخب الوطني".
عادة ما تكون العلاقة بين المشجعين والمنتخب تكافلية، وغالبا ما لعب دعم المشجعين دورا في تدفق الحماس إلى مباريات ألمانيا. المنتخب اعترف بذلك وكتب رسالة مفتوحة بعد انتهاء البطولة، قائلا فيها لاعبو المنتخب، إنه رغم الفشل في تحقيق لقب لألمانيا في ألمانيا، فإن المشاعر التي أظهرها مشجعوهم هي ما تبقى: "لقد افتقدنا عاطفتكم في السنوات الأخيرة. الآن استعدناها... ونأمل أن يكون المتبقي في ذاكرتكم هو كيف لعبنا من أجلكم، كيف قاتلنا وسجلنا الأهداف".
هل أثبت يوليان ناغيلسمان نفسه؟
وصل المدرب السابق لفريق بايرن ميونيخ محاطا بالكثير من الشكوك. هل كان شديد التركيز والتفاصيل؟ هل كان يهتم كثيرا بما يرتديه على الخطوط الجانبية؟ كل هذه الشكوك تلاشت، حيث أكد يوليان ناغيلسمان قدراته التدريبية وبرز كالقائد المناسب في الوقت المناسب لألمانيا.
كان ناغيلسمان يتفاعل باستمرار مع الطبيعة المتغيرة للمباريات، وغالبا ما يصحح أخطاءه. كان يتحدث بانتظام عن مدى الامتياز الذي يشعر به للعمل تحت هذا الضغط. تحدث ضد العنصرية. دموعه بعد خروج ألمانيا كانت حقيقية، وذكّرت بمدى أهمية الأمر بالنسبة له. وفي مؤتمره الصحفي الأخير، نقل كل الوحدة حول الفريق ومشجعيه إلى الشعب الألماني.
قال ناغيلسمان في بيان عاطفي: "يجب أن يصبح التواجد معا أكثر أهمية مرة أخرى. يجب ألا نستهلك انفسنا بالحسد، وألا نرى كل شيء سلبيا، وألا نحسد جيراننا على أي شيء. إذا بدأ كل شخص في دائرته الصغيرة، في شارعه، بمساعدة ودعم جيرانه، وألا يرى دائما الجانب السلبي. يجب دمج الناس. هذا هو المهم".
ما القادم؟
ستعود المباريات الدولية بعد شهر من بدء البوندسليغا في 16 أب/أغسطس. وأمام ألمانيا مجموعة من المباريات في بطولة دوري الأمم في سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، حيث ستلعب ضد هولندا والبوسنة والمجر ذهابا وإيابا. وهنا، تبدأ الخطوات الأولى لبطولة كأس العالم 2026 بالنسبة لناغيلسمان. وفي ديسمبر 2024، سيكتشف ناغيلسمان من سيكون في مجموعة التصفيات إلى جانب ألمانيا من أجل التأهل لكأس العالم، وستبدأ حملة المنتخب في مارس 2025 من أجل انتزاع ورقة التأهل، إذا كانت ألمانيا في مجموعة مؤلفة من خمسة فرق، أو ستبدأ في سبتمبر 2025 إذا كانت في مجموعة من أربعة فرق.
هل لدى ألمانيا فرصة للفوز بكأس العالم 2026؟
بعد يورو 2024، الشعور هو أن فرص ألمانيا أصبحت أعلى بكثير مما كانت عليه من قبل. استقر ناغيلسمان على مجموعة وأسلوب لعب، وسيقضي العامين المقبلين في التأكد من أن الفريق ينتقل بسلاسة بعد اعتزال بعض لاعبيه الأسطوريين (مثل توني كروس وتوماس مولر)، وأن يكون الفريق مجهزا بشكل أفضل لمواجهة الفرق الكبيرة. قال ناغيلسمان بعد الخسارة أمام إسبانيا: "إنها تؤلم". "وكذلك حقيقة أنه يتعين علينا الانتظار عامين قبل أن نفوز بكأس العالم"، أضافها بابتسامة.
من الواضح أن ناغيلسمان جاهز. ألكسندر بافلوفيتش، برايان غرودا، روكو رايتس وألكسندر نويبل هم جميعهم مرشحون للانضمام إلى فريق موهوب ومتماسك بالفعل.
التحدي الإضافي سيكون بطولة كأس العالم الموسعة في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا التي تنتظرهم، حيث من المقرر أن يشارك 48 فريقا على مدار 39 يوما. 10 أيام أطول من كأس العالم في 2022 وأسبوع أطول من نسخة 2018.
أعده للعربية: عباس الخشالي