"من برلين إلى طهران بالقطار وفي حقيبتنا قناة إعلامية"
٢٨ مارس ٢٠٠٧في عصر السرعة الذي نعيشه تبدو فكرة السفر بالقطار من برلين إلى طهران فكرة غريبة، فعادة ما يستخدم المسافرون من ألمانيا إلى إيران الطائرات للوصول إلى مقصدهم خلال بضع ساعات فقط. ولكن للسفر في القطار لمسافات طويلة متعة أخرى قد تشد المسافر إلى الماضي البعيد. ففي القرن التاسع عشر كان الهنود الحمر في القارة الأمريكية حين يسافرون بالقطاراتينتظرون في محطة الوصول لساعات طويلة في محطة الوصول، وحين يسألون عن سبب انتظارهم بعد وصولهم كانوا يقولون: "إن أرواحنا لم تصل بعد". هذه الأفكار وغيرها كانت تراودني والمدون السويسري، شتيفان زايدل، حين بدأنا بالتخطيط للسفر. وعلى الرغم من أننا وضعنا هدفا لهذه الرحلة، وهو مقابلة الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، إلا أننا كنا نعلم أن هدف هذه الرحلة هو بحد ذاته السير في هذه الطريق الطويلة عبر ثقافات ودول وجغرافيات متنوعة.
في الرحلة كنا نُسأل مراراً عما نقوم به، ولم تكن لدينا إجابة جاهزة على هذا السؤال. فهل نحن نستعيد تجربة الرحالة العرب، أمثال إبن بطوطة، الذين تركوا للبشرية إرثا رائعا عن المدن التي زاروها؟ أم أننا صحفيون فقدوا عقولهم وقرروا إضاعة الوقت في الطريق إلى مقابلة شبه مستحيلة مع أحمدي نجاد المنشغل بالدفاع عن برنامجه النووي؟
قناة إعلامية في حقيبة صغيرة
لم تكن لدينا إجابات مقنعة، لكن بحوزتنا أسئلة كثيرة نطرحها على كل من نقابله ونسجل ما نفعله وننشره من خلال "القناة الإعلامية" التي يحملها زايدل في حقيبته الصغيرة. ولعل أكثر ما أثارني خلال هذه الرحلة كانت هذه الحقيبة الصغيرة التي تحوي جهاز كمبيوتر محمول وكاميرا فيديو للهواة وجهاز تسجيل صوتي صغير. فمن خلال هذه الأدوات البسيطة بالإضافة إلى جهاز الجوال الذي يحمله زايدل كانت تنتج وتنشر يوميا تجاربنا، التي كنا نمر بها أثناء الرحلة، إلى المشاهدين على شكل نصوص وصور وملفات مرئية وصوتية في الإنترنت. بذلك كان المتابع للرحلة يعيش معنا ويشارك من خلال تعليقاته في تشكيلها. وعادة ما تحتاج وسائل الإعلام التقليدية إلى أموال طائلة لإنتاج مثل هذه المواد.
ولقد استطعنا رغم النقص في حرفية المواد المنتجة أن ننقل للمشاهد تجربة فريدة لا يمكن للقنوات الإعلامية التقليدية أن تتيحها. ورغم أن النقص في الحرفية، الذي تميز به عملنا، كان في البداية أمرا مزعجا بالنسبة لي كصحفي، إلا أنني أدركت في النهاية أن المبالغة في المونتاج والتحضيرات والجدية التي يتميز بها عمل الصحفي ربما تكون عائقا يحول دون نقل الصورة الواقعية ويبتعد بالصحفي عن التلقائية والارتجال والفكاهة المطلوبة.
من الحمام العربي إلى مستشار أحمدي نجاد الإعلامي
بدأت رحلتنا في 19-2-2007 وانتهت في 21-3-2007، وقمنا خلال هذه الفترة بعدة بمقابلات مع المسافرين معنا في القطار وأيضا مع شخصيات معروفة وغير معروفة في محطات الرحلة في كل من صوفيا واسطنبول وطهران. وما تزال تبعات هذه الرحلة تنشر في الصفحة المخصصة ضمن موقع ربل.تي.في rebell.tv. فعلى سبيل المثال علمت اليوم أن الصحفي، غوي هيلمينغر من مؤسسة دويتشه فيله كان أيضا يدون بشكل يومي من إيران في نفس فترة رحلتنا تقريبا. وبالتأكيد سينشر موقع ربل.تي.في تقريراً عن رحلته التي يبدو أنها تحمل طابعا مشابهاً لرحلتنا، من خلال احتوائها على فقرات كتابية عديدة حول الحياة اليومية في إيران وما يعيشه المرء من تجارب في الشارع أو المطعم أو أي مكان آخر.
وقد تنوعت كذلك مواضيع الفقرات في موقع ربل.تي.في بين فيديو يبين فيه زايدل كيفية استخدام الحمام العربي إلى مقابلة مع المستشار الإعلامي لأحمدي نجاد يتحدث فيه عن أهمية ظاهرة التدوين. ورغم أننا لم نقابل الرئيس الإيراني شخصيا إلا أننا تعرفنا على جوانب مثيرة في المجتمع الإيراني لم نراها من قبل في وسائل الإعلام المعروفة.