وكالة أنباء جديدة في ليبيا ـ من الليبيين وإليهم
١٩ نوفمبر ٢٠١٥توجد في ليبيا حكومتان متنافستان فيما بينهما، يضاف إليهما ميليشيات مسلحة تقاتل منذ سنوات من أجل السلطة، عطفا على إرهابيي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). كل هذا جعل ليبيا تعاني حالة من الفوضى، وأصبح من الصعب أن يعيش المرء حياة عادية. كما أن الحصول على أخبار حول الأوضاع في داخل البلاد مستحيل، بيد أن هناك بوادر تشير إلى أن هذا الوضع قد يتغير.
إذ تريد وكالة الأنباء الليبية الجديدة (Cloud News Agency) القيام بالخطوة الأولى من أجل توفير تغطية إخبارية أفضل من داخل ليبيا وعن ليبيا. في هذا الصدد يقول طارق الهوني، رئيس تحرير الوكالة إن "الليبيين في حاجة إلى معلومات من ليبيا ومن الليبيين، وهذا أمر ضروري لتحقيق بداية جديدة في طريق الديمقراطية".
ففي الوقت الحالي "يحصل معظم الليبيين على الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن فقدوا الثقة في وسائل الإعلام الوطنية والدولية بعد الثورة في البلاد". بيد أن وسائل التواصل الاجتماعي "تزيد فقط من تعميق الفجوة بين الفصائل المختلفة في البلاد"، يضيف الهوني.
استمرار الصراع على السلطة يعيق عمل الصحفيين
تحقيق السلام والاستقرار في الوقت الحالي يبدو أنه صعب المنال. فالمحادثات بين الحكومة المعترف بها دوليا في طبرق (شرقي ليبيا)، وبين الحكومة الإسلامية المعارضة في طرابلس تعثرت. ومؤخرا تم تعين مبعوث أممي جديد وهو الألماني مارتن كوبلر. فسلفه، الإسباني برناردينو ليون، نجح في جمع الجماعات المتنافسة إلى طاولة المفاوضات، غير أن حكومة طبرق رفضت المصادقة على اتفاق السلام المقترح.
وكالة أنباء جديدة بدعم أوروبي
يخضع كل صحفي يخاطر بحياته لتغطية الحرب الأهلية في ليبيا لرقابة صارمة. التنقل شبه مستحيل بسبب وجود نقاط التفتيش وبسبب اندلاع المعارك. فكلا الحكومتين تسيطران على جزء من البلاد، وبينهما تنشط العصابات، ومليشيات تنظيم "الدولة الإسلامية" ومقاتلين من الطوارق.
فحتى وسائل الإعلام الأجنبية سحبت مراسليها منذ فترة طويلة بسبب الوضع الخطير في ليبيا. ونتيجة لذلك، نادرا ما يتوصل السكان بأخبار من بعض الأجزاء الأخرى من التراب الليبي. وبناء على ذلك يرى طارق الهوني، رئيس تحرير وكالة الأنباء الجديدة أن "المهمة الرئيسية هي توفير المعلومات ومواكبة الأحداث"، مضيفا أن الوكالة الجديدة "ستغطي جميع أنحاء البلاد بمراسلين مدرَّبين".
ففي 19 من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري سيبدأ مراسلو الوكالة عملهم. وخضع أكثر من مائة مراسل ومحرر للتدريب. إطلاق الوكالة الليبية الجديدة أشرفت عليه أكاديمية دويتشه فيله (DW) المؤسسة الألمانية الرائدة في تطوير وسائل الإعلام الدولية بتعاون مع المفوضية الأوروبية. وحسب المفوضية الأوروبية فهذا الدعم الذي قدمته للوكالة الليبية يندرج ضمن "الاستقرار من خلال الهيكلة".
إعلام بدون إنترنت!
من جانبه يصف كريستيان غرامش، مدير أكاديمية دويتشه فيله، الهدف من هذا المشروع بالقول: "وكالة الأنباء الليبية هي مهمة جدا من أجل الحصول مرة أخرى على صورة محايدة عن ليبيا. كما سيساعد ذلك على حصول الليبيين مرة أخرى على معلومات موثوق بها عن بلدهم".
لكن الأطراف التي تدعم هذا المشروع الإعلامي في ليبيا واعية بصعوبة المهمة وهو ما يعبرعنه مارتن هيلبرت، منسق أكاديمية دويتشه فيله في ليبيا بالقول: "نحن نؤسس وكالة أنباء في بلد مزقته الحرب". بالإضافة إلى ذلك فلا توجد شبكة إنترنت في البلاد، وهو تحد تحاول وكالة الأنباء الليبية تجاوزه باستخدام تكنولوجيا الأقمار الصناعية. ويقوم المراسلون بتحميل النصوص عن طريق نظام "الحوسبة السحابية".
الإصرار على الاستمرار رغم الصعوبات
بعد إرسال التقارير يتولى مهمة تدقيقها فريق من المحررين. فالوكالة لا تتوفر على مكتب دائم لدواع أمنية. ولكن يمكن الدخول إلى الخادم (السيرفر) من أي مكان. وبعد إجراء آخر تدقيق لمعطيات الأخبار من طرف رئيس التحرير طارق الهوني يتم إرسال الأخبار إلى المشتركين في جميع أنحاء العالم لنشرها.
ومن أجل التقليل من حدة المخاطر التي تواجه المراسلين، ينبغي عليهم الاقتصار على تغطية الأخبار في البلدات التي يقنطونها فقط. كما يتوفر كل مراسل "على منسق من نفس منطقته أو في منطقة أقرب منها، يلعب دور الوساطة في حال وجود صعوبات وتهديدات"، حسب طارق الهوني.
كما أن الوضع المالي للوكالة يحتاج إلى حلول، كما يرى رئيس تحريرها. فبعد الدعم الأولي من أجل التأسيس الذي حصلت عليه الوكالة، يأمل طارق الهوني في كسب المزيد من المشتركين من داخل ليبيا، لأن ذلك هو السبيل الوحيد الذي سيضمن نجاح وكالة الأنباء الليبية الجديدة رغم كل الصعوبات الموجودة.