من الصحراء الكبرى .. العواصف الترابية تهب على أوروبا
٣٠ أبريل ٢٠٢٤هب الغبار من الصحراء الكبرى قاطعا آلاف الأميال فوصل إلى العاصمة اليونانية أثينا قبل أيام، وهو ما نجم عنه حدث طبيعي مذهل، حيث باتت السماء برتقالية اللون فوق معالم المدينة العريقة مثل منطقة الأكروبوليس الأثرية، وبدت أشبه بسطح المريخ.
أصبحت العواصف المحملة بالغبار والتي تنتقل من الصحراء الكبرى إلى العواصم الأوروبية، شائعة ومتكررة منذ سنوات، فيما أثار ذلك تساؤلات حيال أسباب تكرارها ومخاطرها.
تطور العواصم الترابية
تحدث العواصف الترابية عندما تهب رياح عاتية عبر الصحراء الكبرى التي تمتد عبر شمال أفريقيا وتعد أكبر صحراء حارة في العالم، خاصة في ظل الظروف المناخية الجافة. وفي مقابلة مع DW، قال كارلوس بيريز غارسيا باندو، الخبير المتخصص في دراسة العواصف الرملية والترابية في معهد الحوسبة الفائقة في برشلونة، إن رمال الصحراء تتألف من العديد من الجزيئات المختلفة بعضها كبير وثقيل وهي تعد أولى الجسيمات التي تلتقطها الرياح العاتية.
وأضاف أن هذه الجزيئات الكبيرة والثقيلة ليست التي تشق طريقها عبر البحر المتوسط إلى أوروبا بسبب أنها تسقط على الأرض وتتفتت إلى جزيئات أقل حجما. وفي ذلك، قال باندو إن جزيئات الغبار الصغيرة تقطع مسافات طويلة بسبب وزنها الخفيف.
وأضاف الباحث أنه يجب أن تكون الظروف جافة حتى تحدث هذه العواصف، وإلا فإن الجزيئات سوف تتحد وتصبح ثقيلة لدرجة أنها لا تستطيع الطيران لمسافات طويلة، مشيرا إلى أن العواصف الرملية تنشط في المناطق التي تفتقر إلى المساحات الخضراء لأن النباتات تبطئ من قوتها وسرعتها.
تحركها صوب أوروبا
ويقول العلماء إن العواصف الترابية تحدث بشكل منتظم في منطقة الصحراء الكبرى، لكن من أجل تمكنها من قطع مسافات طويلة على بعد آلاف الأميال شمالا، فإنها في حاجة ماسة إلى طقس وأجواء مناخية محددة مثل الرياح القوية التي سوف تدفعها لتجاوز هذه المسافات طويلة.
وقال باندو إن أنظمة الطقس منخفضة الضغط ترتبط بالغبار الصحراوي بسبب نشاطها القوي وانتاجها للرياح القوية التي تتحرك في عكس اتجاه عقارب الساعة، مضيفا أن نظام الطقس عالي الضغط قد يتسبب في الغبار الصحراوي، لكن بشكل أقل احتمالا.
وفي مقابلة مع DW، قال ستيوارت إيفانز، من جامعة بوفالو في نيويورك، إن جزيئات الغبار التي تطير إلى أوروبا قادرة على البقاء في الهواء لفترة طويلة لأنها أصغر بكثير من الرمال التي سرعان ما تسقط على الأرض، مضيفا "العواصف التي تصل أوروبا ترابية وليست رميلة".
مخاطر العواصف الترابية
قال باندو إن العواصف الترابية التي تصل أوروبا ليست وليدة اللحظة إذ "حدثت مرارا وتكرارا إذ إن الغبار قديم قدم الأرض، لذا فهي ليست ظاهرة جديدة".
وأشار إلى أن دراسة العواصف الترابية يجب ألا تكون مصدرا للخوف، مضيفا أن الأمر يتعلق بفهم هذه الظاهرة والوقوف على تداعياتها على المجتمع والمناخ. وقال إن الغبار ليس نقمة على الدوام إذ إنه قد يمثل نوعا من المواد المغذية للغابات والمحيطات، حيث يغذيها بالحديد والفوسفور.
وشدد الباحث على أن وتيرة العواصف الترابية تزايدت منذ عصور ما قبل الصناعة، عازيا ذلك إلى النشاط الزراعي المتنامي وأيضا إلى تفاقم ظاهرة تغير المناخ.
وقال إن ظاهرة تغير المناخ أدت إلى جفاف مصادر المياه، مشيرا إلى أنه بمجرد جفاف مياه أي بحيرة، فإن "الرواسب العالقة في القاع تصبح أكثر قابلية للتآكل ما يعني إمكانية أن تنطلق بسهولة إلى الغلاف الجوي".
ورغم التقدم البحثي الكبير، إلا أن الباحثين غير قادرين على حسم قضية مفادها هل تغير المناخ يتسبب في زيادة أو تقليل قوة الرياح مما يزيد من الغموض حيال مستقبل العواصف الترابية.
وقال باندو إن هذه القضية تمثل "واحدة من الشكوك الرئيسية التي نواجهها من أجل التنبؤ بمستقبل العواصف الترابية، لذا علينا فهم كيفية تطور الرياح سواء أكانت قوية أم متوسطة".
طرق الحماية
مع تكرار العواصف الترابية ، يتساءل كثيرون حيال طرق مواجهتها.
وفي هذا الصدد، شدد باندو على ضرورة اتباع نصائح خبراء الطقس، خاصة عندما يتعلق الأمر بانخفاض جودة الهواء، مضيفا أن الغبار قد يشكل خطرا على الجهاز التنفسي. وفي هذه الحالة، ينصح الأطباء بارتداء كمامات عند الخروج من المنازل خاصة للأشخاص الذين يعانون من أمراض تنفسية.
أعده للعربية: محمد فرحان