من الإسلام إلى الإرهاب - حيرة في الأوساط الأمنية والإعلامية في ألمانيا
١١ سبتمبر ٢٠٠٧نشئا في الطبقة المتوسطة في ألمانيا باسمين عاديين هما فريتز ودانييل وتعلما في مدارس جيدة وكانا حتى يلعبان كرة القدم الأمريكية وكرة السلة .لكن الألمانيين فريتز جيلوفيتز ودانييل شنايدر، اللذين احتلا عناوين الأخبار في وسائل الإعلام الألمانية منذ اعتقالهما، خرجا عن المسار العادي في مرحلة ما ليصبحا متشددين إسلاميين. وقد أحبطت الشرطة يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي خططهما لتنفيذ هجمات ضخمة بسيارات مفخخة على أهداف أمريكية في ألمانيا. واعتقلا مع رجل تركي يدعى ادم يلماز نشأ هو الآخر في ألمانيا، وذكرت الشرطة أنه كان في حوزتهم مواد تكفي لصنع قنابل تعادل في قوتها 550 كيلوجراما من مادة تي.ان.تي. شديدة الانفجار.
ألمانيان على درب القاعدة
وأذهلت المعلومات عن خطتهما ألمانيا، التي نجت إلى حد بعيد من أعمال العنف التي نفذها متشددون إسلاميون في الولايات المتحدة وبريطانيا واسبانيا. وكان من الصعب على الألمان تحديد السبب الذي قد يدفع شخصا نشأ في بلدهم ويتمتع بالرخاء إلى سلوك طريق الطالب العربي المتشدد محمد عطا، الذي أقام في ألمانيا كطالب في هامبورغ قبل أن يقود هجمات 11 سبتمبر/ أيلول التي استخدمت فيها طائرات مخطوفة في الولايات المتحدة عام 2001.
ونهج خبراء الإرهاب الألمان على التفريق بين الإرهاب القديم، إرهاب التنظيمات اليسارية المتطرفة والإرهاب الصادر عن الحركات الإسلاموية، لأن الألمان لا يعرفون الشيء الكثير عن الإرهابيين الإسلامويين ولا عن خلفياتهم وأهدافهم. لكن الخبير الألماني كريستيان رات، يرى في تصريح لموقعنا :"بأن واقع أن اثنين من الإرهابيين اللذين ألقي القبض عليهما ولدا في ألمانيا ومن أبوين ألمانيين واعتنقا بعد ذلك الإسلام، لا يمكن أن يعلمنا شيئا عن طريقة تفكير وإحساس هؤلاء الناس. إن الأمر بعد غريب بالنسبة لعموم الجمهور. ويضيف رات بالقول: "إن الأمر ينطبق تماما على الإرهاب القديم الصادر عن الجيش الأحمر غريبا بالنسبة للمجتمع الألماني، لقد كانوا جميعا أبناء أسر بورجوازية متوسطة، ومع ذلك فإني أعتقد بأنه من السهل على المجتمع الألماني أن يفهم بسهولة قيام مهاجرين بعمليات إرهابية، قادمين، لربما من حرب أهلية أو ظروف صعبة، بدلا من توقع قيام ألمان بذلك".
محاربة الإرهاب والحريات المدنية
لم يتأخر وزير داخلية ولاية بافاريا غونتر بيكشتاين، الذي تعود الجمهور على مواقفه الحديدية، في الدعوة إلى ضرورة إخضاع الألمان، ممن اعتنقوا الإسلام، لمراقبة الأجهزة الأمنية، اقتراح دفع الكثيرين لإعادة التساؤل، الذي طرح مباشرة بعد عمليات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية: كيف يمكن محاربة الإرهاب دون الإجهاز على مكتسبات الدولة الديمقراطية والحقوق المدنية للمواطنين؟ كريستيان رات يرفض اقتراح وزير داخلية بافاريا، ويعلق قائلاً: "إلا إذا كان ذلك يعني مراقبة الألمان الذين اعتنقوا اتجاها إسلاميا متطرفا. أما تعميم هكذا اقتراح على كل من اعتنق الإسلام فهو أمر غير مقبول في دولة ديمقراطية. وإلا كيف سيتم التعامل مع أناس تحولوا عن الإسلام إلى المسيحية مثلا؟ هل سيتم وضعهم أيضا تحت المراقبة؟". لكن إذا كانت عملية المراقبة هذه، ستحول دون وقوع عمل إرهابي كبير، فلا يرى رات مانعا من إخضاع المشتبه بهم للمراقبة، كما حدث طيلة الشهور الماضية مع الخلية الإرهابية، التي خططت لضرب مطار فرانكفورت وقاعدة عسكرية أمريكية.