محمد السادس وغرهارد شرورد: "شباب أفريقيا أمام فرصة تاريخية"
١٦ مارس ٢٠١٩دعا كل من العاهل المغربي الملك محمد السادس والمستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر اليوم السبت (16 مارس/ آذار 2019) قادة حكومات وهيئات مجتمع مدني من خمسين دولة أفريقية وعربية ومن أمريكا اللاتينية إلى دعم التعاون جنوب جنوب ( أي بين هذه الدول).
وشدد العاهل المغربي في خطاب وجهه إلى المشاركين في منتدى "كرانس مونتانا" بمدينة الداخلة (الواقعة على ساحل المحيط الأطلسي جنوب الصحراء الغربية) على "ضرورة التكيف" مع الواقع الجديد والعمل على تطوير السياسات لما فيه خير الشعوب ومستقبل الشباب، محذراً من "اضطرابات غير مسبوقة، من أبرز تجلياتها التحول الديموغرافي والانتقال الأيكولوجي والثورة الرقمية وأنماط الاتصال والتنقل".
ومن جهته حث المستشار الألماني السابق في خطاب أمام المشاركين في منتدى كرانس موناتنا على المزيد من التعاون وخصوصاً "جنوب جنوب" (الأفريقي) لمواجهة التحديات المتنامية في "مرحلة انتقالية صعبة على الصعيد الدولي تتسم بصعود دور الصين وعدم يقين يحيط بالدور الأمريكي وعودة ظهور الفكر المحافظ والحواجز التجارية"، معتبرا أن "كلمة السر هي العمل المشترك بين دول الجنوب" مشيداً بخطوات التعاون بين الدول الأفريقية.
وحذر المستشار الألماني السابق من أوضاع غير مستقرة تفرزها المرحلة الانتقالية، التي يجتازها العالم حاليا، ودعا إلى "مواجهة التحديات والأفكار المتطرفة ودعوات صدام الحضارات، إضافة إلى التحدي الأمني. وأشار شرودر إلى الصراعات القائمة في سوريا واليمن وليبيا ونزاعات أخرى في القارة الأفريقية، إضافة إلى تعثر مسار السلام في الشرق الأوسط"، ورأى أن "السلام هو السبيل لتحقيق الأمن، وبدون الأمن لن تتحقق التنمية"، مضيفا بأن "فقدان واحدة من هذه الحلقات يجعل العالم يعيش في دوامة مفرغة من عدم الاستقرار".
دعم فرص الشباب في القارة الأفريقية
وفي خطاب موجه للمشاركين في المنتدى، تلي باسم الملك محمد السادس، اعتبر أن الفشل في إدماج الشباب وتمكينه من الفرص والإمكانيات الاقتصادية المتاحة في القارة السمراء سيكون "وبالاً على قارتنا وعلى مناطق أخرى" مشيراً في هذا الصدد إلى الجارة الأوروبية. وقال الملك المغربي إن "هجرة بعض شبابنا إلى آفاق أخرى محفوفة بالمخاطر، بحثا عن غد أفضل، لا ينبغي أن يكون قدراً محتوماً، ولا عنوانا لإفريقيا فاشلة"، داعيا إلى "العمل على تنزيل حلول وجيهة ومناسبة، حتى يرى شبابنا مستقبله في أفريقيا ومن أجل أفريقيا".
وتوافق رأي العاهل المغربي والمستشار الألماني السابق في موضوعات التشديد على أولويات التنمية ومكافحة الفقر ودعم فرص الشباب بالقارة الأفريقية. ففيما دعا العاهل المغربي إلى "إطلاق مشاريع تنموية كبرى في القارة الأفريقية كفيلة بتغيير واقعها" مشيراً إلى أولوية ميادين التعليم والصحة والزراعة ومكافحة الفقر. شدد شرودر في كلمته، أمام صناع قرار وقادة للمجتمع المدني يشاركون في منتدى كرانس مونتانا، على "ضرورة العمل المشترك على إيجاد حلول سلمية لنزاعات القارة الأفريقية والشرق الأوسط"، بموازاة العمل بين دول القارة الأفريقية "وفق ثلاثة أولويات: دعم الاستثمارات الخاصة في أفريقيا من أجل خلق تنمية مستدامة وخلق فرص العمل، وثانيا: تعزيز البنيات التحتية خصوصا النقل والاتصالات والطاقة، وثالثا: دعم برامج التكوين المهني والتعليم وجعلها متلائمة مع متطلبات سوق العمل، خصوصا بالنسبة للشباب".
وبصدد المقارنة بين الاندماج الأوروبي وتكتلات ومجموعات إقليمية أخرى، قال شرودر إن "تجربة الاندماج الأوروبي لا يمكن وصفها بالمثالية ولا يمكن الزعم بأنها تمثل الوصفة السحرية لمناطق العالم الأخرى". بيد أن المستشار الألماني السابق شدد على ضرورة العمل في إطار "التعاون القاري" كسبيل للاندماج بين الدول الأفريقية وخصوصا في مجالات الأمن والسلم والتنمية المستدامة.
وتتواصل فعاليات منتدى كرانس مونتانا الذي تنظمه مؤسسة كرانس مونتانا الأوروبية غير الحكومية (مقرها سويسرا) سنويا في مدينة الداخلة تحت شعار "بناء قارة أفريقية قوية وحديثة في خدمة الشباب" بمشاركة أكثر من ثلاثة آلاف مشارك من خمسين بلداً من أفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية. ويسعى المنتدى إلى بلورة تصورات وبدائل لتعزيز مكانة الشباب والمرأة والفئات الضعيفة والطفولة في أفريقيا، ويمنحها فرصا أقوى وأقدر على الصمود في وجه المتغيرات السريعة وفي وجه الفقر وانسداد الآفاق ودعوات التطرّف والتهميش والإقصاء.
وتلتئم أعمال المنتدى في مدينة الداخلة ثاني أكبر حواضر الصحراء الغربية، ودون أن يجري التركيز في أعمال المنتدى على موضوع نزاع الصحراء الغربية، فيما تستأثر قضايا التنمية والبحث عن بدائل وفرص للشباب، فيما يعتبره المنظمون محاولة لمساعدة شباب القارة الأفريقية على الاستقرار والتغلب على تحديات الفقر والهجرة غير الشرعية والتطرف التي تتغذى من النزاعات والفساد واستغلال ونهب ثروات القارة السمراء.
الداخلة – منصف السليمي