مقتل 13 رهينة تركياً بشمال العراق يشعل الخلاف السياسي بتركيا
٢٠ فبراير ٢٠٢١خلال عملية عسكرية شنتها القوات المسلحة التركية ضد حزب العمال الكردستاني المحظور في شمال العراق، تم انتشال جثث 13 مواطنا تركيا من كهف جبلي في منطقة غارا الأسبوع الماضي.
ويقاتل حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي جماعة إرهابية، من أجل الاستقلال السياسي للمناطق الكردية المأهولة في تركيا منذ عام 1984. ولم تتضح بعد ملابسات مقتل الأشخاص الثلاثة عشر.
وبحسب الحكومة التركية، فإن الميليشيا قتلتهم من خلال إصابة برصاصة في الرأس. لكن حزب العمال الكردستاني ينفي ذلك ويقول إن الرهائن قتلوا في قصف لسلاح الجو التركي. وقال الرئيس رجب طيب أردوغان إن الجيش كان يريد إنقاذ المخطوفين، "ولم ننجح"، معترفا بالفشل.
من هم الـ 13 قتيلا؟
هؤلاء هم من موظفي الدولة الأتراك، ومن بينهم رجال شرطة وعساكر، اختطفهم حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا في عامي 2015 و2016 وقام بترحيلهم إلى شمال العراق، حيث جرى احتجازهم هناك كرهائن لسنوات. ومنذ أن ألغى الرئيس التركي أردوغان عملية السلام مع الأكراد عام 2015، تقوم الميليشيا باختطاف عدد متزايد من المواطنين الأتراك واحتجازهم كرهائن.
ما الذي عرفته الحكومة؟
هؤلاء الرهائن لدى حزب العمال الكردستاني لم يعرفوا حتى الآن اهتماما كبيرا لدى الرأي العام التركي. وينتقد سياسيون معارضون ومنظمات حقوقية افتقار الحكومة للشفافية في التعامل مع القضية.
ووفقًا لمنظمة حقوق الإنسان التركية (IHD)، على سبيل المثال، تُرك أفراد عائلات الرهائن للمجهول طيلة سنوات. وكان عليهم اللجوء إلى الأحزاب السياسية أو المنظمات غير الحكومية عدة مرات، دون جدوى، للحصول على معلومات حول عمليات الاختطاف، وفقًا لما ذكره لـ"DW" (دويتشه فيله) رئيس المنظمة أوزتورك توركدوجان. "كل الاتصالات لم تنجح. وببساطة الدولة لم ترغب في التواصل".
وأفاد النائب عن حزب الشعب الجمهوري، مراد باكان، لـ DW أن الحكومة تجاهلت دائمًا أسئلته البرلمانية.
واشتكى العديد من العائلات من اللامبالاة وعدم رغبة الدولة في التوضيح، كما قال باكان. "على الرغم من أنني أنقل باستمرار أوضاع العائلات وصرخاتهم، واستغاثاتهم إلى البرلمان، لم يتم اتخاذ أي إجراء على الإطلاق".
ما الذي تنتقده المعارضة؟
يلقي حزب الشعب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي باللوم على الحكومة التركية في مقتل الرهائن الـ 13 في شمال العراق. وفي خطاب رفيع المستوى في اجتماع المجموعة البرلمانية، اتهم رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليجدار أوغلو، الرئيس التركي بأنه لم يفعل سوى القليل لإنقاذ الرهائن. وأنه كان بإمكان أردوغان إنهاء احتجاز الرهائن من خلال المفاوضات مع الزعيم الكردي المسجون عبد الله أوجلان. وكذلك كان بمقدور دونالد ترامب، الذي كانت تربطه علاقات جيدة مع أردوغان، التوسط. وبحسب كيليجدار أوغلو، كان على الرئيس التعاون مع منظمات حقوق الإنسان لإطلاق سراح الرهائن. كما طرح سؤالا عن سبب فشل العملية العسكرية في شمال العراق، التي أسفرت عن مقتل المواطنين الأتراك.
ترك الرئيس التركي أردوغان جميع الأسئلة دون إجابة ووصف كيليجدار أوغلو بأنه "تربى تربية سيئة". وبعد اجتماع لمجلس الوزراء يوم الأربعاء، واصل أردوغان الاتهامات ضد خصمه فقال: "كيليجدار أوغلو رجل حصل على رئاسة حزب الشعب الجمهوري من خلال العنف والاحتيال". كما اتهم أردوغان زعيم المعارضة بعدم الرغبة في الاعتراف بأن حزب العمال الكردستاني "منظمة إرهابية بغيضة".
كيف ترد الحكومة التركية على الحادث؟
عندما كان أردوغان في مؤتمر حزبي لحزب العدالة والتنمية في مدينة ريزا على البحر الأسود هذا الأسبوع، وقع شيء غريب: فبينما كان يتحدث على المنصة، أخرج هاتفه المحمول فجأة واتصل بوالدة أحد الرهائن القتلى. وأوضح للأم أنها حصلت على شرف كبير لأن ابنها أصبح الآن شهيدًا "صار بإذن الله جارًا لنبينا العزيز". ثم وعد أردوغان الأم بالانتقام لابنها.
تعرضت المكالمة الهاتفية لانتقادات شديدة من قبل المعارضة لأن أردوغان استخدم مقتل 13 مواطناً تركياً لإثارة ردود الفعل القومية لدى الشعب التركي؛ من أجل أجندته السياسية الخاصة. غالبًا ما يتهم المنتقدون الرئيس التركي باستخدام الخطاب الوطني والرمزية لصرف الانتباه عن المشاكل الحقيقية في البلاد: حالة الاقتصاد التركي المقفرة والعديد من الأخطاء في مكافحة جائحة كورونا.
هل يتم اعتبار حزب الشعوب الديمقراطي كبش فداء؟
كما أن أردوغان انتقد بشدة حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد. ووصف الحزب بأنه "عميل إرهابي رسمي" ونفى حقه في الوجود. "الحزب الذي لا يصف حزب العمال الكردستاني بأنه منظمة إرهابية ولا ينأى بنفسه عنه لا يمكن أن يكون حزباً سياسياً في هذا البلد".
وأعقبت الخطبة العصماء سلسلة من الاعتقالات: تم اعتقال ما مجموعه 718 شخصًا نتيجة للحادث في منطقة غارا، بما في ذلك قادة المقاطعات والمناطق في حزب الشعوب الديمقراطي. ووفقًا لوزارة الداخلية التركية، فإنهم متهمون بصلاتهم بحزب العمال الكردستاني، وهو ادعاء شائع ضد السياسيين الأكراد: والأدلة ضعيفة في معظم الحالات. وتقول قيادة حزب الشعوب الديمقراطي إن هناك محاولات جارية حاليًا لـ "تجريم" حزبهم. وقال نائب رئيس كتلة حزب الشعوب الديمقراطي ساروهان أولوك لـ DW: "المزاعم والهجمات ضد حزب الشعوب الديمقراطي هي محاولة إعدام خارج نطاق القانون وجزء من حملة سياسية. ونحن نرفض ذلك".
ويرى خبراء أيضًا دلائل على أن الحكومة التركية تُجرم تدريجياً حزب الشعوب الديمقراطي من أجل تبرير حظر الحزب في نهاية المطاف. والحزب ذو التوجه اليساري هو ثاني أكبر حزب معارض ولطالما أظهر في الانتخابات الأخيرة أنه بيضة الميزان. وإذا تجاوز حزب الشعوب الديمقراطي عتبة 10 في المائة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة في عام 2023، فقد يكون من الصعب على أردوغان الحصول على الأغلبية. وحزبه الإسلامي المحافظ، حزب العدالة والتنمية، لديه أرقام ضعيفة في استطلاعات الرأي منذ شهور.
دانيال ديريا بيلوت/ ص.ش