معا ضد التغير المناخي
٢٥ سبتمبر ٢٠١٣اليوملا تقف ينديرا في المقدمة، وإنما تجلسمع الآخرين مستمعة بانتباه شديد إلى الأستاذ الواقف في الأمام.تخفض السيدة البالغة من العمر 39 عاما رأسها لتسجيل ملاحظة رئيسية إضافية. عادة ما تقف في المقدمة لتعلم الطلاب والطالبات الصغار.لكن في الأشهر الأخيرة ضحت بالعديد من عطلات نهاية الأسبوع بل وغابت بمعدل مرة كل أسبوعين من المدرسةـ لتأتي وتشاركفي ورشة العمل، حيث تتعلم مع الآخرين خلال الدروس التي يبلغ عددها192 درسا كل شيء عن التغير المناخي وعواقبه وإمكانيات التكيف معه في منطقتها، وفي بلدها جمهورية الدومينيكان. بعد الدرس الأخير لها اليوم، ستحصل على ما يسمى بـ"دبلوم المناخ".
وكما تقول ينديرا: "لقد تعلمت الكثير: من رسم الخرائط مرورا بمختلف التأثيرات التي يتركها التغير المناخي على بيئتنا وانتهاء بالتوجهات التربوية لنقل هذه المعرفة." لكنها لن تنسى شيئا واحدا مهما بأي حال من الأحوال: " إذا كنا نريد تغيير شيء في بلدنا، فلا بد من أن ننشط جميعا بشكل فعال ضد التغير المناخي." ولهذا السبب من المهم جدا أن تحصل على دبلوم المناخ، إذ سيتسنى لها كمعلمة نقل المعرفة إلى التلاميذ الصغار.
تهديد كبير بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر
تجلس ينديرا في غرفة الدرس جنبا إلى جنب مع 34 شخصا آخر قادمين من مؤسسات الدولة المختلفة، بعضهم يعمل في المدارس والبعض الآخر موظفين في مرافق رسمية مختلفة، أو حتى رؤساء بلدية مثل رامون الذي يجلس بجوارها، فهو يتولى منصب عمدة بلدة "إل ليمون" الصغيرة. تقع البلدة على الساحل مباشرة، لذا فوضعها يشبه وضع أجزاء كبيرة من جمهورية الدومينيكان، ولا يتعدى ارتفاع اليابسة بها عن مستوى سطح البحر بضعة أمتار، بل وهناك بعض المناطق تقع تحت مستوى سطح البحر، وهي بالتالي مهددة بشكل خاص بتبعات التغير المناخي.
تعد جمهورية الدومينيكان كجزء من منطقة البحر الكاريبي من أكثر مناطق العالمتعرضا لتبعات التغير المناخي، وقد أظهرت دراسة نشرت في يوليو/تموز من معهد الدومينيكان للتنمية المستدامة(IDDI) ، أن جمهورية الدومينيكان تأتي في الترتيب السابع في قائمة البلدان الأكثر تعرضا للتهديد في العالم.وبالرغم من ذلك فإن الكثير من سكان ذلك البلد لا يدركون مدى خطورة الوضع، وكما يقولإيفايدي بيريز من معهد IDDI: "إحدى أهم القضايا التي نعاني منها بشدة في البلاد، هي نقص المعرفة بشأن قضايا التغير المناخي والآثار المترتبة عليه."
وعي محدود بظاهرة التغير المناخي
وتظهر الأرقام الواردة في دراسة اللجنة الوطنية للبيئة في جمهورية الدومينيكان، والتي نشرت في عام 2012، أنه على الرغم من أن الغالبية العظمى من السكان تعرف بوجود ظاهرة التغير المناخي، إلا أن 22 في المئة فقط يعرفون الأسباب الحقيقية التي تقف وراءها.
وعند التجول في أرجاء البلاد، يتضح سريعا أن قلة قليلة من الناس يفكرون في البيئة، ويمكن رؤية خيوط الدخان تتصاعد على بعد كل بضعة أمتار بين أشجار النخيل، حيث تقوم الكثير من الأسر بحرق القمامة خلف منازلهم، وتظل هذه بالنسبة لهم أسهل وأسرع وسيلة للتخلص من المخلفات ولا أحد يعرف التبعات التي تترتب على التخلص من القمامة عبر الحرق.
وتؤكد أنديره دي يسوس من منظمة الحفاظ على الطبيعة الأمريكية غير الحكومية (TNC)مشكلة عدم توفر الوعي الكافي بقضايا المناخ في جمهورية الدومينيكان: "لدينا فجوة كبيرة في مجال نشر التعليم والوعي بقضايا المناخ، وأقل من ستةفي المئة فقط من الناس هنا يحصلون على معلومات موثوق بها حول تغير المناخ وعواقبه."
ولهذا السبب، يشكل وضع استراتيجية وطنية لمكافحة التغير المناخي ركيزة أساسية
لإحداث التغيير، كما يقول مويسيس ألفاريزالمنسق الوطني للجنة المناخ التابعة للأمم المتحدة.ويوضح ألفاريز: "لن تنجح أي استراتيجية عمل على المدى الطويل في مكافحة التغير المناخي، إذا لم يتم رفع وعي السكان ورفع مستوى المعرفة بقضايا المناخ. لكن حتى من هم في موقع اتخاذ القرارات على المستوى المحلي، يحتاجون إلى تعميق معرفتهم بقضية التغير المناخي والعوامل المسببة له. وذلك ضروري من أجل إيجاد حلول للعديد من المشاكل التي يتعين حلها مباشرة على المستوى المحلي، كالتخلص من النفايات على سبيل المثال."
أطفال صغار يتعرفون على أسباب تغير المناخ
بالإضافة إلى دبلوم المناخ الذي سددت نفقاته من جيبها الخاص، تشارك ينديرا في مبادرة تعليمية أخرى تنظمها لجنة المناخ الوطنية في جمهورية الدومينيكان، ويتم في إطارها تدريب مائتي معلمة ومعلم في مجال تدريس المناهج المتعلقة بالتغير المناخي. وحاليا تدرس وزارة التربية والتعليم جعل قضية تغير المناخ جزءا لا يتجزأ من المناهج الدراسية منذ البداية، وعندئذ سيتم تدريسها كمادة قائمة بذاتها منذ المرحلة التمهيدية، أي مرحلة ما قبل المدرسة، وسيتعلم الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم ثلاث سنوات ما يعنيه مصطلح التغير المناخي، وكذلك كيفية التصرف السليم للحد من هذه الظاهرة.
وكما تقولروساورابيمنتل أستاذة الهندسة البيئية في معهد التقنية في سانتو دومينغو(Intec):"لقد أصبحت تنمية وعي السكان بشأن التغير المناخي من الأولويات في البلاد،وهذا أمر ضروري لتطورنا." وتضيف: "لا يمكن تدريس التغير المناخي الآن في الجامعات كتخصص مستقل، لكنيتم التعامل مع هذه القضية ضمن التخصصات الأخرى"
قامت ينديرا بوضع العديد من الخطط للمستقبل: إنها تريد بناء "مدرسة خضراء" يتعلم فيها الأطفال والشباب كل ما هو ضروري حول بيئتهم وحمايتها. وتضيف قائلة: "إذا بدأنا مع الأطفال، فيمكن لهم أن يلعبوا في دور الناقل للمعلومات إلى المنزل، وهكذا فإن هذه الخطة تحمل في طياتها بعد الاستدامة." وفي إطار دبلومالمناخ الذي حصلت عليه، قامت ينديرا بالإشراف على ورشة عمل حول البيئة.وقد قامالأطفال خلال الورشة بصنع الفراشات الملونة من مواد كانت ضمن النفايات التي ألقيت في حاويات القمامة. لكن من أجل تحقيق تحول حقيقي، لا بد من بذل المزيد من الجهد، وهذا ما تعرفه ينديرا تماما، فكما تقول: "لكل منا أمنيات، لكن من يريد أكثر من مجرد التمني، يجب عليه أن يسعى بجد ليحقق ما يريد."