معرض فرانكفورت للكتاب يستعد لاستقبال "البالغين الجدد"
١١ أكتوبر ٢٠٢٤يتطلع القراء في ألمانيا لمعرضهم السنوي المميز في فرانكفورت. ورغم أنه كان هناك خلاف قبل المعرض مع المسؤولين في روما، إلا أن الطلب على التذاكر كبير، بحسب ما أفاد منظمو المعرض الذي ينطلق في 16 أكتوبر/تشرين الأول. روايات رومانسية للشباب، بنكهة إيروتيكية ممزوجة بالخيال أو في أشكال مختلفة. إنه نمط يدعى "البالغون الجدد"، وهو نوع أدبي يتمتع بقراء مخلصين له. وخصص معرض الكتاب هذا العام مساحة 8000 متر مربع لـ"البالغين الجدد".
"لقد تعرفنا على نوع جديد من القراء: إنهم القراء المعجبون"، يقول مدير معرض الكتاب يورغن بوس. ويضيف إنهم يتوقون إلى اللقاء المباشر مع مؤلفيهم المفضلين. أو القدوم للمعرض والتقاط صور لأنفسهم أمام جدران الكتب، وأولئك الذين هم على استعداد لقضاء ساعات في طابور الانتظار لطلب توقيع المؤلف.
من الموضوعات التي تحظى بالاهتمام هذه الفترة (تريند): المواضيع المرتبطة بقارة آسيا، والألعاب والصوتيات، وموضوعات غيرها: يشهد المعرض لأول مرة تخصيص "منصة آسيا".
وهناك أيضا "مركز لأعمال الألعاب"، ويهدف للجمع بين الناشرين ومصنعي الألعاب معا. كما تمت مضاعفة مساحة قسم "الصوتيات" الخاص بالكتب الصوتية والبودكاست.
وقسم يسمى "Book to Screen"، حول الكتب التي تصبح أفلاما، والكتب التي تنبثق من الأفلام. ولأول مرة، ستمتلك منصة نيتفليكس جناحا خاصا بها في المعرض التجاري. كما تحضر منصة تيكتوك مرة أخرى بشكل بارز من خلال نمط "Booktok" الذي تقدمه.
خلاف بين الكُتاب الإيطاليين وحكومة بلادهم
وثارت ضجة قبل المعرض حول الوفد الإيطالي، ضيف الشرف لهذا العام، والذي سيضم 90 مؤلفا يحضرون إلى فرانكفورت. وليس الجميع جزءا من الوفد الرسمي: فالبعض - مثل الكاتب العالمي الشهير روبرتو سافيانو، الذي اضطهدته المافيا - يأتون بدعوة من دور النشر التي تنشر أعمالهم. وهناك مؤلفون آخرون هم جزء من البرنامج المنسق في الجناح المشترك لجمعية الناشرين الإيطاليين – وهو أمر يحصل لأول مرة في تاريخ المعرض، بأن تكون الدولة الضيفة في المعرض ممثلة بجناح مشترك للناشرين.
واشتهر سافيانو بكتابه Gomorrha "عمورة"، وهو تقرير أدبي عن الكامورا في نابولي. ومنذ نشر هذا الكتاب الذي فضح المافيا في عام 2006، تلقى تهديدات بالقتل وكان تحت حماية الشرطة. وقبل بضعة أشهر فقط من الافتتاح، كان هناك نزاع مفتوح بين المؤلفين الإيطاليين وممثلي الحكومة اليمينية في روما. وفي رسالة مفتوحة، أعرب 41 كاتبا عن انزعاجهم من برنامج البلد الضيف. لكن أكثر ما أثار الغضب هو أن سافيانو لم يكن في الأصل ضمن الوفد الإيطالي. وأدى الأمر إلى فضيحة في إيطاليا، حيث اتُهمت حكومة رئيسة الوزراء جورجا ميلوني باستبعاد الأصوات غير المقبولة والمنتقدة للحكومة من معرض الكتاب والتدخل بشكل متزايد في القطاع الثقافي، حيث يعتبر سافيانو أحد أشد منتقدي ميلوني.
وانسحب العديد من المؤلفين من الوفد الرسمي احتجاجا على ذلك. وبعدها وجهت الحكومة دعوة لسافيانو، لكنه رفض واستمر في الحضور فقط من خلال دار النشر. "طرق كثيرة تقود إلى فرانكفورت"، يقول رئيس معرض الكتاب بوس، نافيا وجود خلاف بين إدارة المعرض والدولة الضيفة. وتشرح سيمونه بويهلر، رئيسة برنامج ضيف الشرف، الأمر على هذا النحو: "العديد من الطرق تؤدي إلى روما.
وهذا العام هناك العديد من المسارات التي تقود الكُتّاب إلى فرانكفورت". والبرنامج الإيطالي نفسه في المعرض ضعيف إلى حد ما، مقارنة بالدول الأخرى التي كانت ضيفة شرف النسخ السابقة من المعرض. سيضم جناح ضيفة الشرف معارض فنية حول تاريخ وثقافة إيطاليا. وهناك حيز مخصص مثلا لمخترع كتاب الجيب، وآخر يدور حول القيادة والسلطة في عهد مكيافيلي (1469-1527). وسيشهد البرنامج المصاحب الكثير من الحفلات الغنائية. وتُرجم 64 كتابا إلى الألمانية حديثا، بمساعدة برنامج تمويل.
مناقشات تحت سقف جديد
ينتظر أكثر من 1000 مؤلف ومتحدث في 650 فعالية على 15 منصة زوار معرض فرانكفورت للكتاب، اعتبارا من منتصف أكتوبر/تشرين الأول. وخصص المعرض مظلة جديدة للمناقشات السياسية تحت اسم "نداء فرانكفورت". ستكون هناك، على سبيل المثال، أمسية يناقش فيها المؤرخ الإسرائيلي يوفال نوح هراري، خياراتنا للمستقبل، مع الفيلسوف الياباني كوهي سايتو. ويقول مدير المعرض بوس: "في معرض الكتاب، يختبر الزوار جميع المناقشات الكبرى في العالم - والتي تنعكس في الأدب". ورغم غياب النجم الأدبي المعروف سلمان رشدي، إلا أنه تم الإعلان عن حضور المؤلفين الأكثر مبيعا سيباستيان فيتزيك وأليف شفق، ونجمي النوع الأدبي "البالغون الجدد" جين إس ووندا ودي سي أوديشا.
وبالإضافة إلى سافيانو، ستكون أسماء كبيرة أخرى في الأدب الإيطالي المعاصر جزءا من الحضور. ومن بين هؤلاء نيكولا لاغويا (مؤلف "مدينة الأحياء")، ودوناتيلا دي بيترانتونيو (مؤلفة "أرمينوتا")، وداسيا ماريني (مؤلفة "أطفال الظلام")، وسوزانا تامارو (مؤلفة "اذهب إلى حيث يأخذك قلبك") وميلانيا مازوكو (مؤلفة "فيلا المهندس المعماري").
غوته في غرفة الهروب
الأرقام تشير، بحسب إدارة المعرض إلى أن أرقام المبيعات المسبقة أعلى بكثير من العام السابق قبل ثلاثة أسابيع من البداية. وشهد عام 2023 حضور حوالي 215 ألف زائر. وقدّم أكثر من 4000 عارض من 95 دولة إصداراتهم الجديدة.
ويُفتتح معرض الكتاب في 15 أكتوبر/تشرين الأول ويستمر حتى نهاية الأسبوع التالي. ويحيط بالمعرض حفلان لتوزيع الجوائز: جائزة الكتاب الألماني يوم الاثنين 14 أكتوبر/ تشرين الأول، وجائزة السلام المقدمة من اتحاد دور النشر الألمانية يوم الأحد 20 أكتوبر.
وستعرف مدينة فرانكفورت، إلى جانب القراءات التي يقوم بها المؤلفون، سلسلة فعاليات "الكتب المفتوحة". وفي مكعب المغامرة يمكنك مرافقة غوته في "رحلته الإيطالية" إلى أرض الشوق. وظل الشاعر منبهرا طوال حياته بانطباعاته في أرض الليمون المزهر. وسيطلع الجمهور على إقامته في شارع فيا ديل كورسو في المركز التاريخي لروما.
انتقاد لحقبة ميركل
وقبيل المعرض انتقدت المؤرخة والكاتبة آن أبلباوم، الحائزة على جائزة السلام التي يمنحها اتحاد دور النشر والمكتبات الألمانية، سياسات الحكومة الألمانية السابقة بقيادة أنغيلا ميركل. واعتبرت أن حقيقة أن المستشارة آنذاك سمحت بمواصلة بناء خط أنابيب نورد ستريم 2 حتى بعد الغزو الروسي الأول لأوكرانيا في عام 2014، أرسلت إشارة إلى فلاديمير بوتين: "حسنا، يتحدث الغرب كثيرا عن الديمقراطية وسيادة القانون، لكن يمكن أن تغزو أوكرانيا على أي حال".
وقالت الكاتبة والمؤرخة الأمريكية-البولندية المعروفة لصحيفة "دي تسايت" الألمانية الأسبوعية: "إن عدم معرفة أي نوع من الدول تلك التي كانت عليها روسيا في ذلك الوقت أمر لا يغتفر إلى حد كبير".
وسيتم منح أبلباوم جائزة السلام في 20 أكتوبر/تشرين الأول في كنيسة بولس في فرانكفورت، على هامش معرض الكتاب الشهير الذي تحتضنه المدينة سنويا. وتريد أبلباوم استخدام كلمتها هناك للحديث عن معنى السلام، وتقول: "كيف نصنعه؟ متى سنعرف أننا نملكه؟ وهل السلام هو نفس السلامية (سياسة السلام)؟". وتضيف: "ألا يتطلب ضمان السلام أيضا مستوى معينا من اليقظة؟".
وتعتبر أبلباوم من أهم محللي أنظمة الحكم الاستبدادية وتعتبر خبيرة في تاريخ أوروبا الشرقية، وولدت في واشنطن العاصمة عام 1964 لأبوين يهوديين. وعاشت في بولندا بشكل متقطع لعدة عقود. وهي متزوجة من وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي ولديها ولدان.
وحصلت أبلباوم بالفعل على العديد من الجوائز، ومن بين أمور أخرى، ألفت كتبًا مثل "الغولاغ" (2003)، و"الستار الحديدي" (2012)، و"جاذبية الاستبداد" (2021). وقد نالت الكثير من الاهتمام بأعمالها التي تتتبع فيها آليات السلطة الاستبدادية. وقد تم تكريمها بالفعل بجائزة بوليتزر المرموقة في عام 2004. ومؤخرا، حصلت أيضا على جائزة كارل فون أوسيتسكي لعام 2024 من مدينة أولدنبورغ الألمانية.
وتُمنح جائزة السلام تقليديا في نهاية معرض فرانكفورت للكتاب. وفي العام الماضي تم تكريم الكاتب البريطاني الهندي سلمان رشدي بالجائزة.
ف.ي/ع.ج.م (DW، د.ب.ا)