معارك محتدمة في الخرطوم عشية عيد الأضحى
٢٧ يونيو ٢٠٢٣عشية عيد الأضحى، احتدمت المعارك في الخرطوم، الثلاثاء (27 حزيران/يونيو)، عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مقرّ رئيسي للشرطة في العاصمة السودانية. ويتركز القتال الدائر في المدينة بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو، في محيط قواعد عسكرية.
وفي غرب السودان، حذّرت الأمم المتّحدة من تفاقم النزاع إلى "مستويات مقلقة" في دارفور.
وأعلن قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقف إطلاق النار من جانب واحد في أول أيام عيد الأضحى وذلك في كلمة بثها التلفزيون مساء اليوم الثلاثاء. وقال البرهان "حجم المؤامرة يتطلب من الجميع اليقظة والاستعداد للتصدي للمهددات الوجودية لدولتنا لذلك نطلب من جميع شباب بلادي وكل من يستطيع ... ألا يتردد أو يتأخر في أن يقوم بهذا الدور الوطني في مكان سكنه أو بالانضمام للوحدات العسكرية لنيل شرف الدفاع عن بقاء الدولة السودانية"
ومنذ اندلاع الحرب في 15 نيسان/أبريل، أقامت قوات الدعم السريع قواعد في أحياء سكنية بالعاصمة، فيما يواجه الجيش صعوبة في تحقيق مكاسب ميدانية رغم تفوقه الجوي. وبينما تسعى قوات الدعم السريع للسيطرة على كامل الخرطوم، لا يزال ملايين الأشخاص عالقين وسط تبادل إطلاق النار من دون كهرباء ولا ماء وسط حرارة خانقة.
ومساء الأحد أعلنت قوات الدعم السريع في بيان سيطرتها على مقرّ قيادة "قوات الاحتياطي المركزي" للشرطة على الأطراف الجنوبية للخرطوم. وكانت واشنطن فرضت على "قوات الاحتياطي المركزي" عقوبات على خلفية انتهاكات حقوقية.
ومنذ اندلاع الحرب نزح قرابة مليوني شخص داخل السودان، ولجأ 600 ألف شخص إلى دول مجاورة وخصوصا إلى مصر شمالا وتشاد غربا. ويحتاج 26 مليون شخص في السودان لمساعدة إنسانية والحماية، بحسب الأمم المتحدة.
"عيد بلا طعم"
والثلاثاء، هاجمت قوات الدعم السريع قواعد للجيش في وسط العاصمة وشمالها وجنوبها، بحسب شهود عيان. وقالت لوكالة فرانس برس مواهب عمر العالقة في منزلها مع أطفالها الأربعة، إنّها تتوقع أن تكون الاحتفالات بالعيد في السودان "تعيسة وبلا طعم لأنّنا لا نستطيع شراء لحم الخروف".
ودعت الأمم المتّحدة السبت لاتّخاذ "إجراءات فورية" لوقف قتل الأشخاص الهاربين من الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، على أيدي ميليشيات عربية تساعدها عناصر مسلّحة.
ووجّهت واشنطن أصابع الاتّهام في "الفظائع" التي ترتكب في دارفور بشكل رئيسي إلى "قوات الدعم السريع وميليشيا مرتبطة بها". وانبثقت قوات الدعم السريع من رحم ميليشيات الجنجويد التي أطلقتها الخرطوم في مواجهة أقليات عرقية في 2003. ووجّهت إلى تلك الميليشيات اتّهامات بارتكاب جرائم حرب.
وفي القتال الدائر حالياً، تُتّهم قوات الدعم السريع بنهب مواد إغاثية ومصانع وبيوت ومتاجر هجرها أصحابها هرباً من القتال أو أُخذت بالقوة. وردّ دقلو على تلك الاتهامات الثلاثاء في تسجيل صوتي نشر على الانترنت. وأكّد دقلو "متابعة كلّ الانتهاكات التي تمارس ضدّ المدنيين من كلّ الأطراف وخاصة من قبل قوات الدعم السريع"، مشدّداً على أنّ تلك الانتهاكات "تخالف قانون الدعم السريع وتوجيهات قيادته العليا وسنتصدى لها بحزم وجدّية". وأعلنت قوات الدعم مساء الإثنين أنّها بصدد محاكمة عدد من أفرادها "الذين ارتكبوا انتهاكات" وعن إطلاق سراح "100 من أسرى الحرب" من الجيش.
ومنذ تفجّر النزاع يعلن الجانبان بانتظام عن عمليات تبادل أسرى من خلال الصليب الأحمر، دون إعطاء العدد المحدد للأسرى.
الوضع في دارفور
وفي تسجيله الصوتي تحدث دقلو، المنحدر من دارفور، عن مصير هذه المنطقة الغنية بالذهب. وقال "علينا تجنب الانزلاق إلى حرب أهلية". وحذّرت الامم المتحدة والاتحاد الإفريقي من اتخاذ النزاع "بُعداً اثنيا" في دارفور. وقال رؤوف مازو مساعد المفوّض السامي لشؤون العمليات للصحافيين في جنيف، إنّ "الوضع يتفاقم" في ولاية غرب دارفور. وأضاف "وفقاً للتقارير الواردة من زملائنا على الأرض، فقد بلغ النزاع مستويات مقلقة ما يجعل من المستحيل فعلياً إيصال مساعدات منقذة للأرواح إلى الأهالي المتضررين".
ولا يواجه الجيش صعوبات في الخرطوم فقط، إذ إنّ مجموعة متمردة في ولاية كردفان الواقعة جنوبي العاصمة وكذلك في ولاية النيل الأزرق الواقعة على الحدود مع إثيوبيا، فتحت جبهات جديدة ضدّه.
وفي ولاية جنوب كردفان أصدرت السلطات قراراً بحظر التجوّل ليلاً للحدّ من أعمال العنف.
وعبّرت بعثة الأمم المتحدة في السودان، التي سحبت جميع موظفيها تقريباً من البلاد في بداية الحرب، عن "قلقها البالغ" بشأن العنف في الكرمك القريبة من الحدود الإثيوبية. وتسبّب القتال هناك في فرار مئات المدنيين إلى إثيوبيا، بحسب البعثة الأممية.
خ.س/ف.ي (أ ف ب، رويترز)