معارض كردي بارز: مشاركون في الثورة ونريد سوريا ديمقراطية تعددية
٢٥ نوفمبر ٢٠١١منذ أكثر من ثمانية أشهر والاحتجاجات مستمرة في سوريا، رغم القمع والقتل الذي تواجه به أجهزة الأمن والجيش المحتجين، ما أدى إلى زيادة الضغط الإقليمي والعربي والدولي على النظام السوري، إذ أصدرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة قراراً أدانت فيه استخدام العنف ضد المحتجين، والاعتقال التعسفي والتعذيب داخل السجون السورية، الذي أدى إلى مقتل العشرات.
لكن رغم تطور الموقف الدولي من الأزمة السورية، ما زالت المعارضة منقسمة إلى عدة مجموعات، من بينها المجلس الوطني الكردي، الذي يضم عشرة أحزاب ومجموعات من المستقلين وممثلي لجان تنسيق محلية. ويزور حالياً وفد من المجلس العاصمة المصرية القاهرة، حيث التقى أمين عام الجامعة العربية وأطراف المعارضة السورية الأخرى. ويعتبر المجلس الوطني الكردي نفسه الممثل الأبرز للأكراد في سوريا، الذين يصل عددهم إلى ثلاثة ملايين، حسب مصادر كردية. ولمعرفة الموقف الكردي مما تشهده سوريا ورؤية المجلس لمستقبل البلاد في المرحلة القادمة، حاورت دويتشه فيله الدكتور كاميران حاج عبدو، عضو وفد المجلس الوطني الكردي إلى القاهرة.
دويتشه فيله: التقى وفد المجلس الوطني الكردي مع باقي أطراف المعارضة السورية الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور نبيل العربي. ما الذي ناقشتموه في الاجتماع معه؟
كاميران حاج عبدو: في لقائنا مع العربي أكدنا على عدة نقاط، من أهمها أن المجلس الوطني الكردي الذي تشكل مؤخراً، قد انبثق عن مؤتمر للأحزاب الكردية السورية وبحضور أكثر من 158 شخصية مستقلة انتخبت من قبل مجالس محلية. أردنا إيصال رسالة بأن هذا المجلس هو العنوان الأبرز للشعب الكردي في سوريا ويمثل غالبية الأكراد في سوريا، وهو بالتالي جزء لا يتجزأ من المعارضة والثورة السورية؛ هذه النقطة الأولى. أما النقطة الثانية فهي أننا نقلنا إلى سيادة الأمين العام رؤيتنا لمستقبل سوريا، التي يجب أن تكون دولة تعددية مبنية على اللامركزية السياسية، بحيث يتمتع فيها شعبنا الكردي، الذي هو جزء أساسي من الشعب السوري، بحقه في تقرير المصير ضمن إطار وحدة البلاد، أسوة بشعوب العالم كافة. والنقطة الثالثة كانت تأكيدنا على أن الحل الوحيد لإنهاء الاستبداد هو وحدة المعارضة، ونحن من طرفنا كمجلس كردي نبذل ما بوسعنا في سبيل تحقيق هذه الأمنية التي يتمناها شعبنا في الداخل.
فيما يتعلق بوحدة المعارضة، قلتم أنكم أكدتم عليها. ما الذي يمنع هذه المعارضة من الاتحاد؟ وما هي الاختلافات بينها وبينكم أيضاً كمجلس وطني كردي؟
بصراحة هناك اختلافات أحياناً تكون بسيطة، وأحياناً تكون كبيرة، وهي متعلقة أساساً بمسألة التدخل الخارجي. فحتى الآن هناك أطراف تنادي بالتدخل الخارجي، وهناك ضبابية بما تعنيه بالتدخل الخارجي. وهناك أطراف ضد التدخل الخارجي العسكري فقط، وليس أي تدخل إنساني آخر، فلابد من توضيح هذه النقاط. وبقناعتي أنه في نهاية المطاف، وما نسمعه الآن من أكثرية أطراف المعارضة الرئيسية، هو أن التدخل العسكري غير وارد، وإن كانت هناك جهات تحبذ هذا الحل. لكن الأكثرية لا تريده.
ونحن كمعارضة سورية في المجلس الوطني الكردي لنا رؤيتنا الخاصة لكوننا نمثل الشعب الكردي المحروم من أبسط حقوقه الإنسانية والقومية، وهو مكون أساسي من مكونات المجتمع السوري ولابد للدولة السورية المستقبلية أن تكفل له حقه بالتمتع بكافة حقوقه القومية، بما فيها حقه بأن يقرر مصيره بنفسه، وهذا ما لم نتلمسه حتى الآن من أطراف المعارضة، إذ إن حلولها بالنسبة للقضية الكردية لا زالت ضبابية وغير واضحة. وخلال لقائنا مع أطراف المعارضة، أوضحنا لهم رؤيتنا، وهم سيفهمون مطالبنا الشرعية، إن لم يكن اليوم فغداً.
قلت إن مسألة التدخل الأجنبي في الأزمة السورية هي أحد نقاط الخلاف الرئيسية بين أطراف المعارضة السورية. أنتم كمعارضة كردية ومؤتمر وطني كردي ما هو موقفكم من التدخل الخارجي؟
أريد أن أوضح ماذا نعني بالتدخل الخارجي. إذا كان هذا التدخل الخارجي لحماية المدنيين ووقف سفك الدماء بأساليب سلمية وإنسانية حسب المواثيق الدولية، فأهلاً وسهلاً بهذا التدخل. أما إذا كان هذا التدخل الخارجي تدخلاً عسكرياً كما حدث في ليبيا، فنحن ضد هذا التدخل الخارجي لأنه سوف يعقّد الأزمة السورية أكثر مما هي عليه.
مع إمعان النظام السوري في القمع وقتل المحتجين ورفضه للنداءات العربية والدولية، هل يمكن، برأيك، إقناع هذا النظام بالكف عن ذلك دون اللجوء إلى تدخل خارجي؟
هناك طرق عدة لإرغام النظام على وقف إراقة الدماء ووقف العنف والهمجية المتبعة منذ أكثر من ثمانية أشهر. على سبيل المثال هناك إمكانية نشر وحدات القبعات الزرقاء (التابعة للأمم المتحدة)، ولتكن هناك وحدات بقبعات خضراء أيضاً من الجامعة العربية. أي تدخل يوقف أجهزة الأمن والجيش التي تقوم بهذه المجزرة مرحب به. لكن أن يكون هناك تدخل عسكري بشكل قصف أو حرب، فإن هذا بقناعتنا سوف يزيد الأزمة تعقيداً.
المجلس الوطني الكردي، كما قلت، يشكل شريحة كبيرة وأساسية من المجتمع الكردي، وقد ثبت ذلك من خلال الاحتجاجات التي دعا إليها المؤتمر، كما رأينا في "أربعاء المجلس الكردي يمثلني"، حيث استطعتم حشد عشرات الآلاف. لماذا لا نرى هذه المشاركة الفاعلة والدائمة من المجلس الوطني الكردي ومن الأكراد في حشد الشارع بهذا العدد الكبير للمشاركة في الاحتجاجات؟
الاحتجاجات قائمة، سواء في المناطق الكردية أو غير الكردية، بنسب متفاوتة. المهم أن الأكراد مشاركون بهذه الثورة، والمهم هو أنها موجودة. نحن نبحث عن الكيفية، وليس عن الكم، والنظام يفهم بأن الشعب السوري بجميع مكوناته القومية والدينية مشارك بهذه الثورة. نحن نعلم أن القبضة الأمنية في المناطق الكردية كانت ومنذ عشرات السنين أشد صرامة من تلك الموجودة في المناطق الأخرى، وهذا يمكن أن يكون السبب الرئيسي لضعف الاحتجاجات هناك. والسبب الثاني هو القمع الذي تعرض له الشعب الكردي أثناء انتفاضته المباركة عام 2004، والتعامل الوحشي القمعي للنظام معها. لكن أريد التأكيد على أن الشعب الكردي جزء لا يتجزأ من الثورة السورية.
هناك أنباء عن إمكانية عقد مؤتمر للمعارضة السورية في القاهرة ربما الأسبوع المقبل. هل ستشاركون في هذا المؤتمر؟ وماذا سيتم بحثه؟
أجل هناك تحضيرات جارية الآن في القاهرة لعقد مؤتمر للمعارضة السورية برعاية الجامعة العربية الأسبوع المقبل على الأرجح. وقد أكد لنا سيادة الأمين العام للجامعة في لقائنا معه بأن المجلس الوطني الكردي لابد وأن يكون طرفاً من أطراف المعارضة السورية التي ستحضر هذا المؤتمر. وهدف المؤتمر هو إيجاد رؤية مشتركة بين أطراف المعارضة الأساسية حول هذه المرحلة التي نعيشها الآن ومرحلة ما بعد سقوط نظام الاستبداد وبناء دولة سورية. أي سوريا نريد وكيف يجب أن تكون؟ أي شكل من أشكال النظام؟ وهلم جرا. نحن لنا هموم وطنية مثل جميع أبناء شعبنا السوري، ونريد أن تكون سوريا دولة لا يكون فيها أي امتياز لجهة على حساب جهة أخرى، سواء كانت هذه الجهة حزبية أو قومية أو دينية. ونحن لنا خصوصية كردية، وسنسعى بكل ما أوتينا من قوة لكي يتبنى المؤتمر حقوقنا القومية المشروعة المتمثلة في حقنا بتقرير مصيرنا، ونحن في المجلس الوطني الكردي نطمئن إخوتنا في المعارضة أن حق تقرير المصير يكون ضمن إطار وحدة بلدنا سوريا.
وماذا بالنسبة لشكل الحكم القادم في سوريا؟ كيف يجب أن يكون وفق رؤية المجلس الوطني الكردي؟
لا نريد أن نضع شكلاً للدولة المستقبلية من دون التشاور مع شركائنا في المعارضة السورية. لكن لابد أن تكون دولة تؤمن بالتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، وألا يكون هناك امتياز لأكثرية أو لأقلية أو لجهة على حساب غيرها. أما فيما إذا كان البرلمان جمهورياً أو غيره، فهذا ما سيقرره الشعب السوري وليس نحن المعارضة. الشيء الأهم أن نتبنى صيغة الدولة الديمقراطية التي تحترم وتؤمن بحقوق الإنسان والعملية الديمقراطية ومبدأ المواطنة. والأهم من كل ذلك أن نقر بأن سوريا دولة متعددة القوميات والأديان، وأن نضع دستورنا القادم على هذا الأساس.
أجرى الحوار: عارف جابو
مراجعة: ياسر أبو معيلق
الدكتور كاميران حاج عبدو يشغل منصب عضو وفد المجلس الوطني الكردي إلى القاهرة، ورئيس ائتلاف الأحزاب الكردية في أوروبا.