مطالب وانتظارات ترافق تكهنات عن زيارة شولتس لأوكرانيا
١٤ يونيو ٢٠٢٢يشتهر أندريه ميلنيك، السفير الأوكراني في ألمانيا، بلسانه الحاد. ومع تردد أنباء تفيد بأن المستشار الألماني أولاف شولتس يخطط لزيارة كييف مع اثنين من القادة الأوروبيين الآخرين- الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي- نشر ميلنيك صورة على تويتر لخمس دبابات، بالإضافة إلى الرسالة التالية إلى الحكومة الألمانية: "لماذا تمنع الجيش الأوكراني من الحصول على ناقلات الجند المدرعة من طراز ماردير، في حين تنزف القوات الأوكرانية حتى الموت أمام أعينكم؟"
وأضاف ميلنيك لوكالة الأنباء الألمانية (dpa) بعد ذلك بوقت قصير: "يتوقع الأوكرانيون أن يعلن المستشار أولاف شولتس عن حزمة مساعدات جديدة من الأسلحة الألمانية خلال زيارته إلى كييف، والتي يجب أن تشمل بالتأكيد دبابات القتال الرئيسية من طراز ليوبارد1 وناقلات الجند المدرعة من طراز ماردير".
في المجموع، تحتاج أوكرانيا 1000 قطعة مدفعية ثقيلة (هاوتزر)، و300 راجمات صواريخ متعددة، و500 دبابة ، و2000 مركبة مدرعة، و1000 طائرة مسيرة ، بحسب المصادر الأوكرانية. وفي مقابلة مع قناة التلفزيون الألمانية الثانية "تسي دي إف"، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: "نحتاج من المستشار أولاف شولتس التأكيد بأن تدعم ألمانيا أوكرانيا، ويجب عليه وحكومته أن يتخذا قرارا". وأضاف منذ الغزو الروسي في شباط/ فبراير، تعرضت المدن الأوكرانية للهجوم بأكثر من 2600 صاروخ معادي، و"هذه الأرواح كان من الممكن إنقاذها، مآسي كان من الممكن منعها - لو سُمع صوت أوكرانيا"، حسب تعبير الرئيس الأوكراني.
شولتس: "لن أزور أوكرانيا من أجل التقاط الصور"
هناك الآن توقعات كبيرة لزيارة القادة الأوروبيين الثلاثة ماكرون ودراغي وشولتس، خاصة أن زيارة الأخير لكييف قد طال انتظارها على الرغم من دعوته رسميا لزيارة العاصمة الأوكرانية.
وفي نيسان/أبريل، كانت هناك أنباء عن أزمة دبلوماسية بسبب استياء الحكومة الأوكرانية من المواقف الناعمة التي اتخذها الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير تجاه الكرملين - والتي اعترف الرئيس بأنها كانت خاطئة. ورفض الرئيس الأوكراني زيارة كان شتاينماير يرغب القيام بها إلى كيف.
وبعد اتصال هاتفي بين شتاينماير بنظيره الأوكراني زيلينسكي ، بدأت التوترات التي كانت قد وقعت في الفترة الماضية، بالتلاشي.
وكان شولتس لحد الآن يصرح بأنه لن يزور كييف إلا إذا كان هناك سبب وجيه وقال بهذا الخصوص: "لن أكون ضمن الأشخاص الذين يدخلون ويخرجون بسرعة من أجل التقاط الصور . ولكن إذا قمت بذلك (زيارة أوكرانيا) فلا بد أن يكون هناك شيء ملموس للغاية."
لم تصل أسلحة ثقيلة من ألمانيا حتى الآن
كان زعيم حزب المحافظين المعارض فريدريش ميرتس نفسه قد سبق المستشار المتردد إلى زيارة كييفكأول سياسي ألماني رفيع المستوى يزورها. كما زارت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك من حزب الخضر كييف أيضاً. ولكن بحلول ذلك الوقت، كان قد زار كييف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ووعد بمزيد من الدعم العسكري والاقتصاديعبر تحالف عالمي.
بينما سارع السياسيون البريطانيون والأمريكيون ومن أوروبا الشرقية إلى تقديم معدات عسكرية واسعة النطاق في وقت مبكر، فيما واصل شولتس التحذير من اندلاع حرب عالمية ثالثة ورفض إرسال أسلحة ثقيلة إلى أن أجبرته الضغوط المتزايدة من واشنطن تحديدا على ذلك.
وبالإضافة إلى الدبابات ومدافع الهاوتزر، وعد المستشار الألماني شولتس مؤخراً بإرسال نظام الدفاع الجوي الحديث "IRIS-T" وأربع قاذفات صواريخ متعددة. ومع ذلك، لم تصل أوكرانيا حتى الآن سوى الأسلحة الخفيفة والذخيرة.
وقال هينينغ هوف من المجلس الألماني للعلاقات الخارجية لـ DW: "حان الوقت لتتبع الأفعال الأقوال" وأضاف: "من الناحية المثالية، كان ينبغي على شولتس زيارة كييف مع الرئيس الفرنسي بعد إعادة انتخاب إيمانويل ماكرون. كان من الممكن أن يكون ذلك إشارة قوية للتضامن والدعم. لكن أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي ". وقال إنه يجب على المستشار الآن "تصحيح هذا الإغفال"، أيضا فيما يتعلق بقاذفات الصواريخ الموعودة وأنظمة الدفاع الجوي الحديثة.
في اجتماع عقد في فيلنيوس الأسبوع الماضي مع رؤساء دول وحكومات ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا، عم شعور بالارتباك بشأن تعامل المستشار الألماني مع الموقف. وتخشى الجمهوريات السوفيتية السابقة من أن تصبح الضحايا التالية للعدوان الروسي إذا نجح بوتين في أوكرانيا.
ويكرر شولتس قوله مرارا: "يجب ألا تنتصر روسيا في هذه الحرب"، متجنباً القول إن أوكرانيا يجب أن تربح الحرب. قال رئيس الوزراء اللاتيفي، كريسيانيسكارينس، في إشارة واضحة إلى ذلك: "هدفنا واضح: يجب أن تخسر روسيا هذه الحرب ويجب أن تفوز أوكرانيا بها".
وكانت رئيسة الوزراء الإستونية كايا كالاس، صريحة بنفس القدر أثناء زيارتها لبرلين في نهاية نيسان/ أبريل: "نحن أصغر بـ 65 مرة من ألمانيا. لكننا قدمنا مساعدة عسكرية ست مرات أكبر من ألمانيا".
دودا: هل كان على هتلر أن يحفظ ماء وجهه؟
ينتقد العديد من الأوروبيين الشرقيين بشدة المحادثات الهاتفية المشتركة بين شولتس والرئيس الفرنسي ماكرون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين - دون التشاور معهم. ويحذر ماكرون مرارا وتكرارا من أنه لا ينبغي إذلال روسيا وأنه يجب منح بوتين وسيلة لحفظ ماء الوجه للخروج من الحرب. وقال الرئيس الليتواني جيتاناس ناوسيدا إن "روسيا أذلت نفسها بهذه الحرب"، كما أن "التفاوض مع ديكتاتور أمر معقد للغاية".
بينما ذهب الرئيس البولندي أندريه دودا إلى أبعد من ذلك. ففي 9 حزيران/ يونيو، وعبّر لصحيفة بيلد الألمانية في مقابلة عن رأيه في المفاوضات المغلقة مع بوتين قائلا "هذه المحادثات غير مجدية. ماذا تفعل؟ إنها تضفي الشرعية فقط على الشخص المسؤول عن الجرائم التي ارتكبها الجيش الروسي في أوكرانيا. بوتين مسؤول عن تلك الجرائم. وقرر إرسال القوات الى هناك والقادة تابعون له ". ورأى دودا أوجه تشابه مع الفترة النازية في ألمانيا: "هل تحدث أحد مع أدولف هتلر بهذه الطريقة أثناء الحرب العالمية الثانية؟ هل قال أحدهم إن على هتلر أن يحفظ ماء وجهه؟ يجب علينا المضي قدما بطريقة لا تهين أدولف هتلر؟ لم اسمع بمثل هذه الاصوات ".
مصير أوكرانيا
إن ما تفتقده أوكرانيا ودول أخرى في أوروبا الشرقية من شولتس هو التزام واضح بآفاقانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي. إن أهمية مثل هذا الالتزام تتجاوز موضوع العضوية في التكتل الاوروبي لاحقاً. وكتبت صحيفة (نوي تسوغيشه تسايتونغ) في 4 حزيران/ يونيو: "إن رفض منح ضمانات أمنية لكييف في فترة ما بعد الحرب، كاحتمالية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي"، له تأثير بمثابة "تهدئة". وأضافت "يتصرف ماكرون وشولتس كما لو أن مصير أوكرانيا له أهمية ثانوية بالنسبة لهما. قد يكون الانطباع خاطئا، لكن الشعور هو جزء من الواقع. وهذا ينطبق بشكل خاص في الحرب، حيث يمكن أن تحدث الروح المعنوية فارقا كبيرا. وعلى هذا المستوى، تقدم برلين وباريس نفسيهما وبطريقة لا إرادية كمساعدين للكرملين ".
من ناحية أخرى، كانت وسائل الإعلام الناطقة بالإنكليزية أكثر ودية مع شولتس في الآونة الأخيرة. إذ كتبت الصحيفة الإنكليزية الإيكنوميست: "تساعد ألمانيا أوكرانيا أكثر مما توقعه كثيرون". وقد تفاجأ توماس فريدمان في صحيفة نيويورك تايمز من تخلص ألمانيا بين عشية وضحاها من حذرها إزاء الصراعات الذي أستمر لنحو 80 عاما، وزادت بشكل كبير من إنفاقها الدفاعي وتخطط لتزويد أوكرانيا بالأسلحة.
من جهته، يرى هينينغ هوف من الجمعية الألمانية للعلاقات الخارجية توازنا مختلطا: "في الأشهر الثلاثة الماضية، حدث الكثير في سياسة الأمن والدفاع الألمانية أكثر مما حدث في العقود الثلاثة الماضية، وذلك بدعم واضح من أغلبية السكان". لكن من وجهة نظر الحلفاء، فإن ألمانيا لم تتحرك إلا في الوقت الحالي. ويُتوقع من ألمانيا المزيد، خاصة فيما يتعلق بتحمل المسؤولية بشكل أكثر وضوحا من ذي قبل، "فهل ستقوم ألمانيا بذلك مع فرنسا وإيطاليا؟"
إذا قام كل من شولتس وماكرون ودراغي بزيارة كييف بشكل مشترك، فستكون هناك توقعات كبيرة للرحلة. يبقى أن نرى ونترقب ما إذا كان يمكن تحقيقها.
وقد نفى المستشار الألماني أولاف شولتس مرة أخرى اتهاما بالتردد في توريد أسلحة وعد بها أوكرانيا. رد شولتس على مزاعم السفير والرئيس الأوكراني بأن تدريب القوات المسلحة الأوكرانية ضروري لأنظمة الأسلحة الحديثة جدًا والمعقدة في بعض الأحيان، وقال شولتس "يتعلق الأمر بالمعدات الثقيلة ذاتها. يجب أن تكون قادرًا على استخدامها، يجب أن تكون مدربًا على ذلك وهذا يحدث حاليا في جمهورية ألمانيا الاتحادية." وأكد أنه سيتم تسليم جميع الأسلحة الموعودة.
كريستوف هازلباخ/زابينه كينكارتس