مصير آلاف النازحين العرب السنة يثير تجاذبات بين ووتش وأربيل
٦ سبتمبر ٢٠١٩ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان اليوم الجمعة وعلى موقعها الإلكتروني أن حكومة إقليم كردستان العراق تمنع حوالي 4200 نازح من العرب السنة من العودة إلى موطنهم في 12 قرية في قضاء الحمدانية بشرق الموصل رغم تحريرها من قبضة "داعش" منذ ثلاث سنوات. فيما سمحت حكومة الإقليم بعودة الأكراد والعرب الموالين لها إلى قراهم بعد معارك تحرير الموصل.
يشار إلى أن هذه الشريحة من النازحين العرب اختارت اللجوء إلى مدينة الموصل عندما وقعت تحت سيطرة مقاتلي تنظيم ما يسمى "بالدولة الإسلامية" الإرهابي في عام 2014، عندما باغت التنظيم بهجوم كاسح مكنه من السيطرة على مناطق واسعة من محافظة نينوى، بدلا من الهروب إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان، كما فعل سكان آخرون من الأكراد والعرب والتركمان في المنطقة، حيث فضلوا اللجوء إلى حماية القوات الكردية بدلا من الخضوع لداعش آنذاك.
ويبدو أن هروبهم في ذلك الوقت صوب الموصل يُأخذ عليهم الآن، حيث تتعامل القوات الكردية مع هذه الشريحة من العرب السنة باعتبارهم طابورا خامسا لداعش يشكلون خطرا أمنيا في عموم المنطقة، وفق التصور الكردي المعادي لداعش.
وفي رسالة إلكترونية إلى هيومن رايتس ووتش، كتب مسؤول في حكومة إقليم كردستان أن السكان أحرار في العودة إلى ديارهم، لكنه زوّد هيومن رايتس ووتش بقائمة من قرى نينوى التي كان من الصعب العودة إليها، وحدد ست قرى من الحمدانية على أنه "يُمنع" العودة إليها.
من جانبها، قالت لما فقيه مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: "تمنع حكومة إقليم كردستان آلاف القرويين العرب من العودة إلى ديارهم دون سبب قانوني. تسمح حكومة إقليم كردستان للأكراد والعرب المتنفذين بالعودة مما يشير إلى أن هؤلاء القرويين يعاقبون دون وجه حق".
من جهتهم، قدم مسؤولو حكومة إقليم كردستان، من خلال تواصلهم مع السكان وعمال الإغاثة وهيومن رايتس ووتش، خمسة أسباب لمنع عمليات العودة إلى المنطقة: الخدمات غير الكافية، والذخائر غير المنفجرة، والألغام الأرضية غير المزالة (بما في ذلك اليدوية الصنع)، وتدمير الممتلكات؛ النزاعات الاجتماعية وقضايا الملكية وحيازة الأراضي، والمخاوف بشأن هجمات القرويين الذين انضموا إلى داعش وقضايا أمنية ناشئة عن استفتاء حكومة إقليم كردستان في سبتمبر/أيلول 2017 حول الاستقلال، مما يجعل المنطقة خط مواجهة إذا ما حصل قتال مستقبلي بين القوات الكردية والعراقية، وفق ما نشرته هيومن رايتس ووتش على موقعها الإلكتروني.
لكن المنظمة الدولية المعنية بحقوق الإنسان تنتقد هذا الموقف وتذكر المسؤولين الكرد بالتزاماتهم وفق القانون الإنساني الدولي والذي " يُحظر التهجير القسري للمدنيين إلا عند الضرورة لحماية المدنيين أو لأسباب عسكرية قاهرة، ثم لفترات فقط حسب الحاجة. الأعمال العدائية المحتملة في المستقبل ليست أساسا قانونيا. بموجب "نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية" يعتبر الأمر بالتشريد غير القانوني للمدنيين جريمة حرب. كما لا يجوز معاقبة الأشخاص إلا على الجرائم التي يتحملون مسؤوليتها، بعد محاكمة عادلة لتحديد الذنب الفردي. ينتهك فرض عقوبات جماعية على الأسر أو القرى أو المجتمعات القانون الإنساني الدولي ويرقى إلى جريمة الحرب.
وقالت لما فقيه: "ينبغي ألا تمنع سلطات حكومة إقليم كردستان العائلات من العودة إلى قراها لأنها تريد معاقبة المجتمع. لهؤلاء القرويين الحق في العودة إلى أراضيهم ومنازلهم". ويبدو أن الجدل في هذا الأمر لا ينحصر فقط بالمناطق الكردية في محافظة نينوى، بل يمتد ليشمل قرى وبلدات في عدة محافظات أخرى منها كركوك وديالى وصلاح الدين، حيث يجد ملف عودة النازحين صراعا كبيرا وعراقيل متنوعة اسبابها أمنية وسياسية بحتة.
ح.ع.ح/م.س(DW )