مصر: هل تعطل الحرب على الإرهاب العملية الديمقراطية؟
٢ أغسطس ٢٠١٣أعلن وزير الداخلية المصرى محمد إبراهيم عودة مؤخرا، إدارة وزارته للنشاط الدينى ومراقبة التطرف بشكل يبعث الحياة في سياسات جهاز أمن الدولة الذى تم حله بعد الثورة المصرية. كل هذا يثير مخاوف المصريين من الإرهاب ومحاربته وتاثير ذلك على مسار التحول الديمقراطى فى البلاد.
إذ يقول محمد صالح، سائق تاكسى، لـ DW عربية أنه متخوف من عودة دولة مبارك حيث يوضح أن أكثر ما يخاف منه الآن هو "عودة بعض الوجوه التى ارتبطت بنظام مبارك، إلى المشهد السياسى"، لكنه يضيف أن المصريين ثاروا "خلال ثورة يناير ضد بطش الأمن، وكانت مظاهرات يوم 28 يناير 2011 ضربة قوية للشرطة المصرية، لكن هذه الضربة انتهى مفعولها الآن"، لهذا يتوقع أن "الداخلية ستعود لسابق عهدها باستخدام آليات تعذيب المواطن". كما يرى أيضاً أن دعوة الفريق أول عبد الفتاح السيسى للتظاهر لدعم الحرب على الإرهاب لم تكن إلا "حركة سياسية لإثبات شعبيته"، ويقول لـ DW عربية :"لماذا جاءت الدعوة من وزير الدفاع ولم تأت من الرئيس المؤقت عدلى منصور!؟ الإجابة واضحة: السيسى يظن أنه جمال عبد الناصر". لم يشارك صالح فى المظاهرات الجمعة التي دعا إليها السيسي، حيث يعتبره "خائناً" و أن "أنصار مرسى أكثر بكثير من معارضيه".
المصالحة أم العزل؟
شارك أحمد حسام بمظاهرة الميدان الثالث، والتى دعا إليها العديد من النشطاء تحت عنوان "ضد كل من خان عسكر، فلول، وإخوان". الدعوة لهذه التظاهرة كانت لإتخاذ موقف مختلف عن تلبية دعوة وزير الدفاع المصرى أو تأييد الرئيس المعزول حيث يقول حسام لـ DW عربية :"هناك الكثير من الإجراءات التى تثير المخاوف من عودة الدولة الأمنية مرة أخرى، مثل منح القوات المسلحة الضبطية القضائية، وتصريحات وزير الداخلية الخاصة بعودة إدارة النشاط الدينى وبعض رجال جهاز أمن الدولة لممارسة عملهم... كل هذه الخطوات تشير إلى أن هناك انتعاشة لدور الدولة الأمنى". ويضيف "حتى تتبدد هذه المخاوف لابد من تطبيق العزل السياسى على كل من عطل مسار الثورة ومحاكمة كل من شارك فى قتل المتظاهرين سواء فى المرحلة الإنتقالية الأولى من قيادات المجلس العسكرى أو من قيادات الإخوان خلال فترة حكم مرسى، حتى تكون المصالحة مقنعة". بينما يرى فتوح قورة أن "الإرهاب المقصود هو العمليات التى تجرى فى سيناء" ويبرر لـ DW عربية نزوله لمظاهرات الجمعة "أن النزول ليس تفويضاُ للسيسى، وإنما حتى تتحرك أجهزة الدولة ويتوقف ترويع الناس.. وهذا هو دورها".
الحرب ستكون قصيرة
من جانبه يحلل الخبير العسكرى أحمد رجائى مخاطر الإرهاب لـ DW عربية بقوله إن "حالة الترويع للمصريين من جانب الجماعات الجهادية قائمة من قبل عزل الرئيس محمد مرسى، وهناك خطر متمثل فى الإرهاب بشبه جزيرة سيناء، ومؤخراً أصبحت موجات العنف تصاعدية". ويعتبر رجائى أن خطاب الفريق أول عبد الفتاح السيسى "جاء فى التوقيت المناسب، فحينما طالب الشعب المصرى بالنزول لتفويضه للقضاء على الإرهاب يوم 26 من يونيو/حزيران الماضي، كانت العمليات الإرهابية تتنشر في أكثر من منطقة وليس فى سيناء فحسب، حيث جرت عمليات في عدة مواقع بالقاهرة، والمنصورة أيضاً..لهذا كان لابد من التفويض حتى تمارس الأجهزة التنفيذية متمثلة فى الجيش والشرطة دورها". ويضيف رجائى لـ DW عربية :"أتوقع أن تعلن الحكومة المصرية الأحكام العرفية وحظر تجول بمناطق محدودة، وإعلان الحالة (ج) بمحافظة شمال سيناء". ويجيب على سؤال لـ DW عربية عن المناطق التى يتوقع قيام عمليات أمنية فيها، بالقول: "اعتصام رابعة العدوية، وبمدينة نصر شمال القاهرة، واعتصام ميدان نهضة مصر، وأمام جامعة القاهرة بالجيزة من المناطق التى يجب التعامل معها أمنياً. وإذا تمّ فض الاعتصام الأخير فإن ما يحدث فى سيناء سيتوقف بنسبة تتراوح بين 80 % إلى 90 %". ويضيف: "أكبر دليل على هذا الترابط تصريحات القيادى الإخوانى محمد البلتاجى التي أشار فيها إلى أن العمليات الجهادية فى سيناء لن تتوقف إلا إذا عاد الرئيس المعزول محمد مرسى لمنصبه". كما أن منصة اعتصام النهضة أعلنت مؤخراً انضمام عناصر من تنظيم القاعدة والسلفية الجهادية إلى أنصار مرسى بمحافظة الجيزة!
كما يتوقع رجائى أن "الحرب على الإرهاب لن تستغرق وقتاً طويلاً.. ستكون خلال مدة وجيزة"، ويقول لـ DW عربية: "أثق تمام الثقة بأن القوات المسلحة تستطيع وقف كافة الأحداث والعمليات الإرهابية، ولن يكون لذلك أدنى تأثير على المرحلة الإنتقالية أو خريطة الطريق لفترة ما بعد مرسى".
بينما يؤكد الخبير العسكرى طلعت مسلم لـDW عربية أن: "هناك الكثير من المعلومات المتضاربة حول تعداد الجماعات الإرهابية ونشاطها، لكن المؤكد أن هناك عمليات ومهاجمات للقوات المصرية بسيناء. كما أن المدى الزمنى لهذه الحرب غير محدد حتى الآن". ويرى مسلم أن "التحركات فى سيناء ليست ناجحة حتى الآن، لكن لابد من أن تكون هناك إجراءات حاسمة". ويوضح أن: "هناك ارتباط واضح بين ما يجرى بشمال سيناء من أحداث إرهابية وقطاع غزة، وقد كان لعمليات هدم الأنفاق تأثير كبير على تغير المشهد بالنسبة لنشاط هذه الجماعات". تسأله DW عربية فيما إذا كان يتوقع أن تستخدم القوة المفرطة مع أنصار الرئيس المعزول؟ فيجيب: "لا أتوقع أن تستخدم القوات المسلحة القوة المفرطة فى فض اعتصامات الإخوان لأن ما فى القوانين كاف للتعامل معها، خاصة أن المتظاهرين بهذين الاعتصامين غير سلميين. كما أن الأمر سيكون لحماية أمن الأفراد".
ديمقراطية الشارع
بينما يرى د.عزازى على عزازى، محافظ الشرقية السابق والقيادى بالتيار الشعبى، أن التحركات التى يشنها الجيش المصرى داخل محافظة شمال سيناء لن يكون لها تأثير كبير على المسار الديمقراطى، إذ يقول لـ DW عربية: "لن تتأثر خارطة الطريق المعلنة، لأنها تعبر عن جموع الشعب المصرى، حينما أراد استعادة وجه مصر مرة أخرى.. وهذه الخارطة تتبناها كافة مفاصل الدولة المصرية". كما يقيم عزازى الوضع الراهن "نحن نعيش فى مصر مشهد دولة وشعب فى مواجهة عصابة... ولم يحدث فى التاريخ أن حكمت عصابة دولةً". تسأله DW عربية فيما إذا كان يرى أن هناك مخاوف من عودة الدولة الأمنية أو دولة مبارك؟ فيجيب: "الشعب يسير فى طريقه لتحقيق أهداف الثورة.. وأى عنف مع المتظاهرين من جانب القوات المسلحة أو الشرطة مرفوض. نحن ضد أى عنف أو أية دعوة له أو تحريض حتى لو كان بشكل دينى، ولابد من التمسك بالتظاهر السلمى، ورفض إراقة الدماء على أى نحو كان". كما يشير إلى أن "جماعة الإخوان المسلمين حركت المتظاهرين، ليلة 26 يوليو/تموز، للخروج من الاعتصام والتحرك نحو كوبرى أكتوبر لترويع الناس.. بالطبع نحن نحزن على الضحايا وندعو لحقن الدماء ونتمنى أن تستجيب جماعة الإخوان لنداء العقل". كما يوضح القيادى بالتيار الشعبى أن "أنصار الرئيس المعزول يصنعون حاجزاً بينهم وبين المصريين، حيث يرفضون العودة للممارسة السياسية الديمقراطية الحقيقية.. حيث أن خطاب جماعة الإخوان خلال عام من حكم مرسى كشف عن جهل حقيقى بفهم الديمقراطية، كما أن موقف الجماعة حالياً يتركز حول شرعية الصندوق بينما يتجاهل رغبات 30 مليون مصرى طالبوا بعزل مرسى فى شوارع مصر، فحينما تنزل الحشود لتعبر عن رأيها ومطالبها في الميادين، فإن ذلك الفعل أكثر تعبيراً من صندوق الإنتخابات"..