مصر قُبيل 25 أبريل.. احتجاجات متصاعدة واعتقالات واسعة
٢٣ أبريل ٢٠١٦تشهد مصر حالة من الغضب منذ الإعلان المفاجئ عن توقيع مصر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية -التي تتنازل بموجبها مصر عن جزيرتي تيران وصنافير- أثناء زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر في الثامن من أبريل/ نيسان الجاري، والتي تم فيها أيضا التوقيع على اتفاقيات استثمارات بمليارات الدولارات. وقام بعدها النشطاء بتدشين هاشتاغات رافضة لهذا الاتفاق، منها: (#عواد_باع_أرضه)، متهمين السيسي ببيع الأرض مقابل المال.
ومن المقرر أن يبت مجلس النواب المصري في هذه الاتفاقية ويصوت عليها، فيما يطالب الكثير من النشطاء والمفكرين بالاستفتاء على الاتفاقية وفق ما ينص عليه الدستور في مادته 151.
الأمن يتأهب ويعتقل العشرات
وقال المحامي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير مختار منير لـ DW عربية إن سلطات الأمن ألقت القبض على أكثر من مائة ناشط في كافة محافظات الجمهورية حتى مساء الجمعة (22 أبريل/ نيسان 2016)، منهم أكثر من 75 في القاهرة.
وأضاف أن من أبرز المقبوض عليهم المحامي والمتحدث باسم حركة الاشتراكيين الثوريين هيثم محمدين، والمتحدث باسم حركة 6 أبريل شريف الروبي، والمحامي عمرو عز والناشط شريف شيكو -وهو أحد معتصمي الاتحادية أيام الرئيس المعزول محمد مرسي- وياسر القط وعبد الرحمن زيدان.
وكان الموقع الالكتروني لجريدة الشروق قد نشر خبرا حول عقد الرئيس السيسي سلسلة لقاءات مع معاونيه -خاصة مسؤولي الملف الأمني- للتباحث حول مظاهرات 25 أبريل. وجاء فيه أن الرئيس أمر بعدم السماح بتكرار مظاهرات جمعة الأرض التي أحدثت ضجة واسعة على الصعيدين الداخلي والخارجي وكسرت حاجز الخوف لدى الكثير من الشباب، نظرا لخروج مظاهرات غاضبة في العديد من المحافظات من مختلف التيارات الفكرية والسياسية.
ورغم نفي رئاسة الجمهورية الخبر في بيان لها واعتذار جريدة الشروق للرئاسة عن الخبر -قائلةً إنها تلقت معلومات من أحد المصادر ثبت أنها "لم تكن دقيقة أو ربما (مدسوسة)" طبقا لنفى الرئاسة- إلا أن الحملة الأمنية باعتقال عشرات المدونين والصحفيين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، جعل النشطاء يؤكدون أن الخبر كان صحيحا.
واعتبر المرشح الرئاسي السابق والحقوقي البارز في مصر خالد علي الحملة الأمنية بأنها تدل على "ارتباك النظام"، قائلاً إنها "حملة قمعية مسعورة لاعتقال الشباب من الشوارع والمقاهي والبيوت، لا تعبر عن قوة النظام بقدر ما تعبر عن ارتجافه وفقدانه لاتزانه ورعبه من الحراك الشعبى ضد بيع الجزر".
ودشن النشطاء هاشتاغات غاضبة تتابع سير القبض على النشطاء والتحقيقات معهم، وكان الهاشتاغان الأبرز هما: (#عواد_اتسعر) وَ (#باع_البلد_وحبس_البلد).
أما الدكتور محمد نور فرحات أستاذ القانون الدستوري بعد حملة القبض العشوائى الأخيرة فقال على صفحته بموقع فيس بوك: "إما السكوت عن التنازل عن الأرض وإما السجن ومن خاف سلم!....بدلا من القبض على الناس ناقشوهم فإما أن يقتنعوا وإما أن تقتنعوا وكلا الأمرين مستبعدان".
وطالب المحامي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير مختار منير –على صفحته بفيس بوك- النشطاء السياسيين بألا يجلسوا في بيوتهم وأن يذهبوا إلى المكوث عند أصدقائهم غير المرتبطين بالسياسة تماما، وأن يبتعدوا عن فيسبوك ويعطلوا خاصية تحديد المكان فيه واستخدام تطبيق "سيغنال" في كل مكالماته ورئاسله مع المقربين منه.
وبسبب القبض العشوائي على الشباب سخر الشباب من تسمية النظام المصري بأن 2016 هو عام الشباب المصري، وقال أحد الصحفيين على صفحته: "لو قابلت #شاب من عمر 20 لـ 45 سنة في الشارع احضنه وبوسه ممكن متتقابلوش تانى".
وتحت هاشتاغ (#عواد_اتسعر) قال باسم يوسف على صفحته في فيسبوك: "آخر واحد خطف طيارة نزل بيها قبرص.. طب بالنسبة للي خاطف بلد بحالها وواخد شبابها رهائن ممكن تنزل بيها حتة كويسة ينزلوا هما و نطلع انت تكمل بيها؟".
في المقابل دشن مؤيدون للنظام هاشتاغ (#لن_نسمح_بتخريب_مصر) واصفين الداعين للتظاهر بأنهم "خونة". وقال حساب يحمل اسم مدير المخابرات العامة المصرية الأسبق عمر سليمان: "اختار الخونة يوم 25 أبريل الذي يحتفل فيه المصريون بتحرير سيناء ليكون يوم فوضى فتحتفل إسرائيل!".
المعارضة تتوسع وتصعِّد
ارتفعت أعداد الشخصيات العامة التي وقعت على البيان التأسيسي لحملة "الحملة الشعبية لحماية الأرض- مصر مش للبيع"، ووصلت إلى 306 شخصية عامة وسياسية وحزبية وقيادة عمالية، من بينهم من كان يؤيد السيسي، بالإضافة إلى حوالي 16 حزبا وحركة.
وأعلنت الحملة، مشاركتها في المظاهرات التي دعت لها القوى السياسية، يوم 25 أبريل الجاري، اعتراضا على تنازل النظام عن جزيرتي "تيران"، و"صنافير"، وللمطالبة بضرورة التراجع عن قرار ترسيم الحدود مع السعودية.
وطالبت الحملة بضرورة الإفراج عن الشباب المعتقلين الذين تم اعتقالهم في حملة الاعتقالات العشوائية التي شنتها قوات الأمن بدءا من مساء الخميس الماضي في شوارع وسط القاهرة، وفي مداهمات منازل النشطاء في عدد من المحافظات.
وأصدرت الحملة بيانها التأسيسي مؤكدةً فيه "رفض الاتفاقية، والضغط على نواب البرلمان لمطالبتهم برفضها، ومحاسبة كافة المسؤولين في السلطة عن هذه الاتفاقية التى اعتدت على الدستور وتعاملت مع الشعب كقطيع ليس له حق المعرفة، ولا حق التعبير، وإيداع توقيعات المواطنين وطعونهم على التفريط في الجزر لدى مجلس النواب والمحكمة الدستورية العليا".
فيما أدانت حركة شباب 6 أبريل حملة الاعتقالات، وقالت في بيان لها أمس إن "التحرك الشعبي الرافض لبيع أرض الوطن مستمر، وأصبح النزول يوم 25 أبريل واجب وطني على كل مصري ولن نهدأ ولن نصمت ولن نتوقف عن قول الحق في وجه نظام ديكتاتوري فاشي مستبد يفرط في أرض الوطن وثراوته".