السيسي يطلب من الغرب تقديم دعم لمصر
١٣ مارس ٢٠١٥تعول مصر على مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي كثيرا للتخفيف من أزمتها الاقتصادية الحادة، وقد استبق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسيالمؤتمر بالدعوة إلى زيادة المساعدات العسكرية الأميركية لمصر وتشكيل تحالف إقليمي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، معتبرا أن بلاده تحتاج الآن لمساعدة الولايات المتحدة بالخصوص في المجال العسكري أكثر من أي وقت مضى من أجل مكافحة الإرهاب.
تصريحات السيسي أيضا جاءت قبيل لقائه مع وزير الخارجية الأميركية جون كيري، سلطت الضوء مجددا حول دور الغرب في المشهد السياسي المصري الذي يشهد اضطرابا منذ انتفاضة 25 يناير وما صاحب ذلك من تدهور للأوضاع الاقتصادية والأمنية. وفي الوقت الذي يركز فيه الخطاب الرسمي المصري على معركته ضد "الإرهاب" والخروج من الأزمة الاقتصادية كأولوية في الوقت الحالي، تتلقى مصر انتقادات دول غربية بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان، فهل يتفاعل الغرب مع دعوة السيسي؟ وإن تم ذلك، فهل يجري على حساب وضع حقوق الإنسان في بلاد النيل؟
الإرهاب، الهاجس الأكبر
يرى الدكتور جمال عبد الجواد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة ومستشار مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية أن دعوة السيسي الغرب إلى تقديم المزيد من الدعم يأتي بسبب الأهمية التي توليها مصر لقضية مكافحة الإرهاب ويضيف في مقابلة معDW عربية أنّ مكافحة الإرهاب قضية مهمة على جدول أعمال الحكومات الغربية والحكومة المصرية، ويقول "الأكيد أن هناك خلافات بين هذه الحكومات بخصوص الأوضاع السياسية داخل مصر لكن الأخيرة تذهب الآن باتجاه أن يتم التمييز بين ملاحظات الغرب بخصوص الوضع الداخلي والمعركة ضد الإرهاب التي توليها مصر أولوية كبيرة باعتبار أن على الحكومات الغربية الالتزام بتعهداتها وأن تعكس علاقتها بمصر اهتمام الأخيرة بموضوع الإرهاب".
من جانبه ، اعتبر مالك عدلي وهو كبير المحامين بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية أنّ الغرب لديه إشكالية في التعامل مع بلد بحجم مصر ووضعها الحالي خاصة في ظل التهديدات الإرهابية التي تحيط بها، مضيفا في حديث لDW عربية أن أي دعم ينبغي أن يكون مشروطا بحرص مصر نفسها على تأمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لمواطنيها وتعزيز جهود مكافحة الفساد، ف "تصنيف مصر على مؤشر الشفافية متأخر جدا وهذا يحكم تعامل الجهات المانحة معها باستثناء البنك الدولي لكن الأخير يطلب إصلاحات اقتصادية مثل الخصخصة ولا أرى أن ذلك هو الحل الأنسب لمصر في الظروف الحالية".
حقوق الإنسان في خطر
وأمام تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية وتزايد التفجيرات الإرهابية يرى عدلي أن مصر أمام حلين: "أما الحصول على مُنح حقيقية، وهذه لا يمكن لمصر أن تتعهد بإرجاعها أو استثمارها على الوجه الأمثل أو الحصول على قروض وهنا أيضا إشكالية أن مصر ليس لديها أي ضمان بإرجاع هذه القروض وهذا ما يجعل المجتمع الدولي عاجزا عن تقديم المزيد من المساعدة لمصر". لكن عدلي يرى أن الغرب قد يتجاوز المعطيات الاقتصادية ويتفاعل مع دعوة السيسي من منطلق سياسي على اعتبار أن مصر تملك جيشا قويا مؤثرا في المنطقة بعد تفكك جيوش دول المنطقة ومن شأن هذا الجيش المساهمة بقوة في أي حرب مستقبلية على الإرهاب.
وتواجه مصر اتهامات من دول غربية ومنظمات دولية بممارسة انتهاكات لحقوق الإنسان ، فقد اعتبرت منظمة العفو الدولية في تقرير جديد لها أن "سنوات الإفلات من العقاب فاقمت تجرؤ قوات الأمن المصرية على ارتكاب الانتهاكات، وأشعرتها بأن هناك ضوءا أخضر لمواصلة التعذيب وإساءة معاملة المعتقلين دون عواقب ".
واعتبر عدلي أنّ أيّ دعم غير مشروط من الغرب لمصر سيكون بالضرورة على حساب حالة حقوق الإنسان في البلد "التجربة أثبتت أنّ أي دعم غير مرهون بإصلاحات حقيقية لحالة حقوق الإنسان في مصر يكون بالمقابل موجها ضدها. الدعم الذي تلقاه السيسي لم يسهم في تخفيف الانتهاكات التي تمارس في مجال حقوق الإنسان".
لكن للدكتور عبد الجواد رأيا مخالفا ، إذ يعتقد أنّ السياسية الغربية التي تربط بين الدعم وحالة حقوق الإنسان لم تأت بمردود فهي "لم تعزز الحرب على الإرهاب ولم تحسن العلاقات بين الدول ولا حتى حالة حقوق الإنسان نفسها، لذا أعتقد أن على الغرب أن يجد نقطة توازن أخرى تجمع بين اعتبارات الغرب بخصوص حقوق الإنسان وفي موضوع الإرهاب الذي يشكل أولوية بالنسبة لها أيضا ".
توقعات من مؤتمر شرم الشيخ
وينظر إلى مؤتمر شرم الشيخ باعتباره جزءا رئيسيا من الجهود الرامية للنهوض بالاقتصاد بما تتضمن من إصلاحات مثل خفض دعم الطاقة وزيادة الضرائب وتحرير سعر الصرف. وتخطط الحكومة المصرية لطرح مشاريع خلال المؤتمر الذي تبدأ أعماله في 13 مارس آذار الجاري، تصل قيمة استثماراتها إلى 35 مليار دولار في 50 مشروعا انتهت بنوك الاستثمار من تقديم دراسة جدوى لها. ويتضمن المشروع الرئيسي للمؤتمر محور"تنمية إقليم قناة السويس" الذي سيمثل من 30 إلى 35% من اقتصاد مصر الجديد.
وحسب وسائل إعلام مصرية فإن سقف الطموحات الحكومية بخصوص نجاح المؤتمر في جذب 75 مليار دولار، قد انخفض بشكل كبير وتسود شكوك حول نجاح هذا المؤتمر خاصة مع مقاطعة جهات دولية له والتفجيرات التي تشهدها مصر قبل أيام قليلة من انعقاد المؤتمر.
وكانت السلطة الحالية في مصر تتطلع خصوصًا إلى دعم السعودية في دفع الشركات العالمية للمشاركة في المؤتمر، إلا أن السعودية لم تستغل ثقلها في الضغط على الشركات متعددة الجنسيات حسب المراقبين لدفعها للمشاركة بقوة في المؤتمر أو لضخ استثمارات بمليارات الدولارات في مصر كما كان متوقعا. ويقول عدلي إنه لا يوجد تفاؤل بخصوص هذا المؤتمر ، من جهة بسبب التهديدات الإرهابية التي لن تشجع أي مستثمر على العمل في مصر ومن جهة أخرى بسبب عدم الإقبال الكافي عليه. ويقول "حتى الآن معظم الدول المشاركة هي من غرب ووسط إفريقيا وأحوال هذه الدول ليست أفضل منا، الجديد هو مشاركة دول الخليج لكن الأخيرة أيضا بدأت تتبرم من تقديم المنح لمصر كما لحظنا في تصريحات شخصيات خليجية نافذة ".