مصادر: أمريكا تنصح إسرائيل بعدم اجتياح غزة لمصلحة الرهائن
٢٤ أكتوبر ٢٠٢٣قالت مصادر إن الولايات المتحدة نصحت إسرائيل بالإحجام عن هجوم بري على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس، بينما تسعى واشنطن لإطلاق سراح المزيد من الرهائن لدى الحركة وتتأهب لاحتمال اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط.
وأضافت المصادر أن الإدارة الأمريكية تُبقي قطر، التي تقوم بجهود وساطة مع حماس، على علم بتلك المحادثات مع إسرائيل. وبعد هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر والذي أدى إلى مقتل نحو 1400 شخص، وقفت الولايات المتحدة إلى جانب حليفتها وشددت على حقها في الدفاع عن نفسها. كما أكدت علنًا أن إسرائيل هي من ستحدد جدولًا زمنيًا للرد على هذا الهجوم.
لكن مصدرين مطلعين قالا إن البيت الأبيض ووزارتي الدفاع (البنتاغون) والخارجية يكثفون حاليًا مناشداتهم للإسرائيليين بتوخي الحذر. يأتي ذلك فيما يفاقم الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة الأزمة الإنسانية بالقطاع، حيث أودى القصف الإسرائيلي المتواصل بحياة ما يزيد على 5000 فلسطيني حتى الآن. وقالت المصادر إن إحدى الأولويات الأمريكية تتمثل في إتاحة مزيد من الوقت للمفاوضات بشأن إطلاق سراح الرهائن الذين أسرتهم حماس خلال هجومها، وخصوصًا بعد الإفراج غير المتوقع عن رهينتين أمريكيتين يوم الجمعة.
إطلاق سراح رهينتين أخريين
وفيما قالت حماس إنها أطلقت أمس الإثنين سراح رهينتين أخريين، أعلنت رئاسة الوزراء الإسرائيلية إنّ المفرج عنهما هما مسنّتان إسرائيليّتان من سكّان كيبوتس نير عوز. وأضافت أنّ المفرج عنهما هما يوشيفيد ليفشيتز (85 عامًا) ونوريت كوبر (79 عامًا)، مشيرة إلى أنّ حماس اختطفتهما مع زوجيهما المسنّين أيضًا واحتجزتهم رهائن في قطاع غزة. وأوضحت رئاسة الوزراء أنّ زوجيهما في الثمانينيات من العمر وما زالا محتجزين في قطاع غزة.
من جهتها، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنّها سهّلت مساء الإثنين الإفراج عن هاتين الرهينتين بعدما كانت قد سهّلت الجمعة الماضي الإفراج عن رهينتين أمريكيّتين. وتولّى الصليب الأحمر نقل المرأتين عبر معبر رفح إلى مصر، ومن هناك نُقلتا على متن مروحية عسكرية إلى إسرائيل.
ووصلت الرهينتان المفرج عنهما على متن المروحية إلى مركز سوراسكي الطبّي في تلّ أبيب، إحداهما على نقّالة والأخرى على كرسي متحرّك، بحسب ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس. وقالت الحكومة الإسرائيلية إنّ عائلتيهما كانتا بانتظارهما للترحيب بهما. ونقل موقع "واي نت" الإخباري الإسرائيلي عن ليفشيتز قولها "لا أعرف إلى أين أخذوني". وأضافت "لقد وضعوني على دراجة نارية بشكل جانبي حتى لا أسقط، وكان أحد الإرهابيين يمسك بي من الأمام والآخر من الخلف. لقد عبروا السياج الحدودي إلى قطاع غزة واحتجزوني أولًا في بلدة عبسان".وتابعت "بعد ذلك، لا أعرف إلى أين أخذوني".
وبحسب تقديرات للسلطات المحلية في نير عوز، فإن نحو ربع سكان الكيبوتس البالغ عددهم الإجمالي 400 نسمة، قتلوا أو خطفوا أو فقد أثرهم. وكان المتحدّث باسم كتائب القسّام، الجناح العسكري لحماس، أبو عبيدة قال في بيان "قمنا وعبر وساطةٍ مصريةٍ قطريةٍ بإطلاق سراح المحتجزتَين (...) لدواعٍ إنسانيةٍ ومرضيةٍ قاهرة". وشكرت الحكومة الإسرائيلية مصر والصليب الأحمر الدولي على مساهمتهما في إطلاق سراح الرهينتين.
وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي جو بايدن "رحب بالإفراج عن رهينتين إضافيتين من غزة في وقت سابق من الاثنين، وأكد مجددًا التزامه بالجهود المستمرة لضمان إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين الذين احتجزتهم حماس"، وذلك خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الاثنين. وشدد بايدن على ضرورة "استمرار تدفق" المساعدات الإنسانية إلى غزة، كما أطلع نتنياهو على "الدعم الأمريكي لإسرائيل والجهود المستمرة للردع الإقليمي، بما في ذلك عمليات الانتشار العسكري الأمريكي الجديدة".
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين إن الإدارة، التي تدرك أهمية دور الوساطة الذي تقوم به الدوحة مع حماس، تواصل إعلام المسؤولين القطريين بنصائحها لإسرائيل حتى يكونوا على اطلاع تام بينما تتسارع المفاوضات لتحرير الرهائن. وقال مصدر مطلع على المفاوضات بشأن الرهائن "في الوقت الحالي، لا توجد خريطة طريق واضحة أو تسلسل للخطوات نحو التهدئة الكاملة. الأولوية هي العمل على إخراج الرهائن خطوة بخطوة". ووفق آخر الأرقام الصادرة عن الجيش الإسرائيلي الإثنين، اقتادت حماس معها 222 شخصًا رهائن بينهم أجانب.
ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
"الأوروبيون أيضًا ينصحون إسرائيل بالامتناع عن الهجوم البري"
وقال مسؤول أمريكي آخر إن الحكومات الأوروبية، التي يُحتجز العديد من مواطنيها رهائن، تقترح أيضًا على إسرائيل الامتناع عن شن هجوم بري لإفساح المجال أمام المفاوضات بشأن إطلاق سراحهم. وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي جو بايدن ناقش أزمة الرهائن والأزمات الإنسانية في غزة مع زعماء كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا يوم الأحد.
وقال المسؤول الأمريكي الأول إنه إلى جانب المفاوضات بشأن الرهائن، فإن تقديم المشورة لإسرائيل بوقف غزوها يمكن أن يمنح المزيد من الوقت لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة. وقالت الأمم المتحدة إن 54 شاحنة مساعدات تمكنت من دخول غزة من مصر منذ يوم السبت. وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض إن واشنطن تتحدث مع إسرائيل منذ بداية الصراع "للتأكد من نواياها واستراتيجيتها وأهدافها لمعرفة إجاباتها على أسئلة من نوع الأسئلة الصعبة التي يمكن يطرحها أي جيش".
وقال مسؤول دفاعي أمريكي إن وزير الدفاع لويد أوستن شدد خلال العديد من المكالمات الهاتفية مع نظيره الإسرائيلي على ضرورة الاستعداد للتأثيرات غير المباشرة للهجوم البري والتي تتضمن مخاطر اتساع نطاق الصراع في المنطقة ومصير الرهائن والأزمة الإنسانية. ويحث المسؤولون الأمريكيون إسرائيل على اتباع قوانين الحرب في حال اجتياحها غزة التي يقطنها 2.3 مليون نسمة.
يشير مسؤولون إسرائيليون علانية على نحو متزايد إلى أن العملية العسكرية البرية في غزة ربما تكون وشيكة، غير أن أيا منهم لم يحدد موعدها أو ما إذا كانت قد تأجلت. واستدعت إسرائيل 300 ألف جندي احتياط، وهو رقم قياسي. وقال نائب السفير الإسرائيلي لدى واشنطن إلياف بنيامين لراديو الجيش الإسرائيلي يوم أمس الإثنين: "سنفعل ما يتعين علينا القيام به عندما يتعين علينا فعله"، مهونًا من تأثير الولايات المتحدة على التخطيط لشن هجوم.
وتشير إسرائيل منذ الأحد إلى تحول في الأساليب بإرسال قوات مشاة مدعومة بالدبابات للتوغل في غزة لجمع معلومات، وهو ما أطلق شرارة اشتباكات مع مقاتلي حماس. كما ركزت ضرباتها الجوية على ما وصفتها بالمناطق التي تجمع فيها حماس مقاتليها لنصب كمين لأي اجتياح.
مخاوف من اتساع نطاق الصراع
ويسمح نصح إسرائيل بوقف الهجوم البري أيضًا لواشنطن بالاستعداد لأي هجمات انتقامية محتملة على المصالح الأمريكية في المنطقة مع تزايد المخاوف من اتساع نطاق الصراع، وخصوصًا بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية المسلحة والمدعومة من إيران.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لشبكة (إن بي سي) الأحد: "نتوقع أن يكون هناك احتمال للتصعيد... ونتخذ خطوات للتأكد من أننا قادرون على الدفاع بشكل فعال عن مواطنينا والرد بشكل حاسم إذا لزم الأمر". كما تزايد قلق واشنطن إزاء رغبة بعض كبار المسؤولين الإسرائيليين، ومنهم وزير الدفاع يوآف غالانت، في الدعوة إلى توجيه ضربة استباقية إلى حزب الله.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن إسرائيل ستواجه صعوبة في خوض حرب على جبهتين في وقت واحد إذا شن حزب الله معركة واسعة النطاق في الشمال. وأرسلت واشنطن حاملتي طائرات إلى شرق البحر المتوسط لتعزيز وجودها في المنطقة والعمل في المقام الأول كرادع لأعداء إسرائيل الآخرين في الشرق الأوسط.
وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأغلبية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".
م.ع.ح/ح.ز/م.س. (د ب أ ، أ ف ب ، رويترز)