مصابيح جديدة تجعلك تشعر بالدفء
٤ ديسمبر ٢٠١٣ظل استخدام مصابيح LED مقتصرا أكثر على الدراجات الهوائية والبطاريات، غير أن اكتشافا ألمانيا جعل هذا النوع من المصابيح يجد مكاناً له في المنازل أيضاً بعد تطوير مادة مضيئة تضفي اللون الأزرق على مصابيح LED وتجعلها أكثر دفئاً.
يقول بيتر شميت من قسم الأبحاث في شركة فيلبيس وصاحب هذا الاختراع: "المادة التي نستخدمها هي عبارة عن طبقة رقيقة يتم وضعها فوق الموصلات الفعلية لمصابيح LED الزرقاء". وتقوم هذه المادة بتحويل جزء من الضوء إلى لون أزرق في حين تتحول الأجزاء الأخرى من طيف الضوء إلى الأخضر والأحمر".
وبهذه الكيفية ينتج ضوء لا تستطيع العين المجردة التفريق بينه وبين الضوء التقليدي الناتج عن المصابيح المتوهجة أو مصابيح الهالوجين. غير أن الاختلاف الأساسي بينها هو أن مصابيح LED الدافئة أكثر اقتصادا في الطاقة.
مصابيح غير سامة وطويلة الأمد
يؤكد الفيزيائي هيلموت بيشتل بأن جميع المصابيح التي نعرفها هي مصادر لتوليد الحرارة أكثر من كونها مصادر لتوليد الضوء، ويضيف: "لكن بفضل النوع الجديد من مصابيح LED أصبحت أمامنا لأول مرة الفرصة لتوليد الضوء أكثر من توليد الحرارة". والسبب في ذلك هو أن مصابيح LED لم تعد تبعث الأشعة تحت الحمراء أو البنفسجية التي لا تستطيع العين البشرية رؤيتها. وبالتالي أصبح بالإمكان التخلي عنها ما دامت غير مرئية.
تستهلك مصابيح LED الدافئة 10 واط، وبذلك تتفوق على المصابيح الموفرة للطاقة الموجودة في الأسواق والتي تستهلك 12 واطا. ولمصابيح LED ميزات أخرى فهي لا تحتوي على الزئبق السام وتدوم طويلا. كما أنها قد تكون حلاً جيداً للأشخاص الذين يسكنون في المناطق النائية. فبفضل تقنياتها البسيطة يمكن تشغيلها بواسطة أنظمة الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح أو بطاريات السيارات.
شميت ليس هو المصدر الأصلي لفكرة تطوير مادة تسمح بتحويل الضوء البارد إلى ضوء دافء، فقد سبقه في ذلك البروفسور في جامعة ميونيخ فولفغانغ شنيك، الذي اكتشف فعالية مادة نيترات السيليكات، وهي مادة مكونة من السيليكون والنيتروجين، في تحويل موجات الضوء بشكل مدهش.
غير أن المشكل الذي واجه شميت عندما بدأ أبحاثه عام 2001 هو عدم توفر كميات كافية من مادة نيترات السيليكات في العالم. حيث كان يصعب وجود هذه المادة في الطبيعة بسبب أن السيليكون يتفاعل بشكل إيجابي أكثر مع الأكسجين بدلا من النيتروجين. لذلك كانت هذه المادة نادرة، حيث لم يكن الاحتياط العالمي منها في البداية يتعدى 100 ملليغرام، كما يتذكر شميت. كل ذلك جعله يسعى جاهداً لإيجاد وسيلة تمكنه من إنتاج هذه المادة بكمية أكبر.
وقد قام الباحث الكيميائي بإيجاد حل بطريقة تقليدية لهذه المشكلة. وعن ذلك يقول شميت: "الأمر يتعلق بتقنية مستنبطة من الكيمياء القديمة، استخدمت لأول مرة في القرن السادس عشر. ففي ذلك الوقت حاول الكيميائي فينتشنزو في مدينة بولونيا إنتاج الذهب من مواد رخيصة الثمن. وقد استخدم في ذلك الباريت وخلطه بدقيق الشعير وأدخله في النار". وفي اليوم التالي اكتشف بأن هذه الحجرة أصبحت تبعث ضوءاً. وبذلك اعتبرت حجرة بولونيا المضيئة واحدة من أول المواد المستخدمة في توليد الضوء.
وبدون قصد، قام فينتشنزو بإزالة الأكسجين أثناء عملية التفاعل، وهو ما سمح لهذا المعدن بالتفاعل مع النيتروجين. وقد عاش الباحث شميت نفسه تجربة مماثلة يتذكرها بالقول:" عندما يتم خلط الفحم بعناصر أخرى تصبح لدينا كتلة رمادية. وللتجربة قمنا بإدخالها في الفرن، وعندما أخرجناها منه وجدنا بأن العناصر تحولت إلى كتلة برتقالية مشعة. عندئذ أدركنا سريعاً بأننا تمكنا من اكتشاف المادة المضيئة التي كنا نريد إنتاجها".
الضوء الجميل صحي أيضا
بعد هذه التجربة بدأ تطوير مصابيح LED الدافئة يشهد تقدماً واضحاً. واليوم أصبحت مادة نيترات السيليكات تنتج بكمية كبيرة. وظلت الأبحاث متواصلة في شركة فيليبس.
يهتم بيتر شميت أيضاً بالإضاءة المستقبلية للمنازل ويمتلك في ذلك رؤية خاصة تكمن في ضرورة ملائمة المصابيح للحاجيات البيولوجية للإنسان. فهو يرى بأن الضوء يتحكم في هرمونات جسمنا: "فالضوء الأزرق يجعلنا أكثر انتباها لأنه يحفز إنتاج هرمون السيروتونين عندنا. لذلك ينصح باستخدام الضوء الأبيض الدافئ قبل النوم لأنه صحي ويساعد على الاسترخاء". وحسب شميت فإن التحكم في لون الضوء وتغيره يسمح لنا بملاءمة الإنارة لدورتنا البيولوجية.
ولا يقتصر ذلك على المصابيح فقط وإنما يشمل أيضاً الإضاءة الخلفية للشاشات المسطحة. وقد يتم مستقبلاً إنتاج شاشات كمبيوتر ذات ضوء بارد تساعدنا في الصباح على القيام بأعمالنا بتركيز أكبر وشاشات تلفاز ذات ضوء دافئ تجعلنا نخلد للنوم في الليل بشكل أفضل بعد قضاء بعض الوقت أمامها.