مشروعات البناء الكبرى يمكن أن تتعثر في ألمانيا أيضاً
لا يمكن أن يكون نقص الأموال هو سبب تعثر هذه المشروعات. وفي كثير من الأحيان تكون تكلفة مشاريع البناء الكبرى في ألمانيا أكثر مما كان متوقعاً في الأصل. ورغم ذلك لا تكتمل أحياناً. والأسباب متنوعة!
هذه الصورة من عام 2012. وكما نرى في الدائرة الحمراء في أقصى اليمين "ممنوع" مرور السيارات، التي تزيد حمولتها عن 3.5 طن لأن هناك شقا في جسر على هذا الطريق السريع المؤدي إلى مدينة ليفركوزن. ورغم مرور أعوام على الصورة إلا أنه لم يجر إصلاح الجسر حتى الآن، مما يؤدي إلى تعطل عبور السيارات، بل إن الطريق سيغلق عدة أياماً حتى يتم إصلاح الجسر.
هذا الجسر فوق وادي نهر "موزل" مازال قيد البناء. وهناك حملة من قبل مواطنين ترفض إقامة الجسر، الذي من المقرر الانتهاء من بنائه عام 2018. الحملة الرافضة للجسر ليس سببها فقط تكلفته الباهظة "460 مليون يورو"، وإنما أيضاً لأن هؤلاء المواطنين يرون أن منظر الوادي أفضل بدون أعمدة الخرسانة العشرة التي تحمله.
بعد خمس سنوات ونصف من العمل تم بناء جسر وادي "أنشتروت"، ثاني أطول جسر للسكة الحديد في ألمانيا (طوله حوالي 2.7 كيلو متر). هذا الجسر هو جزء من خط السكة الحديد للقطار فائق السرعة (ICE)، بين مدينتي إرفورت ولايبرزغ بشرق ألمانيا، والذي كلف جيوب دافعي الضرائب نحو عشرة مليارات يورو. ويقول منتقدو المشروع إن أهميته ضئيلة للمسافرين.
تحفة التعثر: مطار برلين براندنبورغ، بالعاصمة الألمانية برلين، هو أكبر وأهم نموذج على تعثر مشاريع البناء في ألمانيا. فقد كان من المقرر افتتاحه عام 2013 وتأجل الافتتاح إلى مطلع 2015، لكن هذا لم يحدث أيضاً ومازال المطار في مرحلة البناء حتى الآن ولا يعلم أحد متى يتم افتتاح المطار. وقد تعرض كثيرون من المشرفين على المشروع للإقالة.
مشروع مبنى الأوبرا في مدينة هامبورغ "إلبفيلهارموني" هو دليل كبير آخر على تعثر المشروعات في ألمانيا، حيث انطلقت أعمال بنائه عام 2007 وبتكلفة متوقعه قدرها 77 مليون يورو، ثم قيل بعدها إنها ستبلغ 114 مليون، لكن في النهاية وصل المبلغ إلى 575 مليون يورو. ومن المقرر افتتاحه في مطلع عام 2017.
ربما كان من الأفضل لمدينة كولونيا أن تتخلى عن فكرة ترميم دار الأوبرا. لأن منظرها في المدينة السياحية العريقة لا يعجب الكثيرين. فهي لا تبدو كدار أوبرا وإنما كبرميل بدون قعر. ولا يعلم حتى بيرند شترايتبيرغر، المشرف الفني على المشروع، متى سيتم الانتهاء من أعمال الترميم، حيث اُرتكبت أخطاء فادحة حسب ما قال شترايتبيرغر.
مرة أخرى نعود إلى هامبورغ. فالمدينة الساحلية لم تأبه بالخلافات والانتقادات بشأن مبنى الأوبرا، وتشجعت على الترشح لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية لعام 2024. ثم طلبت من مواطنيها التصويت على الأمر، فرفضه المواطنون؛ حيث كان من المفترض أن تصل تكلفة استضافة الدورة إلى 11.2 مليار يورو (فقط!).
لو كانت مشروعات البناء لها روح ولسان لتألمت وشكت مرارة الشكوى عما يوجه إليها من إهانة، لا دخل لها بها. ومن بين هذه المشروعات رصيف الحاويات "جادى-فيزر-بورت"، في ميناء فيلهلمسهافن، الذي بإمكانه أن يحكي قصصاً حول تدمير الاستثمارات وتبديد المليارات وميناء فاشل، حسب ما قيل بعد افتتاحه عام 2012. لكن ربما القادم أفضل.
وعلى عادة أفلام كثيرة لابد من كتابة نهاية سعيدة بعد كل محطات الفشل. هنا مثلاً مبنى "شورمان" في بون. الذي كان مصمماً ليصبح مبنى لمكاتب أعضاء البرلمان الألماني "بوندستاغ". وتعرض المبنى للدمار بسبب فيضان نهر الراين عام 1993، وبعد ذلك انتقل البرلمان إلى العاصمة برلين. لكن النهاية السعيدة هي أن المبنى أصبح الآن مقراً لمؤسسة "دويتشه فيله".