مشاهد من مطاردة اللاجئين على الحدود البلغارية التركية
٣ مارس ٢٠١٦كوستا البالغ من العمر 76 عاما، وهو راعي ماعز يقول: "سبعة كيلومترات فقط تفصل قريتنا عن الحدود. وكل من يتجاوز السياج الحدودي يمر عبر قريتنا". كوستا هو أحد سكان القرية الـ 18 التي يباع فيها الخبز ثلاث مرات في الأسبوع وليس فيها إمكانية تغطية للهاتف النقال. القرية الصغيرة نجحت مؤخرا في الظهور في الأخبار الوطنية بفضل دنكو، الشاب الذي ينحدر من مدينة يمبول المجاورة حيث كان يسير على دراجة نارية داخل غابة بالقرب من القرية الصغيرة "يطارد على ما يبدو 25 لاجئا"، كما هللت بعض الصحف الشعبية البلغارية. ويحاول دنكو حاليا اكتساب متطوعين لإنشاء ما سمي "مطاردة اللاجئين". وصرح دنكو أمام قناة تلفزيون بلغارية: "كل من نلقي عليه القبض يبقى تحت سيطرتنا... واضح أنني أريد قتلهم، هم أيضا يريدون قتلي؟" ولا يخفي هذا الشاب استعداده لممارسة العنف.
"بطل كبير" في فيسبوك
وحتى في حديث مع DW شدد دنكو على أن مشروعه جيد. "فإذا كان من حقهم تفجير قنابل، فأنا أيضاً يحق لي ذلك"، كما قال. بالنسبة إليه كل شيء بسيط: فكل لاجئ يعتبر جهاديا. وأكد دنكو الخبر القائل بأن ما يسمى "مجموعة الدفاع المدني" تعتزم في الـ 11 من آذار/مارس الشروع في حراسة الحدود. لكن الشرطة البلغارية لا تهتم بعد بهذه المبادرة المستعدة لممارسة العنف. وهذا ما يتأكد من تصريحات وزيرة الداخلية روميانا باتشفاروفا التي حثت وسائل الإعلام على إبلاغ الشرطة بأشياء غير عادية. وهي تصف مبادرة دنكو فقط بكونها "غير عادية".
"دنكو لا يجب أخذه على محمل الجد"، يقول أحد السياسيين المحليين الذي فضل عدم الكشف عن هويته، وقال:" إنه يريد فقط الشهرة ويقوم من حين لآخر بأشياء حمقاء مثل قيادة دبابة على الطريق أو ركوب حصان في الساحة العامة أو مطاردة مارة على الرصيف فوق دراجته النارية".
في الوقت نفسه يشير دنكو إلى أنه تاجر ناجح في المعادن المستخدمة، وكذلك أحيانا عبر السفر إلى الخارج. وزعم أن إحدى سفرياته الأخيرة نقلته إلى دمشق حيث باع بعض قطع آلات. وكتب في فيسبوك أن دمشق مليئة "بالجهاديين". وفي تعليق على هذه المعلومة شجعه أحد أصدقائه على قتلهم جميعا. وكثير من مستخدمي فيسبوك يمجدون دنكو "كبطل كبير".
التحريض عوض الحقيقة
وسجل عشرون متطوعا أسماءهم في مجموعة فيسبوك للدفاع المدني. وجميعهم تقريبا من محبي دراجات المسالك الوعرة. وبعضهم دافع عن مبادرة دنكو في وسائل إعلام محلية، وتحفظوا بعدها لأنهم لم يحصلوا على المساندة السياسية. سلاف سلافوف مرشح سابق لمنصب عمدة القرية المنتمي للحزب الحاكم في صوفيا، الذي يقدم نفسه أمام الإعلام كأحد المتطوعين، طالب "بوطنية أكثر" و"أن يتولى الناس أخيرا الرقابة". وفي مقابلة مع DW اشتكى مؤخرا من أن الحزب "دمره" بسبب تصريحاته وطلب منه الاستقالة. لكنه يقول بأنه سيبقى معارضا قويا للاجئين. ويعلن قائلا: "اذهبوا إلى إحدى القرى الحدودية وسترون الكبار الذين يتباكون، لأن الأجانب هاجموهم وسرقوهم".
لكن لا أحد يشتكي في القرية الحدودية، ولا أحد تكلم عن أعمال سرقة قام بها لاجئون. راعي المعز كوستا يتساءل: "كيف يمكن التحدث على هذا المنوال؟ الناس يفرون من الحرب عراة وحفاة وعطشانين". ويؤكد كوستا على أنه من الواجب الإنساني مساعدتهم وتزويدهم بما هو ضروري وإبلاغ الشرطة بعدها. ويقول إنه يفعل هذه الأمور إذا ما صادف لاجئين.
مسدسات رشاشة ضد اللاجئين
ويفيد تقرير أخير حول الوضع على الحدود أنه تم في هذا اليوم إلقاء القبض على ثلاثة أشخاص عبروا السياج الحدودي بصفة غير قانونية. ويتدفق على بلغاريا حاليا نحو 1.500 لاجئ شهريا، غالبيتهم من سوريا والعراق وأفغانستان يسعون في غالب الأحيان إلى استكمال طريقهم عبر صربيا إلى أوروبا الغربية. ويتوقع سكان القرية الحدودية ارتفاع عدد اللاجئين. ويقول الراعي كوستا إنهم: "يبحثون بكل تهافت عن خبز يأكلونه، وكأنهم لم يروا أبدا في حياتهم قطعة خبز واحدة! وقبل مدة قصيرة قدمنا الطعام لبعض الأطفال. ماذا يريد دنكو أن يفعل بهم؟ ربما قتلهم؟"
لكن راعي معز آخر طالب باستخدام مسدسات رشاشة ضد اللاجئين، وهو لا يريد الكشف عن اسمه، وله لكنة روسية، ويقول بأنه وُلد في باكو وقاتل في أيام الاتحاد السوفيتي في أفغانستان. ويضيف بأنه يرفض "الاستماع إلى الروايات العاطفية عن أطفال ونساء جائعين". ويقول بأنهم جميعا إرهابيون وجب التخلص منهم بكل السبل. أحد رجال الشرطة الحدودية يشاطره الرأي ويقول في تصريح لـ DW، إن شرطة الحدود لوحدها غير قادرة على وقف سيل اللاجئين ولذلك هناك حاجة إلى أشخاص مثل دنكو، ويضيف بأن السياج الذي تعتزم الحكومة إقامته على الحدود مع تركيا غير كاف. لكنه غير فجأة لغته عندما تقدم زميل له، وقال إن الشرطة قادرة على مراقبة الحدود وأنه لا حاجة إلى متطوعين وأن بناء السياج يتقدم.
لا خوف أمام الأجانب
الشابة روسكا البالغة من العمر 25 عاما من قرية فاكيا المجاورة تصادف يوميا لاجئين، غالبا ضمن مجموعات من خمسة أو ستة أشخاص، غالبيتهم شباب من الرجال والنساء يسألون في الغالب عن الطريق في اتجاه صوفيا. ولدى سؤالها إن كانت تخشى هؤلاء الأجانب الذين تعكس وسائل الإعلام صورة سلبية عنهم؟ تجيب روسكا: "هل يجب أن أخاف منك أنت أيضا؟ حتى أنت لا أعرفك؟"