مسيرة الفن في ارض السواد
١٩ يوليو ٢٠١٢بينما كان حكم صدام يلفظ أنفاسه الأخيرة ذهبالرسام العراقي قاسم السبتي إلى احد اقرب الأماكن إلى قلبه وهو أكاديمية الفنون الجميلة ليجد أن النيران قد التهمت آلافا منكتبها وسجلاتها .كان ذلك في ابريل / نيسان 2003 حين وصلت قوات التحالف الدولي العاصمة بغداد.
قاسم السبتي شاهد الحريق من شرفة منزله في وسط بغداد وسرد كيفاحترق ستة آلاف كتاب عن الفنون وكيف حاول إنقاذ بضعة قليلة منها.ونقلت رويترز عنه القول إنه قد حاول إنقاذ كتاب يتضمن مناظر طبيعية روسية كان يحبه، وأضاف انه كان يتابع دائما أعمال الفنانين الروس لمعرفة كيفية رسمالمناظر الطبيعية لتدريسها لطلابه. السبتي قال إن عشقه لهذا الكتاب دفعه ليضعيديه داخل النيران لإنقاذه ، إلا أن اللهب طال أصابعه وسقطتأوراق الكتاب في النيران ولم يتبق في يديه سوى الغلاف.
الفن في ظل الديكتاتورية والحصار
أكاديمية الفنون الجميلة في العراق عانت في تسعينات القرن الماضي من شحة الكتب وغياب التمويل بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة ضد نظام صدام حسين عقب غزوه للكويت. وعانت هذه المؤسسة العريقة أيضا من غياب الخبرات التدريسية بسبب سياسات النظام السابق التي دفعت الفنانين والأكاديميين إلى الهجرة إلى خارج البلد بحثا عن الحرية والأمان والحياة الكريمة. وهكذا فان ضياع وتلف الكتب عقب أحداث نيسان 2003 قد شكل ضربة هائلة لأكاديمية الفنون الجميلة. لكن بالنسبة للسبتي تحولت الكتب التالفة إلى مصدر الهام فنياستمر معه لنحو عشرة أعوام.
الفن يبعث من الرماد
حاول السبتي أن يخرج من الرماد بحصيلة جميلة، فأستخدم قطعا من الكتب المحترقة والتالفة لصنع لوحات فنية تتضمن صورامن فن الكولاج استخدم فيها مزيجا من أغلفة الكتب والورق والألوان . ويحث الرسام البالغ من العمر 58 الناس على زيارة معرضه الصغيرفي بغداد ليتلمسوا أعماله الفنية بأيديهم وليشاهدوا عن قرب القطعالتي استخدمها في أعماله، مثل ختم أمين مكتبة وكتابات عربية بارزةفي الهوامش، وبدأ مؤخرا في طباعة صورا مكبرة من الكتب على القماش.
وقال السبتي أن الانقطاع المتكرر في الكهرباء يعني أن فن الخزفالتقليدي العراقي اندثر وأشار إلى قطع صغيرة قليلة في المعرض صنعهااحد المدرسين في الأكاديمية ، وتابع أن السنوات العشر الأخيرة قد مرت دون صنع أعمال فنية منالخزف، مبينا أن عدد فناني الخزف المتبقين الآن في العراق قد لايتجاوز 5 في جميع أنحاء البلد، وأضاف انه لا يوجد في بغداد سوى معرضين خاصين بينما كان يوجدبها أكثر من 20 معرضا في السابق .
لكن السبتي وأقرانه يرون بارقة أمل ، حيث تعهدت الحكومة الحالية بتمويل 24 معرضا مقامة داخل معرضه خاصة لإظهارالمواهب الفنية الجديدة في البلد، والى ذلك قال : إن هذه هي المرة الأولى التي يُعرضعليه تلقي تمويل من قبل الحكومة مضيفا انه كان لا يهتم في السابق بمساعدة الحكومة نظرا لوجودكثير من الزائرين المهتمين بالفن، أما الآن فالفنانون بحاجة فعلاإلى المساعدة.
(ز. أ. ب/ رويترز)
مراجعة: ملهم الملائكة