مسلمون ومساجد ومآذن ـ أرقام وحقائق
٨ ديسمبر ٢٠٠٩يعيش في ألمانيا حسب التقديرات 4.3 ملايين مسلم، أي أكثر من خمسة في المائة من السكان الألمان. ونصف هؤلاء تقريبا مواطنون ألمان فيما يملك الباقون جوازات سفر أجنبية. وجاءت أكثرية المسلمين إلى ألمانيا في مطلع ستينات القرن الماضي على شكل "عمال ضيوف"، أي لفترة زمنية محددة. واعتقد هؤلاء بالفعل أن إقامتهم هنا ستكون مؤقتة، لذلك كان طابع ممارستهم لشعائرهم الدينية في مؤقتا أيضا، وغالبا ما مارسوا هذه الشعائر في مساكنهم التي تم تجهيزها ببعض الوسائل التي تخدم هذا الغرض.
المساجد في ألمانيا غير حديثة العهد
لكن الوضع هذا تغيَّر مع صدور قانون في عام 1973 الذي يمنع استقدام العمال الضيوف. ولم يعد بإمكان المسلمين منهم السفر بين ألمانيا وأوطانهم فبقي الكثيرون منهم هنا وبدأوا يستقدمون عائلاتهم. ومنذ ذلك التاريخ يمكن الحديث عن وجود جماعة دينية جديدة في البلاد. وتمَّ بعد ذلك تأسيس اتحادات وروابط للمسلمين وإنشاء مساجد غالبيتها خلف المنازل. ومع ذلك، فإن ألمانيا تعرفت على المساجد التقليدية منذ زمن أبعد، إذ جرى بناء أحدها في عشرينات القرن الماضي في برلين ـ فيلمرسدورف. وبنيت للطلاب الذين قدموا من الدول الإسلامية بعد تلك الفترة للدراسة في جامعات هامبورغ وميونيخ وآخن مساجد أيضا. ويعتبر المسجد مكانا مقدسا للجماعة الإسلامية، فإلى جانب كونها مكان لممارسة الطقوس الدينية، تُستخدم المساجد أيضا كمراكز للتعليم الديني والنقاشات وكملتقى أيضا للحياة الاجتماعية.
وحسب معلومات الأرشيف الإسلامي في زوست بشمال الراين وستفاليا يوجد في ألمانيا 240 مسجدا تقليديا، أي بقبَّة ومأذنة، ونحو 2600 مكان للصلاة. وفي خريف 2008 تم تدشين أكبر مسجد في ألمانيا في ديسبورغ ـ ماركسلوه. وكان يخضع الأمر في كل مرة لنقاش وجدل عامَّين في البلاد يبدآ بالتساؤل إن كان الضجيج سيزيد أو أن أمكنة صفِّ السيارات ستختفي بسب البناء. وعلى خلفية القلق والتململ الناتجين عن ذلك تنطلق مبادرات من مواطنين بهدف منع بناء مساجد. وخلال مرحلة بناء المساجد في كل من كولونيا وفرانكفورت وبرلين تظهر على السطح انفعالات شديدة، ويشعر العديد من المواطنين بأن المآذن تسبب لهم استفزازا شخصيا. هذا ما يدفع البعض إلى المطالبة بألا يتجاوز علو مأذنة جامع كولونيا الـ 55 مترا بعد الاعتراض على علوها في خطط البناء الموضوعة.
المأذنة ليست فرضا في العرف الإسلامي
والمأذنة ليست فرضا بالضرورة في العرف الإسلامي. فقد تمَّ بناء أول برج للمؤذِّن بعد موت الرسول محمد عام 632، وعلى الأرجح في سوريا في مطلع القرن الثامن. وعلى ما يبدو تم استيحاء المأذنة من أبراج الكنائس المنتشرة في تلك المنطقة التي كانت لا تزال تتمتع إلى حدِّ كبير بطابع مسيحي. وفي مصر كما في المساجد القديمة في المدينة بنيت منصة عالية للمؤذِّن تطورت إلى برج لاحقا لكي يسمع المؤمنون بصورة أفضل الصلاة. ومع ذلك لا توجد تعليمات دينية لبناء المأذنة. وفي المناطق المسيحية الممتدة من بيزنطية إلى سوريا حيث دخل الإسلام وتوسَّع فيها لاحقا شكَّلت هندسة الكنائس فيها، خصوصا البيزنطية، نموذجا يحتذى به لبناء المساجد.
وفي المعاهدة المعروفة باسم "معاهدة عمر"، وفي التشريعات التي صدرت في القرون الوسطى لا يسمح لما يعرف بـ "ذوي الذمة"ـ أي للمسيحيين واليهود ـ ببناء بيوت صلاة أعلى من بيوت صلاة المسلمين. وفي ألمانيا أيضا من غير المسموح للمآذن بأن تعلو أبراج الكنائس. ولا يرى العديد من خبراء الإسلام في المآذن رمزا سلطويا، وإنما إشارة وجود وتماثل.
الكاتب:كريستينا بييرت/ اسكندر الديك
مراجعة: طارق أنكاي