مسعود أوزيل يسحر مدريد ومدرب النادي الملكي جوزيه مورينيو
٢٢ أكتوبر ٢٠١٠مسعود أوزيل وسامي خضيرة قدّما أداء قوياً ورائعاً في مواجهة الغريم التقليدي إي سي ميلان ضمن منافسات دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، ففي اللقاء الذي حسمه الفريق الملكي ريال مدريد لصالحه بتغلبه على إي سي ميلان بثنائية نظيفة، تألق ساحر الكرة مسعود أوزيل بشكل خاص في صفوف فريق الريال وسجّل الهدف الثاني لريال مدريد والأول له ضمن مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم. وبهذا الفوز رفع ريال مدريد رصيده إلى ثلاثة انتصارات في ثالث مباراة له ضمن منافسات المجموعة السابعة، ليقترب بذلك من تأهله إلى ثمن نهائي المسابقة الأوروبية.
الهدف الأول في دوري أبطال أوروبا
وتكريماً له على أدائه المبهر في صفوف فريقه أمام إي سي ميلان، خرج أوزيل من الملعب في الدقيقة 83 وسط تصفيق حار من 80 ألف مشجع احتشدوا في إستاد "بيرنابوي" في العاصمة الإسبانية مدريد. وقد حظي لاعب المنتخب الألماني بمديح مدرب ريال الشهير البرتغالي جوزيه مورينيو الذي وصف أوزيل باللاعب الساحر الذي أضفى إثارة كبيرة على أداء فريقه والذي عزز دون أدنى شك صفوف ريال مدريد.
وليس هناك أدنى شك في أن أوزيل فرح كثيراً لتسجيله أول أهدافه في دوري أبطال أوروبا، لكنه أكد مرة أخرى طموحه وسعيه إلى تحقيق مزيد من الانتصارات مع فريق الريال. وفي خضمّ الاهتمام الكبير بأوزيل ابتعدت الأضواء بعض الشيء عن لاعب المنتخب الثاني سامي خضيرة، لاعب فريق شتوتغارت السابق، الذي قدّم هو الآخر أداء قوياً أمام إي سي ميلان. وقد حظي سامي خضيرة أيضاً بمديح مدربه مورينيو الذي وصفه باللاعب الرائع والقوي في خط الوسط والذي يتطور من مباراة لأخرى ويزداد أهمية بالنسبة للفريق الملكي.
جهود مكثفة من أجل الاندماج
من أهم الأسباب الكامنة وراء تألق لاعبي المنتخب الألماني في صفوف ريال مدريد هو سعيهما الدؤوب إلى الاندماج بسرعة في مدريد. فلاعبا بريمن وشتوتغارت السابقان يبذلان يومياً قصارى جهدهما ليس على العشب الأخضر فحسب، بل على مقاعد التعليم أيضاً. فكلا اللاعبين يتعلمان حالياً اللغة الإسبانية بشكل مكثف. وهذا ما لفت انتباه وسائل الإعلام الإسبانية أيضا، إضافة إلى كثير من الخبراء الذين يتوقعون أن يُصبح مسعود أوزيل في القريب العاجل واحداً من أبرز لاعبي كرة القدم العالمية على الإطلاق.
ويرى خبراء الكرة أيضاً أن اختيار أوزيل اللعب للمنتخب الألماني وليس التركي ساهم كثيراً في تحقيقه النجومية بهذه السرعة. فتألقه اللافت في نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا وتحقيقه المركز الثالث مع منتخب ألمانيا كان بمثابة مفتاح باب النجومية في عالم كرة القدم وانتقاله من فريق فيردر بريمن الألماني إلى نادي ريال مدريد العريق.
المنتخب الألماني كان خياره الوحيد
على الرغم من جذوره التركية، إلا أن مسعود أوزيل أكّد مرات عديدة أن الدفاع عن ألوان المنتخب الألماني لكرة القدم كان خياره الأول والوحيد. وقد أكد إبن الـ 22 ربيعاً أنه سعيدٌ جداً باللعب دولياً لصالح ألمانيا التي ترعرع فيها من أبوين تركيين. وقال أيضاً إنه لا يرى أي مشكلة عندما يواجه مع المنتخب الألماني منتخب بلده الأم تركيا. وهذا ما حصل بالفعل في اللقاء الذي جمع ألمانيا وتركيا على ملعب برلين الأولمبي ضمن تصفيات كأس أوروبا 2012 حيث فاز المنتخب الألماني بوضوح على ضيفه التركي بثلاثة أهداف نظيفة حمل أحدها توقيع أوزيل. وإلى جانب فرحة المشجعين الألمان بأداء أوزيل القوي، قوبل نجم ريال مدريد برفضٍ من المشجعين الأتراك الذين كانوا يمثلون الأغلبية في الملعب الأولمبي في برلين. واستقبل المشجعون الأتراك الذي فاق عددهم 40 ألف مشجع من أصل 75 ألف احتشدوا في الملعب، استقبلوا أوزيل بالتصفير وبهتافات معادية له تعبيراً عن غضبهم عليه بسبب اختياره اللعب لألمانيا الذي وُلد فيها وليس لبلده الأم تركيا.
لكن أوزيل لاعب محترف ويعرف كيف يتصرف في مثل هذه الحالات، وهو يتمتع بروح احترافية عالية وكافية للتركيز على اللعب وتقديم أفضل ما لديه. وبالفعل قدّم أوزيل في تلك المباراة أداء قوياً ومبهراً، على الرغم من الأجواء غير اللائقة التي لقيها من المشجعين الأتراك والذين كانوا يُصفرون بلا هوادة، كلما أمسك أوزيل بالكرة.
الاندماج في ألمانيا
بالدفاع عن ألوان المنتخب الألماني لكرة القدم، وخاصة أمام منتخب بلده الأصل تركيا، حظي مسعود أوزيل بإعجاب الكثيرين وعلى رأسهم الرئيس الألماني والاتحاد الألماني لكرة القدم اللذين يعتبران أوزيل مثالاً يُحتذى به في مسألة الاندماج.
لقاء المنتخب الألماني مع نظيره التركي ضمن تصفيات كأس أوروبا 2010 اتسم بالندية والإثارة بشكل نادر. فالأمر هنا يتعلق بثقافة المسلمين في ألمانيا وبقضية الاندماج التي يدور حولها جدل واسع في الآونة الأخيرة في ألمانيا. لكن على صعيد كرة القدم الألمانية، يرى الكثيرون أن المنتخب الألماني لكرة القدم يُعدّ نموذجاً للاندماج. فالفريق الوطني الألماني يضمّ في صفوفه لاعبين من مختلف الثقافات والجنسيات، لاعبين من جذور أجنبية وعلى رأسهم مسعود أوزيل الذي وُلد في مدينة غلزينكيرشن الألمانية لأبوين تركيين.
لكن أوزيل ليس اللاعب الأجنبي الوحيد في صفوف المانشفات، فهناك لوكاس بودولسكي البولندي الأصل وميروسلاف كلوزه البولندي الأصل أيضا. هذا بالإضافة إلى سامي خضيرة التونسي الأصل وجيروم بواتينغ الذي وُلد في برلين لأم ألمانية وأب غاني ولاعب فريق شتوتغارت كاكاو الذي حصل على الجنسية الألمانية بعد بلوغه الـ 27 من عمره. وجميع هؤلاء اللاعبين يدافعون عن ألوان المنتخب الألماني. وهذا ما يعتبره الكثيرون مثالاً على الاندماج في ألمانيا، لكن البعض يرى عكس ذلك تماما. فهناك من يرى أن أوزيل وبودولسكي وكلوزه وخضيرة وبواتينغ وكاكاو يلعبون لألمانيا لأنهم بالدرجة الأولى لاعبون جيدون وأن هؤلاء اللاعبين ما كان لهم أن يُحققوا النجاح على الصعيد الدولي لو لعبوا في صفوف منتخبات بلادهم الأصلية.
وتبين هذه التطورات أن لاعبي المنتخب الألماني من جذور أجنبية يساهمون بشكل قوي في النجاحات التي يحققها في المنافسات التي يخوضها ضد المنتخبات العالمية الكبيرة.
علاء الدين موسى البوريني
مراجعة: منى صالح