"مسجد المهاجرين" في بون يفتح أبوابه لدعم الشباب
١٧ مارس ٢٠١٤"قبل أن أرتدي الحجاب قدمت في عدة أماكن تدريب ولم يأتني رد، وبعد أن ارتديت الحجاب بيومين جاءني رد إيجابي في مكان التدريب الذي قدمت فيه"، هكذا تصف أميمة صديقي بنت الخمسة وعشرين ربيعا خبرتها مع البحث عن فرصة عمل وسط ضحك الحاضرين وإعجابهم، موضحة أن الحجاب لا يلعب دوراً في البحث عن عمل، على عكس الرأي السائد. وأشارت المتدربة كمساعدة في المجال الطبي أنهم في مكان العمل لا يضعون لها أي شروط لشكل ملابسها سوى أن تكون بيضاء. إيمان قدمت مثلها مثل أربع متدربين مسلمين شباب آخرين قصص نجاحهم في مجال التدريب المهني خلال أمسية استقبلها مسجد المهاجرين بمدينة بون يوم الجمعة 14 مارس/آذار تحت عنوان "بالتدريب المهني لتحقيق النجاح".
هذه الأمسية التي تهدف لتعريف الشباب والآباء والأمهات من أصول مهاجرة بفرص التدريب المهني المتاحة في ألمانيا وكيفية الوصول إليها هي واحدة من ضمن عدة فعاليات تنظم في إطار مبادرة: "مهنتي، مستقبلي" بولاية شمال الراين ويستفاليا والتي تهدف لتعريف الشباب والشابات من ذوي الأصول المهاجرة وأهاليهم بنظام التعليم الألماني ودعمهم للوصول إلى أفضل ما يناسبهم من فرص دراسة أو تدريب. وتمول هذه المبادرة وزارة العمل والاندماج في شمال الراين ويستفاليا والصندوق الأوروبي للدعم الاجتماعي.
"فرص متساوية للجميع بغض النظر عن الأصل"
ويقوم بهذه المبادرة مركز التدريب في مجال الأعمال اليدوية، وشبكة الآباء في ولاية شمال الراين ويستفاليا ومشروع "المدرسين من ذوي الأصول المهاجرة في ولاية شمال الراين ويستفاليا"، والذي يوضح مديره مصطفى بوكلوا، مغربي الأصل، في مقابلة مع DWأن أهمية هذه المبادرة "هي إتاحة فرص متساوية لكل الشباب أياً كانت أصولهم، وذلك عن طريق إتاحة المعلومات اللازمة لهم ولآبائهم حتى يتمكنوا من القيام بالاختيار السليم والتقديم بالشكل المطلوب".
بوكلوا، الذي ولد في المغرب وأتى إلى ألمانيا وهو في الثانية من عمره، عانى من بعض الصعوبات في صغره، فهو لم يتعلم الألمانية سوى عند دخوله المدرسة، ما أثر على مستواه الدراسي في بداية مشواره. وبعد أن انتهى من دراسته وعمل كمعلم، قرر المشاركة في هذه المبادرة لإيمانه بأن توفير فرص التعليم والتدريب المهني المتساوية هو الخطوة الأولى نحو اندماج المهاجرين وتحقيق النجاح لهم في حياتهم، وبعد أن كان عدد المعلمين المشاركين في هذا المشروع في بداياته عام 2007 عشرين معلماً، أصبحوا اليوم 540 معلماً، يقدمون الدعم للشباب.
"المهاجرون جزء لا يتجزأ من مدينة بون"
ولا تقوم المبادرة فقط بتقديم معلومات في المدن المختلفة، لكنها تساند أيضاً الشباب والأهل وتقوم بإعطاء المشورة سواء فيما يتعلق بفرص التدريب المتاحة أو حتى في طريقة كتابة السيرة الذاتية عند التقدم للعمل، كما تساند الشباب أيضاً في حال تعرضهم لمضايقات بسبب أصولهم المهاجرة. وهو ما تقوم به أيضاً مسؤولة الاندماج في مدينة بون، كارلوتا مانيمان، والتي كانت حاضرة أمسية الجمعة في المسجد، وتضيف مانيمان، التي كانت بصحبة أحد المتدربين العرب في مقابلة مع DW: "يسعدني أن يكون هناك متدربين الآن أيضاً في إدارة مدينة بون، وقد وصلت نسبتهم إلى حوالي 30 بالمائة من المتدربين، هو ما يعني أنهم أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من المدينة، ولا يقومون فقط بأعمال هامشية وهذا أمر هام بالنسبة لنا. فنحن نحتاج لهذا الاختلاط داخل إدارة المدينة وهذه علامة على الغنى والتنوع الموجود في بون".
شارك في الأمسية أيضاً عدد من الشركات مثل تليكوم ومصرف شباركاسه الألماني بالإضافة إلى غرفة الصناعة والتجارة الألمانية التي قدمت عرضاً مفصلاً عن فرص التدريب المهني المتاحة في ألمانيا وكيفية النجاح في الوصول إليها. وهو ما استفادت منه كثيراً سكينة النوري، وهي تونسية، أتت بصحبة طفليها وتوضح سبب حضورها قائلة: "لم أستطع استكمال دراستي وبحكم الظروف لأنني تزوجت وأنجبت. وعندما سمعت عن هذا الاجتماع في المسجد جئت لأعرف إذا كانت هناك فرصة لدي الآن". ألفت العزب، التي درست التمريض والتربية في سوريا، والتي لم تكمل في ألمانيا سوى عامين، وجدت في هذا الاجتماع والمحاضرات المقدمة فرصة للتعرف على الإمكانيات المتاحة لديها الآن، لتفتح لنفسها مجالاً جديداً في بلد جديد تماماً عليها.
تعاون هام مع المسجد
إقامة هذه الأمسية المعلوماتية في المسجد كان بمثابة رسالة للحضور بأهمية تحقيق الاندماج، وهو ما يقوله أمين سمسيمي، أحد الحضور، وهو طالب جاء بالصدفة إلى الأمسية، فقد كان يحضر صلاة الجمعة وسمع عن الأمسية فقرر أن يحضر كما يوضح لـDW: "رغم أن الأمسية لا تخصني شخصياً حيث أنني بالفعل طالب في مجال صناعة السيارات في المعهد العالي في كولونيا، إلا أنني أردت أن أرى هذا التعاون بين الدولة والمسجد والشباب. كيف يمكن جمعهم على أرضية واحدة. وأنا أعتبر أن هذا أمر هام جداً، فأنا من أصول مهاجرة، لكني ألماني، أحمل الجنسية الألمانية وأتحدث الألمانية كلغة أم وأرى أنه من المهم أن يكون هناك تغيير في التعامل وأن يصبح أمراً طبيعياً".
هذه هي أيضاً الرسالة التي أراد مدير المسجد محمود خراط إرسالها، ليس فقط في كلمته الافتتاحية التي شجع خلالها الأهل على الاستماع بيقظة للتعرف على الإمكانيات المتاحة لأبنائهم، لكن أيضاً من خلال الوجبة العربية الشهية التي قدمت للحاضرين في نهاية الأمسية المعلوماتية، والتي جعلت الجميع يترك المسجد وهو راض عما أخذه من معلومات وأيضاً ما تذوقه من أشهى المأكولات.