مساعي عراقية وعربية لتبديد شبح الحرب الأهلية
١٠ أبريل ٢٠٠٦أضحى خطر انزلاق العراق إلى حرب أهلية شاملة أكثر تجسدا وواقعية كما لم يحدث من قبل، وذلك بعد هجمات الأيام الأخيرة التي استهدفت الشيعة، وكان أبشعها الهجوم الذي طاول حسينية شيعية شمال بغداد قبل يومين وأسقط أكثر من 80 قتيل، وتم تنفيذها من قبل ثلاثة إرهابيين، يرتدون ملابس نسائية، فجروا أنفسهم في باحة مسجد براثا وفي الممر الخارجي له. وهو حادث يأتي ليأكد مدى الانحطاط الأخلاقي لعصابات التطرف الديني من جماعة الزرقاوي وغيره، ومدى إصرارهم الأعمى على خلق حرب أهلية بأي ثمن حتى لو كان إزهاق أرواح آلاف الأبرياء.
وعكست تصريحات السياسيين رفيعي المستوى حجم الخطر القائم، فللمرة الأولى اعترف عضو في الحكومة العراقية بأن بلاده تواجه حربا أهلية فعلية منذ سنة. فقد صرح نائب وزير الداخلية العراقية حسين علي كمال لهيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي قائلاً: "العراق في حالة حرب أهلية منذ الأشهر الاثني عشرة الأخيرة"، حتى لو ان هذه الحرب "ليست على نطاق واسع". وأضاف "كل يوم، يقتل شيعة وسنة وأكراد ومسيحيون، لكن هذه الحرب الأهلية لم تعلنها رسميا بعد أطراف النزاع". والرئيس المصري حسني مبارك قال بصراحة في لقاء مع قناة العربية يوم السبت: إن الحرب الأهلية "مش على الأبواب هي تقريبا بدأت"، محذرا من خروج قوات التحالف في الوقت الحاضر. السفير الأمريكي في العراق زلماي خليلزاد طالب بتعجيل تشكيل الحكومة العراقية المنتظرة، وصرح بأن الفراغ السياسي يجعل خطر الحرب الأهلية محدقا، محذرا من أنها إذا اشتعلت فإنها ستخرج عن السيطرة وتمتد إلى دول أخرى.
سيناريو الحرب الأهلية المرعب إن تحقق فإنه سيكون إثباتا آخر على سوء التخطيط الأمريكي وتخبطه، فالإدارة الأمريكية كما أصبح الآن جليا لم تكن تمتلك خطة تتعلق بإدارة "اليوم التالي"، أي المرحلة التي تلي سقوط حاكم بغداد وحزبه. وتعاني الإدارة الأمريكية اليوم من تصدعات عديدة يمكن وصفها بأنها توابع زلزال الحرب الذي بدأ منذ ثلاثة أعوام، فوزير الدفاع ينسب إلى وزيرة الخارجية رايس "نقصا في الفهم" بعد أن أقرت خلال محاضرة بأن الولايات المتحدة الأمريكية ارتكبت آلاف الأخطاء التكتيكية. ومدير مكتب نائب الرئيس ديك تشيني يقحم الرئيس بوش شخصيا في فضيحة ينظرها القضاء وتتعلق بكشف هوية الجاسوسة فاليري بلايم. أما الرئيس بوش نفسه فتدنت شعبيته إلى مستويات غير مسبوقة.
الائتلاف يحدد موقفه من مرشحه الجعفري
وفي سبيل تبديد شبح الحرب الأهلية تتركز الجهود العراقية على التعجيل بإقامة حكومة عراقية قوية قادرة على فرض الأمن ومواصلة ترسيخ عمليات إعادة البناء. لذلك تسعى الأطراف المختلفة إلى حل معضلة منصب رئيس الوزراء في الحكومة المنبثقة عن أول انتخابات حرة في البلاد بعد انهيار حكم صدام حسين. فكما هو معروف تأزمت المساعي الرامية إلى تشكيل الحكومة بسبب تمسك رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته ابراهيم الجعفري باستلام منصب رئيس الوزراء في الحكومة الجديدة، وهو الأمر الذي يرفضه السنة والأكراد. وفي إطار هذه الجهود وجه المرجع الشيعي الكبير آية الله السيستاني رسالة إلى الائتلاف العراقي الموحد الشيعي أكد فيها على ضرورة وحدته.
وفي ضوء ذلك أعلن مصدر في لائحة الائتلاف العراقي الموحد الشيعي ان الائتلاف سيعقد يوم الاحد اجتماعا للبحث في موضوع مرشحه لرئاسة الوزراء ابراهيم الجعفري. قال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه ان "الهيئة السياسية للائتلاف ستعقد اليوم اجتماعا لمناقشة موضوع مرشحها (ابراهيم) الجعفري بعد مطالبة القوائم الاخرى بذلك عبر رسائل وجهت الينا". وأضاف ان "الهيئة السياسية ستعمل من اجل إيجاد مخرج من هذا الامر عبر التوافق فيما بينها".وتداولت بعض وكالات الأنباء أسماء أخرى لمرشحين مثل قياديي حزب الدعوة جواد المالكي وعلي الأديب، فضلا عن اسم رئيس كتلة المستقلين حسين الشهرستاني.
اجتماع لدول الجوار
من ناحيتها سعت الأطراف العربية إلى احتواء الخطر الداهم في العراق عن طريق عقد اجتماع لدول الجوار، فقد صرح وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط بأن وزراء خارجية الدول المجاورة للعراق، بالإضافة إلى مصر، سيعقدون اجتماعا الأربعاء القادم في القاهرة لدعوة العراقيين إلى الهدوء. وقال ابو الغيط ان "مجموعة دول الجوار للعراق اضافة الى مصر سوف تجتمع على المستوى الوزاري في القاهرة لمطالبة كافة المخلصين من أبناء العراق التوقف عن المشادات والعنف المتبادل".
واوضح أبو الغيط ان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري سيستعرض خلال الاجتماع "الجهود الحالية لبناء حكومة عراقية متفق عليها (لدى) كافة اطياف الشعب العراقي". وكان العراق ودول الجوار (المملكة العربية السعودية وايران وسوريا والاردن والكويت وتركيا) عقدوا عدة اجتماعات وزارية بهدف البحث في اوضاع هذا البلد الذي يشهد اعمال عنف دموية يوميا منذ الاطاحة بنظام صدام حسين في نيسان/ابريل 2003.
إعداد: هيثم عبد العظيم