مساعي انفصال جنوب اليمن.. تحديات داخلية ومواجهة مع السعودية
٣٠ أغسطس ٢٠١٩يسعى الانفصاليون اليمنيون الذين سيطروا على العاصمة المؤقتة عدن إلى استعادة استقلال الجنوب، ولكنهم يواجهون عوائق كبرى في المنطقة التي تتمتع فيها السعودية بنفوذ كبير. ويرى محللون أن المعركة من أجل الجنوب تمثل اختباراً أمام السعودية التي تقود منذ عام 2015 تحالفاً عسكرياً داعماً للقوات الحكومية المعترف بها دولياً، والتي يتوجب عليها الوساطة لإبقاء التركيز على قتال المتمردين الحوثيين في الشمال.
ويقاتل الانفصاليون الجنوبيون وقوات الحكومة معاً في صفوف التحالف العسكري ضد الحوثيين المقرّبين من إيران والذين يسيطرون على مناطق واسعة في البلد الفقير منذ 2014، ضمن نزاع جعل ملايين السكان في اليمن على حافة المجاعة.
اليمن الجنوبي.. محاولة لإحياء حلم قديم
لكن رغم قتال المتمردين معاً، يخوض الانفصاليون والقوات الحكومية معركة ترسيخ نفوذ محتدمة في الجنوب، وخصوصاً في عدن، عاصمة الدولة الجنوبية السابقة. فبعد رحيل الاستعمار البريطاني، أصبح الجنوب دولة مستقلة عام 1967، حتى الإعلان عن الوحدة مع الشمال عام 1990. وكان الجنوب لديه مؤسسات خاصة به واقتصاد منفصل. ولكن بعد أربع سنوات من التوحيد، ساد شعور بالاستياء لدى الجنوبيين من سكان الشمال المتهمين بتوحيد البلاد بالقوة، ما أدى إلى اندلاع نزاع مسلح.
وكتب رئيس الدائرة السياسية بالمجلس الانتقالي الجنوبي خالد بامدهف في مقال في صحيفة الشرق الأوسط هذا الأسبوع: "لقد وضع شعب الجنوب تحت وطأة الاحتلال الشمالي الذي لا يمتُ لدولة الوحدة بأي صلة"، مضيفاً أن "صنعاء ذهبت بعيداً في تنفيذ مخططها في الاستيلاء على الجنوب، أراضي وثروة، فحلت دولة الجنوب وشردت قادتها وكوادرها وفككت كل المؤسسات المدنية".
وقد بدأ التوتر مع سيطرة الانفصاليين في العاشر من أغسطس/آب على مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة، إثر اشتباكات مع القوات الحكومية قتل وأصيب فيها العشرات، وبعدها بأيام سيطر الإنفصاليون على معسكرات حكومية خارج عدن في محافظة أبين المجاورة وتقدموا شرقا نحو محافظة شبوة.
وأكد المجلس الانتقالي الجنوبي أنه يصر على استعادة "استقلال الجنوب". وفي خطاب ألقاه ليل الثلاثاء، قال عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي: "نؤكد لكم ثباتنا على العهد الذي قطعناه على أنفسنا أمام شعبنا، والمتمثل باستعادة استقلال الجنوب وبناء دولته الفدرالية المستقلة كاملة السيادة". وعدن هي العاصمة الموقتة للحكومة المعترف بها منذ سيطرة المتمردين الحوثيين على العاصمة صنعاء في ايلول/ سبتمبر 2014.
ما هي احتمالات قيام دولة مستقلة في الجنوب؟
يقول ريمان الحمداني الباحث في شؤون اليمن، إن احتمال قيام دولة مستقلة سيواجه معارضة حادة، كون المجلس الانتقالي الجنوبي لا يمثل كافة الأصوات في الجنوب ويؤكد بأن "هذا سيؤدي إلى نزع الشرعية بشكل تام عن التدخل الأجنبي في اليمن وأهدافه".
وبعد المعارك الأخيرة، أكد الحمداني أن الإنفصاليين قاموا بإبعاد حلفاء محتملين من بينهم إنفصاليون جنوبيون آخرون ورجال تكنوقراط كان بإمكانهم "مساعدة قضيتهم"، وأضاف: "الجنوب بحاجة إلى وحدة أقوى وتنسيق لضمان قدرتهم على استقبال مؤسسات الدولة على المدى الطويل".
أما الباحثة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إيلانا ديلوزير، فترى أن دولة مستقلة في الجنوب اليمني لن تحدث في المستقبل القريب، وتضيف "لكن الفكرة لن تختفي في أي وقت قريب". وبحسب ديلوزير فإن القتال بين الإنفصاليين والحكومة اليمنية يشكل اختباراً أمام مهارات الرياض الدبلوماسية.
وتقول "قامت حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي بإصدار بيانات تعول بوضوح على السعودية، مانحة المملكة نفوذا هائلا: لكن الاختبار الحقيقي هو إن كان بإمكانها استغلال هذا النفوذ لمنع معركة كبرى".
تصدعات بين السعودية والإمارات
ويرى مراقبون أن الخلافات بين الحكومة والإنفصاليين قد تكون مؤشراً على تصدعات بين السعودية والإمارات التي قامت بتدريب وتسليح الإنفصاليين. و"الحزام الأمني" هي القوة الجنوبية الرئيسية التي تدرّبها وتسلّحها الإمارات العربية المتحدة، الشريك الرئيسي في قيادة التحالف العسكري.
وتقول اليزابيث كيندال الباحثة في شؤون اليمن في كلية بيمبروك بجامعة أوكسفورد البريطانية، إن "القيادة في البلدين ستقوم برأب التصدعات بشكل علني، ولكن التطورات الأخيرة دفعت بخلافاتهما إلى الواجهة وتظهر أن أهدافهما النهائية في اليمن غير متسقة".
وبالنسبة ليكندال فإنه في حال أرادت الأطراف منع اليمن من الانهيار فإنه "يجب عقد محادثات سلام أوسع وأكثر شمولية وعلنية وشفافية بشكل فوري" محذرة من أن عدم حدوث ذلك سيؤدي إلى "اندلاع حرب داخل حرب" دائرة حاليا.
ع.ح./ع.ج. (أ ف ب)