مساع لمنح أجهزة الأمن الألمانية المزيد من الصلاحيات
يبدو أن الحكومة الألمانية تتجه نحو تشديد قوانين مكافحة الإرهاب والجريمة. فقد ذكر موقع "شبيغل" على الإنترنت أن ذلك سيأتي بموجب مشروع قرار قدمه وزير الداخلية اوتو شيلي ويتضمن إعطاء السلطات الأمنية الحق في الحصول على البيانات الشخصية من البنوك والسجلات الرسمية. كما يتضمن تخويلها إجراء المزيد من الرقابة على المشكوك بانتمائهم لجماعات إسلامية متطرفة. وبموجب المشروع يتوجب على المحامين ومستشاري الضرائب تزويد سلطات الأمن بالمعلومات المتعلقة بحركة رؤوس أموال زبائنهم في حال شكهم بأنها قد تخدم أنشطة إرهابية ومشبوهة. وقد ترددت أنباء أن سعي الحكومة لإصدار القانون قبل العطلة الصيفية رغم معارضة أكثرية أعضاء حزبي التحالف الحاكم لذلك وهما الحزب الديمقراطي الاشتراكي وحزب الخضر. وعلى هذا الأساس يتوقع طرحه للنقاش أمام الجهات الحكومية المعنية يوم الجمعة القادم. كما يتوقع عقد جلسة أخرى يوم الأربعاء القادم بخصوص إعطاء جهاز المخابرات المزيد من الصلاحيات لمكافحة تهريب السلاح والمهاجرين.
خلافات حول صلاحيات سلطات الأمن
تأتي المعلومات الجديدة حول تشديد قوانين الرقابة لمكافحة الإرهاب في الوقت الذي تشهد فيها ألمانيا نقاشاً حول توسيع صلاحيات أجهزة الأمن في مجال التنصت على المكالمات الشخصية. وفي هذا الإطار هناك خلافات بين ممثلي القوى السياسية حول الحدود التي ينبغي السماح بها لأجهزة الأمن. وقد أبدى حتى الآن وزراء العدل في عشر ولايات من بين 16 ولاية ألمانية تحفظاتهم على مشروع قانون قدمته وزيرة العدل الاتحادية بهذا الخصوص. ومما تريده الوزيرة من خلاله اتخاذ قرار بشأن تطبيق ما قررته المحكمة الدستورية العليا على صعيد التنصت. ومما جاء في حكم قضاتها أن التجسس على المساكن الخاصة لا يخالف الدستور، غير أنه لابد من حماية المكالمات بين أفراد العائلة والتي لا علاقة لها بالجرائم. وينبغي أن يتم ذلك حسب رأي القضاة من خلال قطع عملية التنصت مباشرة في حال لاحظ عنصر الأمن أن الأمر يتعلق بمكالمات من هذا النوع. غير أن عدد كبير من مسؤولي الولايات يرون أن ذلك لا يكفي. فقد صرح وزير العدل في ولاية بادن- فوتيمبرغ أولرش غول أن القانون المطروح ليس عملياً.
تعديات على الحريات الشخصية
بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 أصدرت الحكومة الألمانية أسوة بحكومات أخرى عديدة قوانين وقائية لمكافحة الأنشطة الإرهابية. وقد أعطت هذه القوانين سلطات الشرطة والمخابرات صلاحيات واسعة في الرقابة والتجسس على الأشخاص الذين تشتبه بضلوعهم في أنشطة كهذه. وصدرت القوانين المذكورة في إطار حزمتين أمنيتين خلال أقل من ثلاث سنوات. وقد أطلق على مشروع القانون الجديد "الحزمة الأمنية الثالثة". وقد تعرضت القوانين التي صدرت حتى الآن إلى انتقادات واسعة من مختلف الشرائح الاجتماعية كونها تمس الحريات الشخصية كحق مقدس يضمنه الدستور. وعلى هذا الأساس لا تلق الاقتراحات الجديدة التأييد حتى من قبل الحزبين اللذين يشكلان التحالف الحاكم. فقد صرح رئيس الخضر راينهارد بوتيكوفر أن حزبه ناقش معارضته لها مع النواب الديمقراطيين الاشتراكيين في البرلمان وقد أيدوا موقفه. وعليه يجب على وزير الداخلية شيلي الالتزام برغبة كتلة حزبه وليس العكس." ويرفض الليبراليون كذلك الاقتراحات المذكورة أعلاه حسب رئيس كتلتهم في البرلمان فولفغانغ كيرهارد الذي قال: " هناك تجاوزات على الحريات الشخصية سبق وضعها بسبب متطلبات الأمن. غير أننا لا نريدها بشكل دائم سواء ما يتعلق منها بمراقبة الحسابات البنكية أو الحصول على معلومات من شركات الطيران والاتصال."
ضرورة تشديد القوانين
وعلى عكس ذلك يرى وزير الداخلية اوتو شيلي أن هناك ضرورة لمزيد من التشدد في مجال قوانين مكافحة الإرهاب على حد تعبيره. أما تبريره لذلك فيقوم على أساس أن القوانين السابقة نجحت في إحباط العديد من المخططات الإرهابية بعد الكشف عنها. وضرب مثلاً على ذلك بـ " الكشف عن شبكة تمويل أنشطة حركة حماس الإرهابية في أوروبا. ونفى الوزير أن تكون هذه القوانين تشكل أي مساس بحريات المواطنين لأن أجهزة الأمن تستخدم صلاحياتها بكامل الحذر على حد تعبيره.