مسؤولون ألمان رفيعو المستوى يحذرون من تفكك الائتلاف الحاكم

حذر مسؤولون سياسيون ألمان رفيعو المستوى من تفكك الائتلاف الألماني الحاكم المكون من الاتحاد المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي قبل حلول موعد الانتخابات الألمانية المقبلة في صيف عام 2009. وجاءت التحذيرات التي أعرب من خلالها رئيس وزراء ولاية هيسن رولاند كوخ عن تأييده الصريح لمواصلة الائتلاف الحاكم عمله لغاية إجراء انتخابات جديدة في ألمانيا لتشير إلى أن الائتلاف الألماني الحاكم يعاني من أزمة قد تؤدي في الأشهر المقبلة إلى تصدعه وربما إلى انتهاءه. وقال كوخ في حديث لليومية الألمانية المحافظة "دي فيلت" إنه يؤيد استمرار العمل في الائتلاف الحاكم وإن الائتلاف المكون من الاتحاد المسيحي الديمقراطي المحافظ والحزب الاشتراكي الديمقراطي أحرز في السنة والنصف الماضية إنجازات لا يمكن تجاهلها.

في الوقت ذاته، نفى المسؤول المحافظ في المقابلة ذاتها اتهامات رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي كورت بيك الذي اتهم الاتحاد المسيحي الديمقراطي بانتهاج الليبرالية الجديدة أسلوبا للحكم، قائلا إن المسؤول الاشتراكي الديمقراطي "يريد من خلال الانتقادات الموجهة لم شمل حزبه الاشتراكي الديمقراطي والتصدي لتسرب أعضاء قياديين فيه إلى حزب اليسار" الذي يفرض وجوده يوما بعد يوم في الساحة السياسية في ألمانيا. وعلى حد تعبير كوخ، فأن قياديين شباب "يغادرون في الوقت الراهن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، متوجهين إلى حزب اليسار." وعزا كوخ هذه الظاهرة إلى إخفاق الحزب الاشتراكي الديمقراطي في وضع حدود واضحة بينه وبين حزب اليسار.

انتقادات شديدة اللهجة

وكان رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني كورت بيك قد وجه انتقادات حادة لسياسة الاتحاد المسيحي الديمقراطي، شريك حزبه الاشتراكي الديمقراطي في الائتلاف الحكومي الألماني. ووصف المسؤول الاشتراكي في مقال نشرته الصحيفة الألمانية واسعة الاطلاع "فرانكفورتر ألغماينه" سياسة الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بأنها سياسة نيوليبرالية، معتبرا أن التحالف المسيحي الديمقراطي قد غض النظر عن المشاكل والتحديات الاجتماعية التي يواجهها المجتمع الألماني في الوقت الراهن. كما أشار بيك إلى أن القواعد الاجتماعية لسياسة السوق ا بدأت بالانحلال، ما سيؤدي في النهاية إلى ظهور مجتمع تديره قوانين البورصة، الأمر الذي سينتج عنه فقدان العمل قيمته لصالح الربح السريع، على حد تعبيره. وأضاف المسؤول أن هذه السياسة لن تحمي الضعفاء اجتماعيا من التعسف والتمييز في السوق الحر، مؤكدا أن النيوليبرالية هي "إيديولوجيا لا علاقة لها بالأرضية الواقعية للمجتمع الألماني،" على حد قوله.

وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن النيوليبرالية أو الليبرالية الجديدة هي تسمية عامة للأفكار والتوجهات الاقتصادية التي تعتمد على قوانين السوق الحر. وانبثقت النيوليبرالية عن التيار الليبرالي في أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين، في حين أن الليبرالية هي تيار ظهر وتطور كفلسفة سياسية وكمنظومة اقتصادية في بداية القرن التاسع عشر. وكان آدم سميث من أبرز منظري هذا التيار.

التحالف المسيحي الديمقراطي يرد بقوة

وفي تصريح لقناة التلفزيون الألمانية الأولى (ARD) رد رئيس الكتلة النيابية للتحالف المسيحي الديمقراطي فولكر كاودر على انتقادات كورت بيك بالقول إن تصريحات رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي "تنم عن حالة يأس" وإنها "لن تهز حكومة الائتلاف الكبير،" مشيرا إلى وجود العديد من المهام العالقة التي تتعين مواجهتها بصفة مشتركة.

من جانبها، ردت نائبة رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي والوزيرة الاتحادية للتعليم والبحث العلمي آنيته شافان بلهجة حادة على انتقادات كورت بيك، معتبرة أنه لا أساس لها من الصحة ومؤكدة على أن الحزب المسيحي الديمقراطي لم يغير من مسار سياسته. كما دافعت المسؤولة عن سياسة الحزب المسيحي الديمقراطي وقالت إنها "تتسم بالتوازن ومبنية على أسس الحرية واحترام كرامة الإنسان." أما المتحدث باسم الشؤون الاقتصادية للحزب المسيحي الديمقراطي لورينس ماير فقد انتقد قلة إلمام الحزب الاشتراكي الديمقراطي بالجانب الاقتصادي، مشيرا إلى أن تصريحات كورت بيك تفتقد إلى خلفية اقتصادية وعلمية، على حد تعبيره.

.... ويفضل الليبراليين كشركاء

في أعقاب انتقادات كورت بيك للمسار السياسي للتحالف المسيحي الديمقراطي، صرح رئيس الكتلة النيابية للحزب المسيحي الاجتماعي في البرلمان الألماني "بوندستاغ" بيتر رامزوير أن هذه التصريحات "تنم عن قلق الحزب الاشتراكي الديمقراطي من تزايد شعبية الحزب اليساري" وأن هذا القلق "يؤثر سلبيا على حكومة الائتلاف الكبير." كما أنه يرى بأن الائتلاف بين التحالف المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي "لن يستمر إلا لوقت حلول موعد الانتخابات البرلمانية القادمة عام 2009 وأن هذا التحالف سيكون الاستثناء في تاريخ السياسة الألمانية.

كما أضاف رامزوير أن التحالف المسيحي الديمقراطي يرمي إلى الائتلاف مع الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي أكد رئيسه جيدو فيستر فيله رغبته في المشاركة في تشكيل الحكومة الألمانية القادمة إلى جانب التحالف المسيحي الديمقراطي، مستبعدا في نفس الوقت أي تحالف مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي أو مع حزب الخضر.