"مزارع الجثث".. أماكن مرعبة في خدمة العلم
٥ مايو ٢٠١٩دائماً ما يثير عالم الموت والجثث الغامض العديد من الأسئلة. ويبدو أن تلك الرغبة المحمومة في سبر أغوار هذا العامل دفعت علماء الطب الشرعي للبحث في عملية تحلل الجثث في ما يُسمى بـ "مزرعة الجثث"، وهي ببساطة مكان تتم فيه مراقبة عملية تحلل الجثث البشرية في الهواء الطلق من أجل تقييمها. ويتم ذلك اعتماداً على عاملين مهمين وهما المناخ أو درجة الحرارة، اللذان يحددان في المقام الأول سير عملية التحلل ما إن كانت تتم بشكل أسرع أو أبطأ أو مختلفة تماماً.
في "مزرعة الجثث" يمكن للأطباء الشرعيين إعادة تهيئة الأماكن التي عُثر فيها على الجثة، ما يمكنهم من التوصل إلى أدلة إضافية في القضايا الجنائية، مثل ظروف الوفاة أو وقتها. وبحسب صحيفة "فرانكفورتر نويه بريسه" الألمانية فإن مثل "مزارع الجثث" هذه غير موجودة في ألمانيا. أما أكبر مختبرات الهواء الطلق هذه لدراسة تحلل الجثث موجود في ولاية تينيسي الأمريكية وتمتد على مساحة قدرها 12 ألف كلم. يُذكر أن "مزرعة الجثث" هذه عادة ما تكون محتوية على قرابة 40 جثة في مراحل مختلفة من التحلل.
كما توجد في هولندا أيضاً "مزرعة الجثث" لكنها أصغر بكثير من مثيلتها الأمريكية. وتقع تلك في أمستردام وتبلغ مساحتها 500 متر مربع فقط. وعلى عكس آلية العمل في الولايات المتحدة، يتم دفن الجثث هنا ولا يتم تركها بشكل مفتوح على الموقع.
"مزارع الجثث" ممنوعة في ألمانيا
في ألمانيا تحظر القوانين مثل "مزارع الجثث" هذه. عن ذلك ينقل موقع "جي أم أكس" الألماني عن الدكتور ينس آميندت قوله: "في ألمانيا، من الصعب بالفعل السماح بترك أي جثة تتحلل في الهواء الطلق، حتى لو كانت جثة خنزير". ويضيف أستاذ علم الأحياء في معهد الطب الشرعي بجامعة غوته الألمانية بالقول: "سوف تكون هناك حاجة لعدد كبير من التصاريح القانونية". بالإضافة إلى ذلك، يجب دفن الجثث بعد 48 ساعة على أقل تقدير و96 ساعة على أبعد تقدير بعد الوفاة.
لهذا السبب واجه العلماء معارضة واسعة في الوقت الماضي لإقامة مثل هذه المختبرات المفتوحة في ألمانيا. لكن بعد الانتخابات المحلية في ولاية هسن الألمانية يبدو أن الوضع سيكون مختلفاً بعض الشيء. إذ يعتزم خبراء الطب الشرعي في ألمانيا مفاتحة الوزارات المسؤولة من أجل إقامة "مزرعة للجثث" في ألمانيا في المستقبل القريب. لهذا الغرض تبحث جامعة فرانكفورت حالياً عن موقع مناسب في منطقة راين-ماين على أن تكون مساحتها نحو هكتار واحد، وتختلف طبيعتها بين الغابات والمروج وفيها أقسام رطبة وجافة مختلفة، كما ينقل موقع "هيسنسشاو" الإخباري الألماني.
بالإضافة إلى ذلك يجب حماية الموقع حتى لا يتمكن الأشخاص غير المصرح لهم بالدخول إليه. لأن الوصول مسموح فقط لخبراء الطب الشرعي. كمواطن عادي لا يمكنك زيارة أي "مزرعة جثث". عن ذلك يقول الدكتور آميندت: "يجب على السكان والمجتمع أيضاً إعطاء موافقتهم". كما يجب ألا يكون الموقع منطقة حماية مائية.
وفي الوقت الراهن يستخدم الخبراء الألمان مزرعة الجثث الهولندية لكن الموقع لم يعد كافياً، كما يقول آميندت، الذي يضيف: "إنه صغير مثل ملعب تنس، ويقع على بعد أربع ساعات بالسيارة، وعلينا أن ندفع أجور لاستخدام الموقع ودفن جميع الجثث. وهو سيناريو نادر الحدوث في سياق الطب الشرعي". يُذكر أن إن الأجساد الموجودة في "مزارع الجثث" تأتي من مانحين يقدمون أجسادهم للبحث العلمي بعد وفاتهم.
ع.غ/ ط.أ