مرضى السرطان ومبتورو الأطراف.. ضحايا منسيون في حرب غزة
٢٧ يونيو ٢٠٢٤وصل 21 مريضا بالسرطان من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية عبر معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم) لتلقي العلاج بالإمارات، بحسب ما أعلن مصدر طبي لفرانس برس، طلب عدم الكشف عن هويته، في مدينة العريش المصرية اليوم الخميس (27 يونيو/ حزيران 2024).
وعملية الإجلاء هذه هي الأولى من معبر كرم أبو سالم، منذ إغلاق المعبر مطلع مايو/ أيار الماضي عندما سيطر الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني منه.
"الإجلاء الطبي ضروري لكنه نادر"
وبحسب بشار مراد من الهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزة، فإن عمليات الإجلاء الطبي ضرورية ولكنها نادرة حتى لأولئك المرضى الذين يعانون مرض السرطان. ويقول "لا يوجد علاج للسرطان في غزة، لا يمكننا تقديم العلاج الكيميائي أو الإشعاعي داخل القطاع". ويضيف "القطاع الصحي في غزة انهار بالكامل، هناك 25 ألف حالة تحتاج للسفر خارج القطاع لتلقي العلاج".
وتعثرت المفاوضات مرارا لإعادة فتح معبر رفح، وهو ممر رئيسي للمساعدات وعمليات الإجلاء. ورفضت القاهرة استئناف العمليات عبر المعبر ما دامت القوات الإسرائيلية تسيطر على الجانب الفلسطيني.
تزايد حالات بتر الأطراف
هذا، ولا يستطيع الأطباء في غزة فعل الكثير لتخفيف أوجاع صهيب خزيق (ثلاث سنوات) الذي أصيب "في السادس من ديسمبر/ كانون الأول 2023 بشظية صاروخ في القدم اليمنى وخضع لعملية بتر من فوق الركبة"، بحسب ما أوضح والده علي خزيق (31 عاما).
وتجعل الحرب في قطاع غزة يوميا مزيدا من الجرحى الأطفال مبتوري الأطراف. ويقول علي لوكالة فرانس برس إن ابنه "يتألم وبحاجة إلى مسكنات وتركيب طرف (اصطناعي) خارج غزة".
ويتواجد علي خزيق مع ابنه صهيب في المستشفى الأهلي في غزة حيث يتلقى الابن العلاج ويشير إلى أن منزل العائلة في حي تل الهوى دمر بالكامل، ما أجبره على النزوح إلى منزل أقاربه في حي الدرج، في حين نزحت زوجته وبناته إلى جنوب قطاع غزة.
"10 أطفال يوميا يتعرضون لبتر الأطراف"
وبالنسبة للأطباء في قطاع غزة ونظرا لنقص الأدوية والإمدادات الطبية منذ اندلاع الحرب، فإن إجراء عمليات بتر الأطراف هو "الحل" لعلاج هذا النوع من الإصابات في ظل انعدام العلاج الملائم، ما أدى إلى ازدياد حالات البتر.
وأمس الأربعاء، أعلن المفوّض العام للأونروا فيليب لازاريني أن الحرب الدائرة في قطاع غزة تؤدي إلى فقدان 10 أطفال بالمعدل ساقا أو ساقين كل يوم. وأضاف "عشرة أطفال في اليوم يعني نحو 2000 طفل بعد أكثر من 260 يومًا من هذه الحرب الوحشية".
ويقول المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل إن تصريحات لازاريني واقعية. ويضيف: "في كل عملية استهداف تنتشل الطواقم عددا من الأطفال، بينهم عدد من الأطفال إما مبتورو الأرجل أو الأيدي". ويتابع "في كثير من الأحيان نخرج الأطفال (من تحت الركام) عبارة عن أشلاء".
ويعتبر البتر الخيار الوحيد المتاح كما أنه يتم في ظروف غير مناسبة.
ويقول ماهر، وهو طبيب جراح في المستشفى الأهلي، لفرانس برس "تمر علينا لحظات لا يكون التخدير متوافرا فنلجأ إلى البتر من أجل انقاذ حياة المواطنين".
ويؤكد الطبيب الذي فضل عدم الكشف عن كنيته أن ذلك "يسبب ألما شديدا". وبحسب الطبيب: "يوميا هناك استهداف للأطفال والكبار والنساء ويتعرضون لبتر الرجل أو اليد".
وإلى جانب نقص الأطراف الاصطناعية المناسبة لاستبدال تلك المبتورة، فإن قطاع غزة يخضع لحصار مشدد لا يسمح بدخول العديد من المواد الأساسية ومنها المعدات الطبية. ويقول علي خزيق "إن شاء الله تفتح المعابر ويعالج صهيب خارج غزة، (ففي) المستشفيات هنا لا علاج ولا دواء". ويوضح الطبيب الجراح ماهر كيف أن "الوضع الطبي صعب مع خروج مستشفيات شمال قطاع غزة عن الخدمة بسبب الاستهداف المباشر من قبل الجيش الإسرائيلي".
أم وابنها يفقدان أطرافهما
أما آلام مروة أبو زايدة فتبدو مضاعفة، إذ خسرت رجلها اليسرى، في حين فقد ابنها ناصر (8 سنوات) يده اليسرى في قصف صاروخي استهدف منزلهما في مايو/ أيار الماضي. وتقول أبو زايدة (40 عاما) وهي تحتضن ابنها في المستشفى الأهلي "لدينا حروق متفرقة في الجسم و(إصابات) بشظايا في مختلف انحاء الجسم".
وتضيف "لا نجد مسكنات حتى. نشعر بالقلق من عملية تغيير (الضماد) على الجرح بسبب الألم". وتأمل الأم أن تنتهي الحرب أو أن يستأنف معبر رفح عمله للتمكن من تلقي العلاج في الخارج.
وتقول "أتمنى أن تنتهي الحرب وأن يفتح المعبر (رفح) ويقدموا لنا تسهيلات لنستطيع السفر ونركب أطرافا ونمارس حياتنا بشكل طبيعي". وبالنسبة للأب خزيق لا شيء يبعث على الأمل.
واندلعت الحرب في غزة إثر شنّ حركة حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية، هجوما إرهابيًا داخل إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أسفر عن مقتل 1194 شخصا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.
واختطف في الهجوم 251 رهينة، ما زال 116 منهم في غزة، بينهم 41 يقول الجيش إنّهم لقوا حتفهم.
وتردّ إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرّية أدّت إلى مقتل ما لا يقلّ عن 37765 شخصا في قطاع غزة، حسب السلطات الصحّية التابعة لحماس.
ص.ش/ع.ش (أ ف ب)