مدريد تراهن على " يورو فيغاس" للتخفيف من حدة الأزمة المالية
١٩ أكتوبر ٢٠١٢تشتهر مدينة مدريد بمتحف برادو و بلازا مايور ، وكذا بفريق ريال مدريد العريق لكرة القدم والذي يعتبر من أفضل الفرق الأوروبية والعالمية . وتعتبر المدينة القلب النابض لاسبانيا سواء على المستوى السياسي أو الرياضي أو الثقافي. فقد اختار الاتحاد الأوروبي مدريد سنة 1992 "عاصمة الثقافة الأوروبية". ولكن و بعيدا عن ثقافة المدينة العريقة، قد ينشأ في ضاحية مدريد، الكوركون، مجمع كازينو ضخم يحمل اسم "اليورو فيغاس"، وهو عبارة عن نسخة صغيرة لمدينة لاس فيغاس الأمريكية، والتي تشتهر بالملاهي و ألعاب القمار.
مشروع بتكلفة مالية كبيرة
يعد القائمون على مشروع Eurovegasبأجواء مشرقة وبهجة عارمة داخل مركب القمار الكبير الذي يضم اثنا عشر مجمعا فندقيا وماكينات قمار حديثة ومتنوعة، بالإضافة إلى العديد من المسارح و ملاعب الغولف وغيرها من المنشآت الترفيهية. وتُقدر تكلفة هذا المشروع العملاق بأكثر من سبعة عشر مليار يورو. و من المتوقع أن يوفر هذا المشروع أكثر من مائتين وخمسين ألف وظيفة. لكن الهدف الأساسي من هذا المشروع الضخم يبقى هو، على حد تعبير المسؤولين، أن يكون "آلة لطباعة المال." وذلك من أجل الإسهام في التخفيف من حدة الأزمة المالية التي تتخبط فيها إسبانيا منذ عدة سنوات. فالمستثمرون في هذا المشروع من شركة las Vegas Sandsالأمريكية يأملون في جلب سيولة مالية مهمة تفتقدها البنوك الإسبانية، وتعود ملكية الشركة المعروفة في مجال المنشآت الترفيهية للمليونير شيلدون أديلسون.
مشروع للقضاء على البطالة!
ويلقى هذا الاستثمار الكبير دعما من حكومة مدريد الإقليمية، وخاصة من عمدة ضاحية الكوركون، حيث سيتم بناء المجمع. "نحن نتحدث هنا عن مشروع بناء سيخلق حوالي عشرين ألف وظيفة في المرحلة الأولى فقط. وهذا يدل على الإمكانات الهائلة الاقتصادية لهذا الاستثمار، وفي المرحلة المقبلة سوف يزيد عدد الوظائف بعشرات الأضعاف ،خاصة عندما يبدأ المجمع في العمل."
لكن هذا المشروع يثير الكثير من المخاوف والتساؤلات عند العديد من المواطنين. فقبل أن يُفتح نادي القمار وتبدأ طاولات الروليت بكسب المال يسود هنا غضب كبير عند البعض من سكان مدريد وحماة البيئة، الذين يطالبون بوقف المشروع.
مبادرة " لا لليوروفيغاس."
مبادرة " لا لليورو فيغاس " أوNo'Eurovegas تضم ناشطين من حماة البيئة وغيرهم من المواطنين، الذين يعتبرون هذا المشروع من شأنه أن يفسد جمالية المدينة وأن الوعود بالقضاء على البطالة وتحريك الاقتصاد الداخلي لا صحة لها. و يقوم المناهضون من أجل إيصال رسالتهم الرافضة للمشروع بتنظيم تظاهرات، كما يتواصلون مع وسائل الإعلام ويطلقون أيضا حملات مضادة للمشروع على الإنترنت. وفي هذا الصدد تقول المتحدثة باسم مبادرة "لا لليورو فيغاس " ، آنا ريفويلتا: "ما يؤاخذ على هذا المشروع هو أننا نقوم في الحقيقة بتطبيق النموذج الاقتصادي الذي أوصلنا إلى هذه الأزمة، ونحن لا نعتقد أننا نستطيع الخروج من الأزمة عبر هذا النمط من الاقتصاد غير المستدام، والذي من شأنه أن يعمق الأزمة أكثر. "
آنا ريفويلتا تشكو أيضا من انعدام الشفافية من جانب المستثمرين الأمريكيين والحكومة الإقليمية، و لم يتم إعطاء معلومات كافية للمواطنين حول الخطط ، حيث سيتم على سبيل المثال تغطية نحو ثلث تكلفة الاستثمار من مجموعة لاس فيغاس ساندس، في حين أن الباقي يجب أن يأتي من البنوك، مما قد يكون له أثر سلبي أيضا.
ولكن هذا لا يهم مستثمري البناء، الذي يشجعون قيام المشروع، مثال على ذلك أنتونيو خوسيه أنطونيو، الذي يرى بأن هذا المشروع قد يعطي دفعة قوية للاقتصاد في المنطقة:
" هذا المشروع من شأنه يخفف البطالة ويبعث الحياة من جديد في قطاع البناء".
إجراءات قانونية ضد اليوروفيغاس
مبادرة "لا لليورو فيغاس" تريد رفع وتيرة الضغط واتخاذ إجراءات قانونية ضد مجمع القمار المخطط له. و إذا تم الكشف عن أن المشروع من شأنه أن يضر بالبنية التحتية والاقتصاد الإسباني أكثر من إصلاحه، فإنه يبقى واردا أن يتم وقف المشروع. خاصة وأنه قد يستغرق بضع سنوات، فمن المقرر أن يبدأ البناء عام 2016 ومن المنتظر افتتاحه في عام 2022. وإلى ذلك الحين ما على مناضلي " لا لليورفيغاس" إلا التشبث بمطالبهم وتنوير الرأي العام بمخاطر وسلبيات هذا المشروع.