مخيم الزعتري بالأردن ـ وطن مؤقت للاجئين السوريين
٢٣ أكتوبر ٢٠١٣يشكل مخيم الزعتري في شمال الأردن المحطة الأخيرة المؤقتة لـ 120 ألف لاجئ سوري هربوا من الحرب في وطنهم. ومن بين هؤلاء الخباز الشاب إبراهيم، الذي يقيم منذ سنة في المخيم. إبراهيم كان قد هرب مع أفراد أسرته من درعا إلى الأردن. وكانت الأسرة تملك مخبزا في درعا لذلك قررت أن تفتح واحدا مشابها له في مخيم الزعتري.
"عندما وصلنا إلى هنا لم تكن تتوفر إلا وجبات جاهزة يتم توزيعها على اللاجئين. ولم يتم بيع أي شيء"، يقول الخباز الشاب إبراهيم. ويضيف: "اقترح أخي أن نعود إلى مهنتنا وأن نفتح مخبزا في الزعتري. وبالفعل أقدمنا على تهريب كل ما هو ضروري لذلك إلى المخيم".
سوق تشمل مطاعم أيضا
قامت الأسرة بإعداد الخبز في البداية في خيمة حصلت عليها من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. الآن تحمي قطع من الحديد المموج والقماش المشمع المخبز من العواصف الرملية التي تجتاح المخيم. ويشكل فرن كبير قلب المخبز المؤقت الذي يقدم بالإضافة إلى الخبز مختلف الحلويات أيضا. ويدفع الزبائن بالعملة السورية أو الأردنية. "كانت البداية متواضعة. إلا أننا مع الزمن حققنا نجاحا معقولا"، يقول ابراهيم، وهو ينظر إلى الشراع الرئيسي الرملي أمامه.
ويكتظ هذا الشارع بالدكاكين المؤقتة التي يتوفر فيها كل شيء تقريبا. ويقال إن عددها وصل في هذه الأثناء إلى أكثر من 3000 دكان، في مكان لم يكن فيه قبل سنة سوى الرمال والصحراء. وتم بناء المخيم في تموز/ يوليو عام 2012 في غضون أيام قليلة فقط.
نشوء مدينة من لا شيء
"بعد مرور سنة فقط على تأسيس مخيم الزعتري أدت نشاطات سكانه السوريين إلى تحويل المخيم إلى مدينة مؤقتة. وهذه نشاطات لم نستطع تصورها قبل ذلك"، كما يقول كيليان كلاينشميت من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والذي يمكن وصفه بأنه عمدة مخيم الزعتري. ويعمل الألماني، الذي كان قبل ذلك في الصومال هناك منذ ستة أشهر. وتعلم هنا قبل كل شيء الرزانة. وهي ضرورية بالنظر إلى المشاكل الكثيرة القائمة في الزعتري.
وهيمنت الهياكل الإجرامية الموازية القائمة في الزعتري وأعمال العنف فيها لفترة طويلة على تقارير وسائل الإعلام عن المخيم، حيث يقيم 120 ألف شخص على أقل بقليل من تسعة كيلومترات مربعة لا تبعد إلا 12 كيلومترا عن الحدود مع سوريا. والنزاع السوري ملموس في المخيم أيضا، فكل لاجئ يأتي إليه، شهد أحداثا بشعة. وهذا محيط ليس من السهل ضمان النظام والأمن فيه. إلا أن كيليان كلاينشميت يرى تقدما بهذا الخصوص، إذ أنه يقول: "المخيم الآن ليس المخيم الذي تعرفتُ عليه قبل ستة أشهر، عندما عشنا كمساعدين في أحيان كثيرة في ظل الخوف من نزاع آخر مع اللاجئين"، فموقف سكان الزعتري تغير، كما يقول كلاينشميت. ويضيف: "أدرك اللاجئون أن هذا هو وطنهم المؤقت وأنهم سيبقون هنا لفترة معينة".
تكاليف تبلغ 500 ألف دولار يوميا
يعتمد العاملون الأمميون في المخيم في عملهم على إجراء الحوار مع اللاجئين. "يعرف سكان المخيم سبب وجودنا هنا"، يقول كلاينشميت. ويضيف: "ونعرف شخصيات اللاجئين وهياكل السلطة المختلفة. ونعرف أن توترات كثيرة تنجم عن المنافسة القائمة في مثل هذا المخيم والإجهاد الشديد فيه". ومن المقرر توسيع البنية التحتية في المخيم لتحسين الحياة اليومية. وعليه تتم تغطية الطرق بالإسفلت وتوسيع شبكة الكهرباء والماء. ويتطلب ذلك تخصيص أموال لهذا الغرض. وتقدََّر النفقات العامة وحدها بـ 500 ألف دولار أمريكي.
ويتوسع المخيم باستمرار، رغم أن سرعة توسعه انخفضت في الأشهر الماضية. ويقول كلاينشميت إن عدد اللاجئين القادمين انخفض في الأسابيع الماضية بشكل ملموس. ويضيف: "يبدو أن هناك صعوبات في عبور الحدود، فالطريق إلى هنا خطير، إذ تحصل اشتباكات عنيفة على بعد عشرة كيلومترات فقط من هنا".
ويقال إن هرب آلاف السوريين توقف أمام الحدود الأردنية. إلا أنه لا يعرف أحد عدد اللاجئين الدقيق. وتسجل منظمة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين 150 لاجيئا يوميا، بينما بلغ عددهم في الربيع الماضي حوالي 3000 شخص. ويتغير الوضع في الزعنري يوميا تقريبا، فالكثيرون يحاولون الحصول على عمل خارج المخيم. ويتركه آخرون حتى في اتجاه سوريا.
أمل صغير فقط في عودة سريعة
رغم تحسن الظروف المعيشية في الزعتري، فإنها تبقى مخيما. والخباز ابراهيم أيضا، ليست لديه أوهام بأن الحرب في وطنه ستنتهي سريعا. ولذلك، فإنه يركز اهتمامه على عمله في المخبز، حيث يساعده جميع أفراد الأسرة، بما فيهم الأطفال منهم.
وبالرغم من أنه توجد عدة مدارس في المخيم، إلا أنهم لا يشاركون في التعليم، فنجاة الأسرة بكاملها من البؤس يبدو أهم. ويستنفد تأمين وجودها كافة قواها. ولذلك لا يبقى لأفراد الأسرة مجال للتفكير في المستقبل. "لا أفكر في ذلك، إذ لا أعرف ما إذا رجعتُ أبدا إلى سوريا"، كما يقول إبراهيم. ويضيف: "لا أعرف ما يمكن أن أقوله. لا يوجد أمل."