مخاوف من امتداد شبح الأزمة المالية في اليونان إلى البرتغال
٣٠ أبريل ٢٠١٠منذ أن أعلنت وكالة "ستاندرد أند بورز" خفض تصنيف البرتغال الائتماني من أيه سالب إلى أيه أيه سالب، بدأت المخاوف تسود حول امتداد الأزمة المالية التي تجتاح اليونان حالياً، إلى البرتغال. خاصة وأن الاقتصاد البرتغالي أصبح يظهر مؤشرات باقتراب دخول البلد نفق الأزمة. فالعجز العام في ميزانية البلد وصل إلى 9.4 في المائة من إجمالي الدخل المحلي. كما وصل الدين العام في البلاد إلى 76.8 في المائة.
التسريع بتطبيق خطة التقشف
وسعياً منه لإظهار نيته في تجنيب البرتغال أزمة مالية محتملة اجتمع رئيس الوزراء البرتغالي خوسيه سقراطيس بزعيم المعارضة المحافظة بيدرو باسوس كولهو، لإطلاعه على المخططات الجديدة للحكومة. كما كان الاجتماع يهدف إلى طمأنة دول مجموعة اليورو على المستقبل الاقتصادي للبلاد خاصة بعد المخاوف التي سببها تخفيض التصنيف الائتماني للبلد. وتكمن هذه الإجراءات حسب الوزير البرتغالي في تطبيق خطة التقشف الاقتصادي، التي كان من المقرر تطبيقها العام المقبل. وفي هذا السياق قال سقراطيس: "نريد أن نوضح للرأي العام أننا فعلا متشبثين بالأهداف التي رسمناها فيمل يتعلق بتخفيض عجز الميزانية".
بالإضافة إلى خطة التقشف الاقتصادي هذه، فإن الحكومة البرتغالية كانت قد بدأت في الأشهر الأخيرة الماضية باتخاذ إجراءات أخرى مماثلة. إذ أعلنت الحكومة عزمها عن رفع ضرائب ذوي الدخول المرتفعة، وفرض ضرائب إضافية على استعمال الطرق السريعة، إضافة إلى إعلان وزيرة العمل هيلين آندريه نيتها تقليص تعويضات البطالة بنسبة 25 بالمائة. وهذه الإجراءات تهدف إلى الحد من خطر انتقال فتيل الأزمة المالية إلى البرتغال.
الوضع في البرتغال مختلف عن اليونان
من جهتها خففت الحكومة الألمانية من حدة هذه التخوفات وأكدت يوم الأربعاء الماضي، أنه لا توجد مقارنة بين مشاكل الميزانية التي تواجهها البرتغال وإسبانيا والأزمة المالية التي تواجهها اليونان. وفي هذا السياق يؤكد ريو خورخي، الخبير الاقتصادي والصحفي في المجلة الاقتصادية البرتغالية Jornal Negocios، هذا الرأي، معتبراً أن الوضع في البرتغال هو أفضل من الوضع في اليونان وإسبانيا. فمقارنة مع اليونان فإن ميزة البرتغال تكمن في أنها لم تشهد مظاهرات عنيفة ضد قرارات الحكومة مثلما حدث في اليونان. ويضيف الخبير البرتغالي قائلاً: "أما بالمقارنة مع إسبانيا فميزة البرتغال هي أنها لم تعرف ثورة في سوق العقارات والتي كانت السبب في تورطها كذلك في أزمة اقتصادية خانقة".
غير أن مشكلة البرتغال تكمن بالأساس حسب المختصين في كون أن هذا البلد عاش لمدة طويلة في وهم الرخاء الاقتصادي: فبعدما أن دخلت البرتغال إلى منطقة اليورو، انخفضت فيها نسبة الفوائد على القروض وهو ما دفع الكثيرين إلى شراء السيارات والمنازل والآلات الكهربائية، متناسين أن هذا الرخاء الاقتصادي مبني بالأساس على نسبة الفوائد التي تخضع للتقلبات الأوضاع الاقتصادية، وليس مبنياً على أسس اقتصادية سليمة.
سبب أخر يصعب من الوضع الاقتصادي في البرتغال، وهو تفشي البيروقراطية وكذلك قلة الاستثمار في البحث العلمي. وهي عوامل تضعف من قدرة البرتغال على تأمين مكان لها في السوق العالمية. كما أن المساعدات المالية القادمة من الاتحاد الأوروبي والتي ساعدت البرتغال ولوقت طويل على استقرار اقتصاده، تشهد تراجعاً كبيراً.ويرى المحللون أن هذه المساعدات لم تستغل على الوجه الصحيح. فإذا كانت البرتغال تتوفر الآن على 2300 كيلومتر من الطريق السريعة، إلا أنها أهملت الاستثمار في تطوير وعصرنه اقتصادها.
الكاتب: يوهانس بيك/هشام الدريوش
مراجعة: عماد مبارك غانم