مخاوف بشأن الاحتجاز والتكنولوجيا بموجب اتفاق الهجرة الأوروبي
١١ يونيو ٢٠٢٤وصفت موافقة مجلس الاتحاد الأوروبي والبرلمان على ميثاق الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة واللجوء في وقت سابق من هذا الشهر، وبعد سنوات من المفاوضات، بأنها "حدث تاريخي" و"إنجاز ضخم". ومعلوم أن القواعد الجديدة تنص على أن يولى الاهتمام بالحدود الخارجية للاتحاد وجعلها قوية وآمنة، وألا تُتْرَك أي دولة في الاتحاد الأوروبي بمفردها للتعامل مع ضغوط الهجرة.
لكن فيما يتعلق بالحقوق الأساسية للأشخاص، والتي يجب أن تتم حمايتها بموجب التعديلات، فمن الواضح أن المنظمات غير الحكومية والخبراء القانونيين والباحثين في مجال الهجرة غير مقتنعين بها على الإطلاق.
اللاإنسانية و"إهدار للمال"!
إن البت في طلبات المهاجرين بشكل أسرع، واحتجازهم، خاصة أولئك الذين يأتون من "بلدان آمنة"، مازال يثير معارضة قوية. والفكرة بالأساس تتمثل في منع هؤلاء الأشخاص الذين لديهم أمل ضئيل في الحصول على اللجوء من البقاء في أوروبا وضمان ترحيلهم بسرعة. لكن رسالة مفتوحة إلى المفوضية الأوروبية من باحثين وصفوا فيها الإجراءات الحدودية الإلزامية بأنها خطيرة وغير إنسانية وغير مجدية، اجتذبت ما لا يقل عن 250 توقيعًا.
في إيطاليا، حيث تتواجد مثل هذه المراكز المغلقة، يحذر البعض من أن الأدلة المسربة منها تظهر أنها غير إنسانية. وقالت المحامية المعنية بحقوق الهجرة فرانشيسكا فنتورين لموقع مهاجر نيوز "إيطاليا تهدر المال بهذا النوع من الحلول".
وأضافت المتحدثة قائلة "لم ولن تتوقف الهجرة، وسيستمر الناس في الوصول إلى إيطاليا. لذا فهذا حل مزيف لأنه يتظاهر بحل المشكلة، لكنه لا يفعل ذلك".
وتقول فنتورين إن سياسات احتجاز طالبي اللجوء وتسريع إجراءات اللجوء - التي اعتمدتها إيطاليا ويتم اتباعها حالياً في جميع أنحاء أوروبا، ليست غير قابلة للتطبيق فحسب، بل إنها غير عادلة أيضاً. "ليس من الصواب احتجاز الأشخاص الذين يصلون إلى أوروبا بحثاً عن حياة أفضل داخل هذا النوع من المراكز، هناك ليس لديهم أي حقوق، إن تلك الأمكنة تشبه السجن"، تضيف المتحدثة.
المخاوف التي أعرب عنها العديد من خبراء الهجرة وعلماء الاجتماع الأوروبيين، لخصتها فينتورين بحديثها عن تأثير الإجراءات الحدودية على حقوق طالبي اللجوء.
وبموجب القواعد الجديدة، لن يتمكن العديد من المهاجرين من الوصول إلى الدعم القانوني وغيره من أشكال الدعم عند تقييم طلباتهم. وحتى في هذه المرحلة المبكرة، ستقوم سلطات اللجوء المحلية بمعالجة الطلبات بشكل أسرع من ذي قبل، مما يمثل خطراً على حقوقهم.
تقول المتحدثة "الأمر مخيف، لأن الحماية الدولية للأشخاص الذين يصلون من بلدان آمنة تكون سريعة للغاية. ومن الممكن أن يصل شخص ما، وبعد شهر واحد فقط، وحتى دون معالجة طلب الحماية الدولية الخاص به، يمكن وضعه في أحد مراكز الاحتجاز هذه".
"إن احتجاز المهاجرين على الحدود وتقييم طلبات اللجوء باعتبارها مقدمة بدون أسباب واضحة، وهو حجر الزاوية في الميثاق، الذي يهدف إلى تسهيلترحيل المهاجرين". وحسب فنتورين، فهذا "مثال آخر على النهج الذي فشل في إيطاليا".
وتضيف المتحدثة قائلة "في الواقع، لم يكن هناك أي تحسن في عمليات الترحيل هذه مقارنة بما كانت عليه قبل خمس سنوات، على سبيل المثال. لذا فإن الحكومة تكذب بخصوص تحسين عمليات الترحيل".
توسيع نطاق التجريم والمراقبة الرقمية!
وبالإضافة إلى زيادة إمكانية الاحتجاز، وعودة المهاجرين إلى بلدان ثالثة آمنة والعديد من التغييرات الأخرى، تشعر منظمات المجتمع المدني بالقلق إزاء خطط نشر تقنيات وممارسات المراقبة ضد المهاجرين.
ويمنح هذا الميثاق، صلاحيات أكبر للسلطات لاستخدام التكنولوجيا الرقمية لتحديد المهاجرين وتتبعهم وتقييمهم والسيطرة عليهم. وعلى وجه التحديد، سيكون من الممكن جمع المزيد من البيانات الشخصية من المهاجرين، وستتيح أنظمة تحديد الهوية البيومترية تتبع تحركاتهم.
ويشعر ماتياس سبيلكامب، المدير التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة AlgorithmWatch، بالقلق إزاء تطبيع استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) والمراقبة عندما يتعلق الأمر بالهجرة ومراقبة الحدود.
وقال سبيلكامب لموقع مهاجر نيوز "ما يدعيه الاتحاد الأوروبي بأنه يجب أن يكون هناك دائمًا خيار استخدام هذه التقنيات للأشخاص المتنقلين، أمر غير صحيح". وقد تم تسليط الضوء على نظام جمع البيانات البيومترية ومشاركتها، والذي تم توسيعه في ظل التغييرات التي أدخلت على لائحة Eurodac، من قبل منظمات مثل PICUM.
هناك أيضًا مخاوف بشأن احتمال استعمال الذكاء الاصطناعي في عملية اتخاذ القرار بموجب إجراءات الفحص التي تم إنشاؤها حديثًا، مثل جهاز كشف الكذب المعتمد على الذكاء الاصطناعي الذي سيتم استخدامه أثناء إجراءات طلب التأشيرة عبر رابط الفيديو.
وأوضح سبيلكامب أن "أي شخص مطلع على هذه الأدوات يعرف أن هذه فكرة غير موثوقة على الإطلاق، وإنه لمن المثير للقلق حقًا أن هذه الأنواع من التقنيات ستُستخدم بعد ذلك لاتخاذ قرارات بشأن الأشخاص، وما إذا كان يُسمح لهم بدخول بلد ما أو ما إذا كانوا سيُحرمون من اتخاذ المزيد من الخطوات في عملية اللجوء الخاصة بهم".
أدوات جديدة للردع والسيطرة!
"يمكن أن تكون التقنيات الرقمية المستخدمة في عمليات الردع، ذات قيمة لا تقدر بثمن في مساعدة المنظمات الإنسانية المشاركة في تقديم المساعدة للمهاجرين. لكنها ستستخدم للردع بدلا من المساعدة"، وفقا لسبيلكامب.
"الأمر المثير للسخرية في هذا، هو أنه كان لدينا مؤخرًا حالة غرق فيها مئات الأشخاص في البحر الأبيض المتوسط على متن قارب انقلب وكان منقولا على الرادار الذي تراقبه سلطات الحدود لفترة طويلة قبل أن يحدث، ولم يفعل أحد أي شيء"، يضيف المتحدث. واعتبر أيضا أنه "علينا أن نعيد النظر في الدافع وراء استعمال هذه التقنيات، وسبب تطويرها. إذا كان الدافع هو التوصل إلى أدوات جديدة لردع الناس والسيطرة عليهم ومراقبتهم، فالأمر مؤسف".
ماريون ماكغريغور/ م.ب