محمد هاشم: لسنا ضد الإسلام...هدفنا هو الحرية
١٤ ديسمبر ٢٠١٢DW: سيد هاشم، أمتار قليلة من هنا تفصلنا عن المتظاهرين في ميدان التحرير ضد جماعة الإخوان المسلمين وخاصة ضد الدستور الجديد. ماهي تخوفاتك بخصوص يوم السبت الذي سيشهد التصويت على مشروع الدستور؟
محمد هاشم: لست خائفا، بل بالعكس أنا متفائل. تحت حكم مبارك كان هناك ما يشبه جدارا من القمع أنشأته قوات الأمن. بانهيار النظام القديم انهار ذلك الجدار أيضا. كانت الفترة من 11.02.2011 حتى اللحظة التي انتخب فيها محمد مرسي رئيسا، فترة عصيبة ودموية، حيث قُتل الكثيرون. إنها الفترة التي تولى فيها الجيش السلطة. الجدار الثاني سقط عندما عاد الجيش إلى ثكناته. ما هو باق الآن هو الجدار الأخير، الذي يحاول الإخوان المسلمون في الوقت الحالي الإبقاء عليه بدستورهم ذي التوجه الإسلامي. إنهم ضد الحرية، ضد العدالة، ضد كل القيم، التي كرستها الثورة، يريدون تطبيق الشريعة، كما يؤولونها هم تأويلا ضيقا. نحن لسنا ضد الإسلام. عندما تكون القوى الثورية وتقريبا جميع الناس ضد الاستفتاء، وضد الدستور، فإننا سننجح، فلم يبقى غير هذا الجدار الأخير.
ماذا يعني هذا المشروع بالنسبة لعملك كناشر لأعمال جريئة؟
إنها خطوة ستعيدنا سنوات إلى الوراء. الحقوق التي حصلنا عليها بعد سنوات من النضال ستُنتزع منا. طريقة تفكير الإخوان المسلمين هي ضيقة جدا. كل مادة من مواد الدستور، تمنح حقا من الحقوق، تجد مادة أخرى في الدستور تعود لتنتزعها منك: حقوق المرأة، وحقوق المسيحيين، بل حتى حقوق الأطفال. نحن في المقابل لنا أفكارنا وحياتنا. عندما يرى المرء أعلاما سوداء ترمز للقاعدة، فإن هذا يصبح إجراما. الناس الذين يحملون مثل هذه الأعلام ينبغي توقيفهم. لا يتعلق الأمر الآن بحرية النشر، أو بحرية العمل، يتعلق الأمر الآن بالحق في أن نحيا بحرية. بطبيعة الحال أدافع عن حريتي في النشر، لكن قبل ذلك ينبغي أن أدافع عن حريتي عموما، حتى لا يصادرها أحد.
في الأسابيع الأخيرة شهدنا محاكمات بسبب التشهير بسياسيين إسلاميين أو بالإسلام نفسه. إلى أي حد توجد في مصر الآن رقابة أو رقابة ذاتية؟
عندما ننتقد، فإننا ننتقد بموضوعية. الإسلاميون هم من يُحرضون الناس ببساطة على القتل. من ينبغي أن يجر الآخر إلى ساحات المحاكم؟ إننا نناضل من أجل حريتنا. الرقابة هو موضوع ثانوي.
في الأيام الماضية قام المئات من السلفيين بمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي حيث توجد أغلب القنوات التلفزيونية. وطالبوا بما أسموه "تطهير الإعلام من بعض مذيعي البرامج الحوارية". ما الذي يدور في خاطرك عندما تشاهد مثل هذا الأمر؟
عصابة هي الآن في السلطة وتحرك السلفيين. ليست مدينة الإنتاج الإعلامي وحدها هي المحاصرة، بل حتى المحكمة الدستورية العليا. يتحدث الإخوان المسلمون عن "الحق". ما علاقة ما يحدث الآن بالحق؟ الرئيس نفسه يضرب بهذا الحق عرض الحائط، ليس وحده الدستور من يتم تجاهله بل القضاء بأكمله.
هل أصبحت أنت أيضا هدفا لهجوم الإسلاميين؟
لقد كنت مستهدفا من قبل الجيش، وأعتقد أني على لائحة الإسلاميين أيضا. من ناحية أخرى أنا مصري يدافع عن حريته ويناضل من أجل حرية بلده. أنا لا أختلف عن الآخرين. أحد قادة الإسلاميين أشار إلى وجود مثل هذه اللائحة، ولا أستبعد أن يكون اسمي فيها. لكني مثل الآخرين لا أحمل سلاحا وليس لدي حراس شخصيين. لا أملك إلا صوتي في ميدان التحرير. لا أؤمن بالعنف.
ما الذي يفهمه الإخوان المسلمون من كلمة "حرية" ؟
حريتهم ترتكز على قمع الآخرين. حريتهم هي تحريف النصوص المقدسة حتى تتلاءم مع مصالحهم الشخصية.
كيف تنظر في الوضع الحالي إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه دار النشر التي تشرف عليها. كيف يمكنك التأثير بعملك، وما هي الأنشطة والمشاريع التي تقومون بها؟
هناك كتب مهمة ستصدر. في الوقت الحالي نقوم بالتوثيق مثلا لتواجد الإخوان المسلمين من عدمه في ميدان التحرير خلال الثورة. للقيام بذلك لدينا شهود عايشوا ذلك، من بينهم أعضاء في جماعة الإخوان تركوا الجماعة. أعتقد أن مشروعا كهذا مهم جدا. وكما في السابق نناضل من أجل الحرية ومن أجل حقوق الإنسان. الأدب الجيد يلهم الأجيال الجديدة ويقودهم إلى الحرية، بالإضافة إلى نصوص جديدة تحارب الفاشية، كل هذه الأشياء تدخل في أهدافنا. فقط نريد أن تتاح لنا الإمكانية بالقيام بذلك. في الوقت الحالي نحن لا نعمل ستلاحظ وجود أسرة وضعناها من أجل هؤلاء الذين يريدون المبيت والبقاء في ميدان التحرير. عندما تنتهي المواجهات سنبدأ في الإنتاج والعمل. معارض الكتاب تقف على الأبواب...لكني الآن حريص على أن أبقى على قيد الحياة وأن أبقى نشيطا من أجل الثورة.
عملك هو مخاطرة كبيرة. هل لديك خط أحمر لا تتجاوزه؟
ليس هناك خط أحمر عندما يتعلق الأمر بالحصول على حريتنا.
أنت كاتب أيضا. هل تكتب في الوقت الحالي؟
ليس لدي الوقت الآن لأجلس شهرا كاملا بارتياح وأكتب. مازلت لحد الآن لم أوثق لتجربتي في ميدان التحرير. رغم أني كنت مرتبطا جدا بكل ما يدور هنا، لقد عايشت كل ذلك عن قرب.
محمد هاشم هو مدير دار النشر" ميريت". بالإضافة إلى عمله كناشر وككاتب، ينخرط هاشم في العمل السياسي. حصل سنة 2011 على جائزة هرمان كيستن من مركز بين في ألمانيا، على الإصدارات الجريئة التي قام بنشرها.