محاولات للحد من تنامي العنف في السجون الألمانية
١٨ نوفمبر ٢٠١٢يتلقى معهد أبحاث الجرائم في ولاية سكسونيا السفلى تقارير خطيرة عن أحداث عنف يتعرض لها نزلاء السجون الألمانية. فعلى سبيل المثال، اضطر بعض المسجونين لشرب الماء المالح أو بلع خليط من الشامبو ومعجون الأسنان حتى يتقيؤا. كذلك يجب عليهم أحياناً تناول قيئهم وشرب بولهم، إضافة إلى تعرض بعضهم إلى الاغتصاب والضرب في أزقة السجن المظلمة. كما تعرض أحد السجناء البالغ من العمر آنذاك 20 عاماً سنة 2006 للشنق من قبل مسجونين آخرين في السجن الواقع بمدينة زيغبورغ دون أي سبب يذُكر. وعلل مرتكبو الجريمة أمام المحكمة فعلتهم بأن الرغبة كانت دائماً تتملكهم في مشاهدة شخص يموت. وفي استطلاع أجري مؤخراً، تم استجواب أكثر من 70 ألف مُعتقل في جميع سجون ألمانيا.
خلص هذا الاستطلاع إلى أن ربع الرجال والنساء الذي شملهم الاستطلاع تعرضوا في الأسابيع التي سبقته للعنف. كما أكد أكثر من نصف السجناء الشباب تعرضهم لاعتداءات. وأشار موظفو السجون إلى وجود مجوعات منظمة داخل هذه السجون. ووفقاً لأحد حراس السجن، فإن هذا العنف يتجلى على وجه الخصوص في الابتزاز. وغالباً ما تكون المخدرات هي السبب وراء هذه الأحداث، ومن لا يفعل ما يُطلب منه يتعرض إلى الضرب من عدة أشخاص. ويقول يوزف هيرمان باوش، طبيب للسجون الموجودة في مدن هام وفيرل: "إن كثيراً ممن يدخلون السجن مُهملون وليس لديهم أي علاقات اجتماعية وليسوا قادرين على التعايش مع المجتمع".
صعوبة توفير إجراءات لمكافحة العنف
ويعرف باوش أجواء الحياة في السجن، فهو يعمل طبيباً في السجون منذ 25 عاماً، ويضيف: "ليس بمقدورنا خلال عام أو عامين إصلاح ما لم يستطع المجتمع القيام به". باوش نشر كتاباً حول الحياة في السجون الألمانية يحمل عنوان "السجن". كما يوضح أيضاً أن أحد أسباب هذا العنف هو أن أكثر من ثلث السجناء يرتكبون جرائم العنف، مشيراً إلى صعوبة مُكافحة العنف عند الأشخاص الذين يقوم بإرشادهم. ويؤكد في نفس السياق على عدم شيوع عمليات الإذلال والاغتصاب. ومن جهته يؤيد أنتون باخ، رئيس الاتحاد العام لموظفي السجون في ألمانيا، وجهة نظر باوش، إذ يقول: "لا أنفي وجود الهجمات والمضايقات الدائمة بين السجناء. لكنني أنتقد الاستطلاع الذي قام به معهد بحوث الجرائم، إذ لا يجدر إدراج الشتائم تحت قائمة أعمال العنف".
وبعد نشر نتائج هذا الاستطلاع، بدأ مسؤولون بوضع استراتيجيات للحد من خطورة الوضع الراهن في السجون. حول ذلك يقول طبيب السجون يوزف "جو" باوش: "إن كثيراً من الأمور قد تحسنت بشكل واضح، إذ تم مثلاً إزالة الزوايا المُظلمة في مرافق السجون، وقبل وضع السجناء الجُدد في الزنازين، يتم تحليل إمكانية تقبلهم من أجل إنشاء نظام إنذار مبكر". كما أشار باوش أيضاً إلى "أن عقوبة العنف في السجون ستكون أكثر شدة في المُستقبل". كذلك يتم تدريب موظفي الإشراف بشكل أفضل، مما يجعلهم موضع ثقة لدى السجناء أثناء النقاش. وهذا ما أكده الاستطلاع أيضاً، إذ تم تسجيل عدد أكبر من الشكاوى ضد مرتكبي العنف في السجون.
لكن عدداً كبيراً من الجرائم لا يجد طريقه إلى المشرفين، نتيجة عدم تقديم شكاوى بحق مرتكبي هذه الجرائم. لذلك ينتقد أنتون باخ عدم قدرة السجون على توفير زنازين فردية للسجناء.
حكومة ولاية شمال الراين وستفاليا حاولت الحد من العنف داخل السجون عن طريق مربين يعملون على تهيئة الأحداث لحياتهم العملية بعد انتهاء فترة العقوبة، في مبادرة أُطلق عليها اسم "السجن المفتوح". هذه المبادرة تسعى إلى خفض معدل العودة إلى الجرائم، البالغ حالياً 60 بالمائة، من خلال إنشاء جمعية سكنية شبيهة بالسجن ولكن بدون زنازين أو قضبان أو جدران.
لكن غالباً ما يستغل السجناء هذه الفرصة للهروب، وبالرغم من فقدان كل من يوزف هيرمان باوش وأنتون باخ الأمل في القدرة على مُكافحة العنف في السجون الألمانية، إلا أن باوش يصر على ضرورة مواصلة مُكافحة العنف من خلال تقديم برامج رياضية جديدة في السجون من أجل تفريغ طاقة السجناء بشكل إيجابي.