"محاربة التطرف تبدأ بنشر مفاهيم المحبة الإسلامية"
٢٩ أكتوبر ٢٠١٥أعدت دار النشر الألمانية هردر بالتعاون مع مهند خورشيد، العضو المؤسس لمنتدى مسلمي ألمانيا، والذي وصفته الصحافة الألمانية بأنه يمثل الجانب الإيجابي والليبرالي للإسلام، كتيبا إرشاديا خاصا سيتم توزيعه على اللاجئين المتواجدين على الأراضي الألمانية. ويتضمن الكتيب الصادر باللغتين العربية والألمانية شروحات تهم القادمين الجدد عن ماهية الحياة الألمانية وتناولها من جانب إسلامي متنور، يضمن الاندماج والتعايش.DW عربية التقت محاضر الدراسات الاسلامية في جامعة مونستر، والعضو في المنتدى الإسلامي مهند خورشيد، الذي أكد أن هذا النشاط يأتي انسجاما مع نشاطات الجمعية حديثة العهد، ويعد تكاملا مع أنشطة أخرى بدأت الجمعية بها بهدف التأكيد على سماحة الدين الحنيف ومن أجل تغيير الصورة المشوهة لدى البعض عن المسلمين في ألمانيا.
DWعربية : نشاط منتدى مسلمي ألمانيا بدأ يظهر إلى العلن، صحف ألمانية نشرت عن جمعيتكم ووصفتها بالليبرالية، ما معنى ذلك؟ وبماذا تختلف جمعيتكم عن المؤسسات والمراكز الإسلامية الأخرى؟
مهند خورشيد: نحن لا نعتبر أنفسنا بديلا عن المؤسسات الإسلامية القائمة في ألمانيا، بل نعتبر أن العلاقة هي تكاملية. هدفنا نشر مفاهيم تؤكد سماحة الدين الإسلامي وبأنه دين الرحمة والمحبة. ربما يصفنا البعض بالحداثة والعصرنة ويصفنا آخرون بأننا نطرح مفاهيم جديدة، إلا أن هذه المفاهيم التي نطرحها موجودة في صلب الدين. هدف جمعيتنا قائم على شقين أساسين: الأول أننا نريد أن نحيي هذه المفاهيم بين المسلمين، والثاني يتمثل بأن المسلمين في ألمانيا صوتهم غير مسموع وصورتهم أمام الإعلام الألماني تتمثل بأحداث الحادي عشر من سبتمبر والمخاوف التي يطلقها اليمين المتطرف، لذلك نريد تغيير هذه الصورة النمطية عن المسلمين في ذهنية الألمان من خلال مخاطبتهم بلغتهم وتوضيح المفاهيم الجميلة التي يحملها الدين الإسلامي.
نلاحظ أن الحركات اليمينية المتطرفة مثل بغيدا وغيرها تستخدم أسلوب خطاب يعتمد على التخويف من مسألة "أسلمة ألمانيا"، ويحذرون من "خطر الإسلام على الثقافة الغربية". برأيك هل يمثل الإسلام خطرا على الثقافة الغربية؟ هل بمقدور المسلم أن يكون ملتزما ومندمجاً داخل المجتمع الألماني ويحترم ثقافته؟
هذا سؤال جوهري، وأعتقد أن الإجابة عليه تعتمد على المفهوم الذي في ذهننا عن الإسلام. لو سألت هذا السؤال للأصوليين المتشددين دينيا، قد تكون الإجابة بأن هذا الأمر صعب. إلا أنه في الواقع لا يوجد تضارب أبدا بين الإسلام وبين الثقافة الغربية. ولتوضيح ذلك يجب أن نعرف أولا كلمة ثقافة. فبغيدا والحركات اليمينية مثلا يعتقدون بأن الاندماج يتطلب نزع الحجاب عن المسلمات، وأكل لحم الخنزير، وشرب الكحول. هذا ليس ثقافة إنها عادات وتقاليد. كما أن المجتمع الحديث هو مجتمع مبني على التعدد ويتيح لأفراده الاختلاف في عادات الأكل والشرب والملبس. الثقافة الغربية مبنية على الديمقراطية واحترام الفرد واحترام الإنسانية. الإسلام لا يتعارض أبدا مع هذه المفاهيم بل بالعكس هذا هو ما يدعو له الإسلام. فالاندماج داخل المجتمع وتقبل الآخر هو أمر سهل على كل مسلم واع لدينه.
تكلمت في كتابك الأخير"الله الذي يؤمن بالإنسان" والذي عرض مؤخرا في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب عن العلاقة المفترضة بين الله والإنسان. هل تناولت الموضوع أيضا ضمن المفاهيم التي تطرحونها داخل الجمعية؟
نعم حاولت في هذا الكتاب أن أسلط الضوء على العلاقة التي يجب أن تكون بين الإله المعبود والمسلمين. هذه العلاقة التي وصفها الله عزوجل في القرآن وما جاءت به الأحاديث، قائمة على المحبة، على الرحمة، وليس فقط على الأوامر والنواهي. الإشكالية في بلادنا العربية أن تدريس الدين يكون غالباً بتخويف المسلم من الله، ومن عقابه. العلاقة قائمة على الخوف من العقاب وليس الحب والالتزام. بمعنى أن الله تعالى لأنه يحبنا، فإنه يطلب منا القيام بهذه العبادات لأنه يعرف أنها لصالحنا. وينهانا عن الفواحش لأنها تضرنا، العقاب يتمثل بكونه طريقة تقويم سلوكي للإنسان نابع من المحبة. للأسف الحكومات الديكتاتورية تحاول تعزيز المفاهيم غير الصحيحة ولصقها بالدين، فتحارب قيم العدالة والحرية والمساواة لأن هذه المفاهيم خطرة عليها، وتحاول خلق إنسان ضعيف انطوائي رافض للآخر. والتيارات المتشددة تحاول استغلال هذا الأمر لصالحها، وهو ما نحاول أن نحاربه.
ألا تسبب لكم هذه المفاهيم صراعا مع التيارات الإسلامية المتشددة والحركات المتطرفة؟
نعم، هم لا يريدون أن نتحدث مع الناس بهذا الأسلوب، لأن حديثنا مع الألمان بهذه الطريقة سيساعد على فهم الصورة الصحيحة للدين الإسلامي، ما يؤدي إلى تقارب أكبر بين الألمان والجاليات المسلمة وهو ما يرفضه المتشددون. كما أن حديثنا مع المسلمين بهذه الطريقة سيساهم في تهرب الناس من الحركات المتطرفة. نحن توجهنا مثلا إلى القادمين الجدد من أجل توزيع هذا الكتيب الذي نجري عليه الآن اللمسات الأخيرة. هنالك الكثير من اللاجئين القادمين إلى ألمانيا المعرضين للتواصل مع الحركات الإسلامية المتشددة، نحن نراقب عملهم هنا وهم نشيطون ويتحركون بسرعة، وعلينا أيضا أن نكون كذلك.
بعض المسلمين يخشون من أن التمويل الغربي لجمعيتكم قد يوجهها باتجاهات تخدم الغرب، كما أنه يوجد لديكم عضو مسيحي ضمن المجلس؟
منتدى مسلمي ألمانيا ليس ممولاً من أي جهة. مؤسسة "كونراد أديناور شتيفتونغ" تسمح لنا فقط باستخدام قاعة في مقرها، وهي تؤمن بالتعددية وموجهة للجميع، لذلك أي شخص يرغب في المساعدة فهو مرحب به. هدفنا التحدث مع المسلمين ومع الألمان، حيث قمنا بالعديد من الندوات التعريفية التي تتحدث عن الإسلام، ووجهنا العديد من الأسئلة والرسائل للساسة وصناع القرار الألمان. نحن نرغب في تعايش مبني على المحبة والإنسانية، السلام هو جزء من الدين الإسلامي وهو اسم من أسماء الله الحسنى، هنالك من يرغب بمحاربة هذه الصفة ويعتبرها ضعفاً، نحن نعتبرها قوة ونعمل على نشرها. هذا هو الإسلام وهذه هي صفاته. أما العنف وغيره من الصفات، فهو ما يحاول المتطرفون أن يلصقوه بالدين لخدمة أغراضهم.