محادثة فايدل مع ماسك.. ماذا استفادت مرشحة "البديل" الألماني؟
١١ يناير ٢٠٢٥من غير المستغرب أن المحادثة بين إيلون ماسك وزعيمة حزب "البديل من أجل ألمانيا" أليس فايدل بدأت بكذبة صريحة، فوفقا لادعاء الملياردير مالك منصة التواصل الاجتماعي X، كانت أليس فايدل المرشحة الأكثر شعبية لمنصب المستشار في ألمانيا "وفقًا لاستطلاعات الرأي".
في الحقيقة، يحتل حزب فايدل اليميني، المصنف متطرفا في بعض الولايات الألمانية، المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي الوطنية، بفارق 11 نقطة بعد حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ. وتأتي فايدل في المرتبة الأخيرة من حيث الشعبية بين المرشحين لمنصب المستشار في الانتخابات التي ستجرى في 23 فبراير القادم.
كما أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة Infratest dimap، نُشر يوم الخميس الماضي، أن 20% فقط من الألمان راضون عن أداء فايدل الحالي، وهو الرأي نفسه المنتشر حول المستشار الحالي أولاف شولتس من يسار الوسط، والذي يتمتع بنسب تأييد منخفضة تاريخيا.
ماذا ناقش ماسك وفايدل خلال دردشتهما على منصة X؟
كانت الدردشة عبارة عن محادثة مطولة لمدة 70 دقيقة، والتي كانت أحيانا محرجة بسبب سوء الفهم الذي سببه الاختلاف اللغوي، وقد تخلل الحديث بينهما العديد من الادعاءات.
ناقش الاثنان مواضيع من قبيل إمدادات الطاقة في ألمانيا، ومزايا الطاقة النووية، والهجرة، والحرب في أوكرانيا، والحرب في الشرق الأوسط ومواضيع أخرى.
وقد أعرب ماسك عن ثقته في أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب سينهي الصراعات في أوكرانيا وقطاع غزة بسرعة، في حين وصفت فايدل تدبير ألمانيا لمختلف الملفات بـ "سوء الإدارة" على مدى العقدين الماضيين.
واتفق الثنائي على أن الأعباء البيروقراطية كانت كبيرة للغاية بالنسبة للشركات التي تتطلع إلى توسيع أنشطتها في ألمانيا، وهو الأمر الذي اختبره ماسك مع مشروعه الضخم "مصنع تيسلا Tesla Gigafactory. ومع ذلك، فقد أقر بأن حكومتي ولاية برلين والحكومة الاتحادية في ألمانيا قدمتا في نهاية المطاف الكثير من الدعم.
قضى ماسك وفايدل الكثير من وقت المحادثة في اتفاق تام، وكانت اللحظة الوحيدة للخلاف الطفيف في البداية، عندما قال ماسك إنه يؤمن بفوائد الطاقة المتجددة، رغم أنه يعتقد، مثل فايدل، أن ألمانيا بحاجة إلى إعادة فتح محطاتها النووية.
ما مدى فائدة المحادثة بالنسبة لفايدل؟
كان الهم الأكبر بالنسبة لفايدل ما إذا كانت المحادثة ستساعدها في الانتخابات المقبلة. ورغم أن ماسك كرر تأييده للحزب وأصر مرة أخرى على أن حزب " البديل من أجل ألمانيا " وحده القادر على "إنقاذ" ألمانيا، إلا أن الخبراء السياسيين شككوا في أن فايدل تركت انطباعا مؤثرا.
وقال بنديكس هوغلمان، وهو خبير استراتيجي ألماني في مجال التواصل السياسي ومؤسس شركة الاستشارات "بيبول أون ذا هيل": "بصراحة، أنا مندهش قليلا من سوء أدائها، هذه لحظة كبيرة، ولكني أعتقد أنها أضاعت الفرصة التي أتيحت لها للبناء على مكانتها العامة، وإعطاء الانطباع بأنها نموذج جديد متعلم ومتطور بالنسبة لسياسي يميني مستقبلي".
كما فوجئ هوغلمان ببعض الصعوبات التي واجهتها فايدل في التعبير عن نفسها باللغة الإنجليزية، وقال: "لم تكن تتحدث بشكل سيئ، لكنني أعتقد أنه كان بإمكانها الاستعداد بشكل أفضل لمحادثة مدتها 70 دقيقة مع السيد ماسك".
وقال هوغلمان إن الحدث لم يكن جيدا مقارنة بظهور ترامب في بودكاست جو روغان خلال الحملة الانتخابية الأمريكية، عندما بدا المرشح الجمهوري أكثر استرخاء مما رآه الكثيرون من قبل، وتمكن من استثمار ثلاث ساعات في الوصول إلى جمهور كبير عبر الإنترنت.
وأضاف هوغلمان: "أعتقد أن مقابلة جو روجان مع دونالد ترامب انتعشت من هذه النبرة غير الرسمية التي أتسم بها كلاهما، بالمقابل واجهت السيدة فايدل صعوبات في مطابقة هذا الأسلوب الأمريكي في الحصول على تدفق لطيف في المحادثة".
وأوضح المتحدث "كان لديها وجهة نظر أكاديمية للغاية، والتي كانت متناقضة تمامًا مع الطريقة التي قدم بها السيد ماسك حججه. لكنني ربما أفسر هذا بالحاجز اللغوي".
من كان الجمهور المستهدف؟
وفقًا للأرقام من منصة X، استمع حوالي 200 ألف شخص إلى المحادثة مباشرة، على الرغم من أن الأرقام بدأت في الانخفاض نحو النهاية، عندما انحرف الحديث إلى خطط ماسك لاستكشاف الفضاء.
بالنسبة لفيليب أدورف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بون، كان الهدف الرئيسي من الحدث بالنسبة لفايدل ليس إقناع الجمهور الألماني، بل تقديم نفسها لجمهور أمريكي، وخاصة جمهور يميني داخل وحول أروقة السلطة في واشنطن.
وأوضح "كانت محاولة لتوسيع دائرة الاتصال في الولايات المتحدة وإجراء المزيد من الاتصالات مع أعضاء إدارة ترامب، وربما العمل معا، أو على الأقل لكي يُنظر إليها كشريك في أوروبا".
يظل مدى نجاح هذا الأمر مفتوحا، فعلى عكس الشائعات التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي قبل الحدث، لم تسافر فايدل إلى الولايات المتحدة للتحدث إلى ماسك، أو أنها ستحضر تنصيب ترامب في 20 يناير/كانون الثاين الجاري. كان الحدث الذي أقيم يوم الأربعاء على منصة X عبارة عن محادثة صوتية فقط انضمت إليها فايدل من مكتبها في برلين.
تركيز الحديث حول مشاكل الهجرة
تمكنت فايدل من تكرار العديد من نقاط الحديث الأساسية المألوفة بالنسبة لها، مثلا أن أنغيلا ميركل من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي كانت في الواقع أول مستشارة "خضراء" لألمانيا، وأنها دمرت البلاد بفتح الحدود أمام اللاجئين. ولكن وفقا لأدورف، ربما كانت تريد المزيد من الوقت لمناقشة القضايا الداخلية في ألمانيا.
وقال المتحدث في تصريحه لـ DW: "من وجهة نظر فايدل، ربما كان من المخيب للآمال أنهما تحدثا قليلا عن القضية الرئيسية لحزب البديل من أجل ألمانيا: الهجرة. في البداية، انشغلت قليلا بمناقشة سياسة الطاقة، والتي أعتقد أنها ربما لا تكون مثيرة للاهتمام للغاية للجمهور".
ما نجحت فيه، وفقا لأدورف، هو تقديم "البديل من أجل ألمانيا" كحزب معتدل، لا يطالب سوى بما كانت أحزاب يمين الوسط تطرحه.
لكن في المجمل، قال أدورف إن الحديث كان غير رسمي، وأضاف "المحادثة كانت تبدو غير منظمة بالنسبة لي، وخاصة في النهاية، عندما سألت فايدل ماسك عن رأيه في قضايا مختلفة".
في هذا الجزء الأخير من المناقشة، انجرف الثنائي إلى مواضيع فلسفية، وبلغت ذروتها عندما سألت فايدل ماسك عما إذا كان يؤمن بالرب.
قال الملياردير المهووس بالخيال العلمي إنه يؤمن بنهج قائم على الفيزياء، قبل أن يقول إنه عانى من أزمة وجودية في سن 12 أو 13 عاما، والتي تم حلها بقراءة رواية دوغلاس آدمز عام 1979 "دليل المسافر إلى المجرة".
وأضاف ماسك "لقد دفعني هذا إلى استنتاج أنه يتعين علينا توسيع نطاق الوعي، حتى نتمكن من معرفة الأسئلة التي يجب طرحها حول الكون. يجب أن نقوم بالإجراءات التي تؤدي إلى فهم أكبر للكون". في هذه المرحلة، بدت فايدل مندهشة، واختتمت المحادثة بوصف كلماته الأخيرة بأنها "جميلة".
أعدته للعربية: ماجدة بوعزة