مجزرة التريمسة: رسالة استعراض قوة من قبل النظام السوري؟
١٣ يوليو ٢٠١٢شهدت قرية التريمسة بريف حماة في سوريا مجزرة جديدة، إذ لقي أكثر من 200 شخص حتفهم يوم الخميس (12 تموز/ يوليو). وتتبادل الحكومة والمعارضة مسؤولية المجزرة. ففي الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن "عصابات إرهابية" تتحمل مسئولية هذه المجزرة، تتهم المعارضة الجيش السوري بتنفيذها.
فقبل عدة أيام نقلت المعارضة عن شهود عيان قولهم إن الجيش أقام وحدات تفتيش عند مداخل القرية ثم قام بقصفها لدرجة أن غالبية السكان غادروها قبل أن يتوغل بصحبة ميليشيات ويقتل العديد من السكان الذين لم يغادروا ديارهم.
النظام السوري يستعرض قوته
يرى المعارض السوري وعضو المجلس الوطني، صادق الموصلي، أن وقوع المجزرة في هذه القرية تحديدا ليس محض الصدفة، ويوضح الموصلي، الذي يعيش في ألمانيا، أن قرية التريمسة التي تسكنها أغلبية سنية محاطة بقرى ذات أغلبية شيعية، وهي نفس الصورة التي كانت واضحة في مجازر سابقة.
ووفقا للموصلي فإن هذا يدل على محاولة الحكومة إثارة فتنة دينية بين أبناء الشعب السوري وكسب العلويين في صفهم في نفس الوقت. لكن الموصلي لا يتوقع نجاح هذا التخطيط من قبل الحكومة، ويشير إلى أن السنة والشيعة يكافحون سويا ضد نظام بشار الأسد في جميع أنحاء سوريا الأمر الذي يدفع النظام للجوء إلى وسائل قاسية بهدف إخضاع الشعب. ووفقا لقناة الجزيرة فقد قام مرتكبو المجزرة بتقطيع جثث بعض الضحايا ووضعوا أجزاء منها في الحقول ومسجد القرية.
ميلشيات تحت طلب النظام
ولا يستبعد المحللون تورط ميلشيات الشبيحة في هذه المجزرة وفي مجازر سابقة. وتوضح الناطقة باسم لجان التنسيق الوطنية السورية رفيف جويجاتي طبيعة هذه الميلشيات المعروفة بقيامها بأعمال تخدم النظام وتقول إن أعضائها هم من تجار سلاح ومخدرات سابقين وأشخاص كانوا يعملون في تجارة الرقيق، كان معظمهم في السجون لكن تم الإفراج عنهم للقيام بأعمال تخدم النظام.
ويحصل الشبيحة على أجر يومي يختلف بشكل كبير من يوم لآخر. وعن هذا الأمر تقول جويجاتي إنه من غير المعروف القاعدة التي يتحدد على أساسها الأجر اليومي وما إذا كان يتغير وفقا لعدد الضحايا أو الاعتداءات التي يقوم بها الشبيحة. ولا تقتصر ميلشيات الشبيحة على طائفة بعينها بل إنها تعكس وفقا لجويجاتي، كافة أطياف المجتمع السوري وهم يتلقون أموالا طائلة ولذلك يحافظون على الوفاء للنظام.
انعدام فرص الحوار
ولا يغفل المحللون التكتيك الواضح لاسيما وراء توقيت وقوع هذه المجازر إذ يشير الموصلي إلى أن نشاط الميلشيات يزيد بشكل واضح قبل عقد اجتماعات مجلس الأمن مما يعني أن النظام يرغب في إرسال رسالتين؛ أولهما للمجتمع الدولي والثانية للداخل السوري الذي يرغب النظام في إشعاره بأنه قادر على فعل كل شيء رغم مساعي وضغوط المجتمع الدولي.
ولا ترى جويجاتي أي فرصة للحوار مع النظام السوري وتقول:"لا فرصة للمفاوضات ولا للحوار مع الأسد ورجاله لأن هذا سيكون معناه الحوار مع القتلة..سفكت الكثير من الدماء ولقي الكثير من الناس حتفهم كما جرى اعتقال الكثيرين وتعذيبهم في السجون".
وفي الوقت نفسه لا يرى المجلس الوطني السوري بديلا عن تنحي الأسد. ويقول الموصلي إن الوقت صار متأخرا جدا للحديث عن خيارات أخرى.
وتتشكك جويجاتي في جدوى مناشدة بعض الأطراف مجلس الأمن والمجتمع الدولي التدخل لوقف العنف ولا تتوقع إمكانية حل المشكلة بالطرق الدبلوماسية، مشيرة إلى أن هذه المجازر هي الرد الدائم الذي يلي إعراب الأسد عن استعداده لقبول مبادرات لحل الأزمة سواء كانت قادمة من الجامعة العربية أو من كوفي عنان. وتضيف:"الأمر ينتهي دائما بعملية قتل لمدنيين..لا أدري إن كان بوسعنا وضع آمال عريضة على الحل السياسي للأزمة".
كيرستن كنيب / ابتسام فوزي
مراجعة : عبده جميل المخلافي