متشددون وأتباع مخلصون .. ترامب يضع اللبنات الأولى لإدارته
١٢ نوفمبر ٢٠٢٤ستواجه الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب أوضاعا عالمية أكثر تقلبا وخطورة مما كانت عليه عندما تولى ترامب منصبه في عام 2017، وسط الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسطواصطفاف الصين بشكل أوثق مع عدوتي الولايات المتحدة روسيا وإيران.
وكان الرئيس السابع والأربعون المنتخب للولايات المتحدة البالغ 78 عاما قام الخميس الماضي بأول تعيين كبير له باختيار سوزي وايلز، كبيرة موظفي البيت الأبيض. وكانت وايلز مهندسة حملته الانتخابية الظافرة التي شهدت نيله تأييد 312 من كبار الناخبين في مقابل 226 لكامالا هاريس ويبدو أنه في طريقه للفوز بغالبية التصويت الشعبي أيضا.
وقالت مصادر الاثنين (11 نوفمبر/ تشرين الثاني) إن دونالد ترامب اختار السناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو (53 عاما) ليكون وزيرا للخارجية، مما يجعله أول لاتيني يتولى منصب كبير الدبلوماسيين في الولايات المتحدة بمجرد تولي الرئيس الجمهوري منصبه في يناير/ كانون الثاني المقبل.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز مساء أمس الاثنين نقلا عن ثلاثة أشخاص قولهم إن القرار ليس نهائيا، لكن يبدو أن ترامب استقر على اسم روبيو الذي كان على لائحة ترشيحات ترامب لمنصب نائب الرئيس.
ويشكل ترشيح ترامب لعضو الكونغرس المتشدد من أصول كوبية تحولا ملحوظا في العلاقة بين الرجلين. ففي عام 2016، تنافسا على نيل بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، وحينها وصف روبيو ترامب بأنه "محتال" و"الشخص الأكثر ابتذالا الذي طمح للرئاسة".
مؤيد لسياسة صارمة تجاه الصين
وتردد اسم روبيو باستمرار على مدار الأسبوع الماضي كواحد من المرشحين الأوفر حظا لقيادة الدبلوماسية الأمريكية، إلى جانب السفير السابق لدى ألمانيا ريك غرينيل. وعندما سئل الأسبوع الماضي إن كان يتوقع أن يشغل منصبا مهما في إدارة ترامب، قال روبيو لشبكة "سي ان ان" "أنا مهتم دائما بخدمة هذا البلد".
وروبيو بلا شك الخيار الأكثر تشددا ضمن قائمة صغيرة وضعها ترامب للمرشحين لمنصب وزير الخارجية، ودعا في السنوات الماضية إلى سياسة خارجية قوية مع أعداء الولايات المتحدة ومنهم الصين وإيران وكوبا.
لكن على مدى السنوات القليلة الماضية، خفف روبيو بعض مواقفه لتتماشى بشكل أكبر مع آراء ترامب. ورغم أن ترامب يمكنه دائما تغيير رأيه في اللحظة الأخيرة، فبدا وكأنه استقر على اختياره أمس الاثنين، وفقا للمصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لرويترز.
ويعد روبيو من أبرز الصقور المناهضين للصين في مجلس الشيوخ وفرضت عليه بكين عقوبات في عام 2020 بسبب موقفه المتعلق بهونج كونج بعد احتجاجات مطالبة بالديمقراطية.
وعام 2010 انتخب روبيو عضوا في مجلس الشيوخ بدعم من حزب الشاي الذي يضم جمهوريين متطرفين عادوا واندمجوا مع الحزب الجمهوري في أعقاب انتخاب باراك أوباما رئيسا.
ولم يستجب ممثلو ترامب وروبيو بعد لطلبات التعليق من رويترز.
"ليس في صف روسيا" لكن مع التفاوض
وستكون الأزمة الأوكرانية على رأس أجندة روبيو. وقال روبيو في مقابلات بالآونة الأخيرة إن أوكرانيابحاجة إلى السعي إلى تسوية عبر التفاوض مع روسيا بدلا من التركيز على استعادة كل الأراضي التي استولت عليها موسكو خلال العقد الماضي.
وكان أيضا واحدا من 15 جمهوريا في مجلس الشيوخ صوتوا ضد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا، والتي تم تمريرها في أبريل/ نيسان.
وقال روبيو لشبكة إن.بي.سي في سبتمبر أيلول الماضي "أنا لست في صف روسيا، لكن للأسف الواقع هو أن الطريقة التي ستنتهي بها الحرب في أوكرانيا هي التوصل إلى تسوية بالتفاوض".
واختيار روبيو لتولي دور سياسي رئيسي قد يساعد ترامب في تعزيز المكاسب بين اللاتينيين وإظهار أن لديهم مكانا على أعلى المستويات في إدارته.
ولد روبيو لأبوين مهاجرين كوبيين في ميامي ودرس العلوم السياسية في جامعة فلوريدا التي تخرج منها عام 1993، وكان جده قد فرّ من كوبا في عام 1962، ووزير الخارجية المحتمل هو معارض صريح لتطبيع العلاقات مع الحكومة الكوبية، وهو الموقف الذي يوافقه فيه ترامب.
اختيار لي زيلدين .. تخفيف لقواعد حماية البيئية؟
واختار الرئيس الأمريكي المنتخب النائب الجمهوري السابق لي زيلدين لقيادة وكالة حماية البيئة، حسبما أعلن ترامب يوم الاثنين. وقال ترامب في بيان إن زيلدين "سيضمن اتخاذ قرارات تنظيمية عادلة وسريعة"، مضيفا أن هذه القرارات "ستنفذ بطريقة تطلق العنان لقوة الأعمال الأمريكية، مع الحفاظ في الوقت نفسه على أعلى المعايير البيئية، بما في ذلك الهواء والماء الأنظف على كوكب الأرض".
وأكد ترامب أن زيلدين "سيضع معايير جديدة لمراجعة وصيانة البيئة، مما سيسمح للولايات المتحدة بالنمو بشكل صحي ومنظم".
وكتب زيلدين على منصة التواصل الاجتماعي (إكس) أن الانضمام إلى حكومة ترامب هو شرف كبير. وأضاف: "سنعيد الهيمنة الأمريكية في مجال الطاقة، ونعزز صناعة السيارات لاستعادة الوظائف الأمريكية، ونجعل الولايات المتحدة رائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، وسنفعل ذلك مع حماية الوصول إلى هواء وماء نظيفين".
وأفادت وسائل الإعلام الأمريكية بأن زيلدين ( 44 عاما) لا ينظر إليه على أنه يمتلك خبرة كبيرة في السياسة البيئية، ولكن بالنظر إلى تصريحات ترامب، يتوقع أن يقوم بتخفيف اللوائح التنظيمية.
وفي أعقاب فوزه الأول في الانتخابات عام 2016، أمر ترامب بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ. ووفقا لتقرير لصحيفة نيويورك تايمز نشر خلال عطلة نهاية الأسبوع، يخطط ترمب الآن مرة أخرى للانسحاب من اتفاقية باريس، ونقل مقر وكالة حماية البيئة بعيدا عن واشنطن، وتقليص حجم المحميات الطبيعية لتمهيد الطريق للتنقيب عن النفط وتعدين الفحم.
مايك والتز مستشارا للأمن القومي
وطلب ترامب من النائب الأمريكي مايكل والتز، وهو ضابط متقاعد من الحرس الوطني للجيش ومن قدامى المحاربين، أن يكون مستشاره للأمن القومي، وفقا لما ذكره شخص مطلع على الأمر يوم الإثنين. وتحدث المصدر بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة الأمر قبل أن يصدر ترامب إعلانا رسميا. ويضع هذا التعيين والتز في طليعة مجموعة من الأزمات الأمنية الوطنية، بدءا من الجهود المستمرة لتزويد أوكرانيا بالأسلحة، والقلق المتزايد بشأن التحالف المتنامي بين روسيا وكوريا الشمالية، إلى الهجمات المستمرة في الشرق الأوسط من قبل وكلاء إيران، والدفع نحو وقف إطلاق النار بين إسرائيل وكل من حماس وحزب الله.
ومستشار الأمن القومي هو دور قوي لا يتطلب موافقة مجلس الشيوخ. وسيكون والتز مسؤولا عن إطلاع ترامب على القضايا الرئيسية المتعلقة بالأمن القومي والتنسيق مع الأجهزة المختلفة.
وفي حين انتقد إدارة الرئيس جو بايدن بسبب الانسحاب الكارثي من أفغانستان في عام 2021، أشاد والتز علنا بآراء ترامب في السياسة الخارجية.
ويتمتع والتز بتاريخ طويل في الدوائر السياسية في واشنطن.
ويشارك والتز أيضا في فرقة عمل الجمهوريين الخاصة بشؤون الصين، ويقول إن الجيش الأمريكي ليس مستعدا كما ينبغي إذا ما نشب صراع في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال والتز إن آراءه تطورت. فبعد غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022، دعا إدارة بايدن إلى توفير المزيد من الأسلحة لكييف لمساعدتها في صد القوات الروسية. لكن خلال حدث الشهر الماضي، قال والتز إنه لا بد من إعادة تقييم أهداف الولايات المتحدة في أوكرانيا.
كريستي نويم وزيرة للأمن الداخلي
ونقلت شبكة سي.إن.إن الإخبارية عن مصدرين اليوم الثلاثاء (12 نوفمبر/ تشرين الثاني) أن دونالد ترامب اختار حاكمة ولاية ساوث داكوتا كريستي نويم لتولي حقيبة الأمن الداخلي في الإدارة الأمريكية الجديدة.
مهندس ترحيل المهاجرين غير القانونيين
وأعلن دونالد ترامب كذلك تكليف ملف الهجرة غير النظامية عند الحدود الساخن جدا، إلى توم هومان وهو من المتشددين. وسيكون هومان مكلفا تطبيق وعد المرشح الجمهوري تنفيذ أكبر عملية طرد لمهاجرين يقيمون بطريقة غير قانونية في تاريخ الولايات المتحدة.
كذلك يتوقع أن يعين ترامب، ستيفن ميلر أحد كبار مستشاريه منذ حملته الانتخابية الظافرة الأولى، في منصب مساعد مدير مكتبه. وأبدى دونالد ترامب عزمه الالتفاف على إجراءات التثبيت الطويلة من جانب مجلس الشيوخ مع أن الجمهوريين سيطروا على المجلس.
ستيفانيك سفيرة لأمريكا لدى الأمم المتحدة
وقال الرئيس الأمريكي المنتخب أمس الاثنين إنه اختار النائبة المنتمية للحزب الجمهوري إليس ستيفانيك لتشغل منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة.
وذكر ترامب في بيان "يشرفني أن أرشح... إليس ستيفانيك للعمل في حكومتي سفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. إليس مقاتلة قوية للغاية وذكية من أجل أمريكا أولا".
وستيفانيك (40 عاما) نائبة عن نيويورك ورئيسة الكتلة الجمهورية في مجلس النواب، وهي حليفة قوية لترامب وتلقت تعليمها في جامعة هارفارد.
وقالت في منشور على منصة إكس إنها قبلت الترشيح.
ويحتاج ترشيح ستيفانيك إلى موافقة مجلس الشيوخ الذي من المتوقع أن يوافق على الأمر بعد أن استعاد الجمهوريون السيطرة على المجلس في انتخابات الأسبوع الماضي.
وهنأ السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون ستيفانيك على ترشيحها. وقال في منشور على إكس "في الوقت الذي تملأ فيه الكراهية والأكاذيب أروقة الأمم المتحدة، هناك حاجة إلى وضوحك الأخلاقي الثابت أكثر من أي وقت مضى. أتمنى لك النجاح في الوقوف بثبات من أجل الحقيقة والعدالة".
ويعقد ترامب اجتماعات مع المرشحين المحتملين للمناصب في إدارته قبل تنصيبه رئيسا في 20 يناير/ كانون الثاني.
ص.ش/ح.ز (رويترز، أ ف ب، د ب أ، أ ب)