GTZ -Algerien
١٠ نوفمبر ٢٠٠٨أقامت الوكالة الألمانية للتعاون الفني GTZ بالعاصمة الجزائرية "أسبوعا بيئيا" للتعريف بكيفية الحفاظ على البيئة في ظل التغيرات المناخية الخطيرة التي يشهدها العالم. كما ركزت فعاليات هذا الأسبوع على كيفية إشراك المجتمع المدني في الحفاظ على مدخلات النظام البيئي لكوكبنا الأزرق. وفي إطار هذا التجربة البيئية الفريدة والتي انطلقت فعالياتها في بحر هذا الأسبوع وقع اختيار الوكالة الألمانية على الأئمة والمساجد لتكون منابر للحفاظ على البيئة وزيادة الوعي بحجم المشكلة التي تحدق بالنظام البيئي العالمي، وخاصة ظاهرة التغير المناخي.
الأئمة دعاة للأمن البيئي
وفي هذا السياق أوضحت ألفيرا غنتر من مكتب التعاون الثقافي التابع للوكالة الألمانية للتعاون الفني أن سبب اختيار المساجد لهذه الحملة يعود إلى كون مبادئ الإسلام تدعو للحفاظ على مقومات الحياة كالماء والهواء، بالإضافة إلى دعوة الإسلام القوية للحفاظ على نظافة المحيط.
وإدراكا منها بأهمية "دور الدين الإسلامي" في الحفاظ على البيئة أقامت وكالة GTZ دورة تدريبية لمدة أسبوعين لأكثر من 20 إماما تركزت على المناهج الحديثة للاتصال والتأثير والتعريف بالآثار الاقتصادية والاجتماعية للتغير المناخي. كما ركزت هذه الدورة التأهيلية على كيفية إشراك الفرد في الحفاظ على البيئة ابتداء من المنزل عن طريق الاقتصاد في استهلاك الماء والكهرباء والغاز وانتهاء بالحفاظ على المظهر الخارجي للمدينة.
وقد سمحت هذه الدورة للأئمة المشاركين، كما أكد السيد موسى عبد اللاوي مدير الشؤون الدينية والأوقاف لولاية عنابة الجزائرية، باكتساب الخبرة في كيفية توظيف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتحدث عن البيئة والحفاظ عليها في عملية خلق وعي بيئي لدى السكان.
تجربة عملية من المسجد
وكشاهد عملي على دور المسجد في التعريف بظاهرة التغير المناخي العالمي والدعوة إلى بيئة نظيفة وآمنة تأتي تجربة الإمام الشيخ أحمد بوزيدي إمام وخطيب أحد مساجد مدينة عنابة الجزائرية، والذي بدأ بإلقاء خطب ودروس دينية تتناول ضرورة الحفاظ على البيئة والمحيط. وقد ضمّن هذه الخطب آيات قرآنية وأحاديث نبوية تتعلق بالشؤون البيئية، كما تم استثمار الموروث الثقافي لإيصال رسالة التوعية للمصلين. وبعد ذلك انتقل إلى العمل الميداني، حيث أقام أنشطة تطوعية لتنظيف المدينة، وذلك بعدم من الوكالة الألمانية للتعاون الفني التي قدمت كل الإمكانيات المادية لإنجاح هذا العمل.
وقد لقيت هذا التجربة إعجاب المجتمع المحلي، حيث وصفت هذه التجربة بالناجحة والرائدة، إذ ساهمت في خلق وعي بيئي من شأنه أن يساهم ولو بدرجة قليلة في الحفاظ على عالمنا الذي بات مهددا بفعل التغيرات المناخية.
تداعيات التغير المناخي
ويأتي هذا الأسبوع البيئي أيضا ليقدم صورة حقيقية للتغيرات المناخية التي أخذت تطال البلدان المغاربية والتي ظل الإنسان العادي يظن لفترة طويلة بأنه بمنأى عنها. وفي هذا السياق أوضحت الدراسة التي قدمتها الباحثة الألمانية أنابالا هودغيت من معهد أبحاث التنمية والسلم بدوسبورغ وذلك ضمن فعاليات هذا "الأسبوع البيئي" إلى أن آثار التغير المناخي بدأت تضرب بلدان العالم العربي لاسيما شمال إفريقيا وسيكون لها تبعات اقتصادية واجتماعية كبيرة. وفي هذا السياق أشارت الدراسة إلى أن ارتفاع درجة حرارة الأرض ما بين 2. 2 درجة إلى 5 درجات مئوية سيقابله انخفاض في نسبة المياه الموجودة في المنطقة ما بين 4 في المائة و 27 في المائة وهذا ما سيزيد من حدة موجة الجفاف التي بدأت تضرب المنطقة.
ظاهرة التصحر
وكمؤشر آخر على تداعيات التغير المناخي أشارت الدراسة الألمانية والتي اعتمدت على إحصائيات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إلى أن النقص الحاد في نسب المياه في منطقة المغرب العربي ستدفع بالإنتاج الزراعي في المغرب، على سبيل المثال، إلى التراجع بنسبة تتراوح ما بين 10 و 50 في المائة، بالإضافة إلى استفحال ظاهرة التصحر التي أخذت تهدد المناطق الزراعية .
وأما في الجزائر فقد أوضحت الباحثة الألمانية في دراستها أن 60 في المائة من الأراضي الزراعية مهددة بالتصحر وهذا ما يمس مصدر عيش أكثر من مليوني شخص في المنطقة، ما سيدفع بالسكان إلى الهجرة والبحث عن مصادر دخل أخرى بعيدا عن المجال الزراعي.